الحوثي يتوسل اعترافاً دولياً بجماعته ويبرر مبايعته لخامنئي

زعيم الانقلابيين تحدث عن 70 اتفاقية «ستفعلها» الميليشيات مع طهران

TT

الحوثي يتوسل اعترافاً دولياً بجماعته ويبرر مبايعته لخامنئي

ظهر زعيم الميليشيات الحوثية عبد الملك الحوثي، أمس في خطاب جديد، توسل فيه المجتمع الدولي والإقليمي الاعتراف بالحكم الانقلابي لجماعته، كما برر ما أقدم عليه أخيرا من تقديم البيعة للمرشد الإيراني علي خامنئي.
وركز زعيم الجماعة التي يصفها تحالف دعم الشرعية في اليمن بـ«الإرهابية» في معظم بياناته، على تباهيه باستهداف ميليشياته الأراضي السعودية بالطائرات المسيرة المفخخة والصواريخ، مستدلا بالعملية الإرهابية التي استهدفت حقل الشيبة السعودي أمس، ولم تسفر عن أي أضرار وفقا للتصريحات الرسمية السعودية.
وجاء خطاب زعيم الميليشيات في الوقت الذي ما تزال فيه زيارة وفد الجماعة برئاسة المتحدث باسمها وزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام الشهير بـ«فليتة» مستمرة في طهران، حيث شرعت الأخيرة في تقديم الجماعة إلى الأوساط الدبلوماسية الأوروبية باعتبارها إحدى أذرعها الإرهابية في المنطقة.
ورجح مراقبون يمنيون أن حرص طهران على تقديم الميليشيات للأوساط الأوروبية الدبلوماسية يحمل رسائل للغرب توظفها طهران وتلمح إلى قدرتها على استهداف المصالح الدولية كافة وليس في هرمز وحسب ولكن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب عبر وكلائها الحوثيين، فضلا عن أنها ترسل الرسائل بأن الحوثيين بين يديها وتضرب لهم في ذلك الاجتماع مثلا. وبرر زعيم الميليشيات الحوثية في خطابه تقديمه البيعة للمرشد الإيراني، على اعتبار أن طهران هي الدولة الوحيدة المتضامنة مع جماعته، كما زعم أن زيارة الوفد هدفها استعادة العلاقات، مدعيا أن هناك 70 اتفاقية مع طهران ستقوم جماعته بتفعيلها.
وأعلنت المصادر الرسمية للجماعة أمس عن أن وفدها برئاسة فليتة حضر اجتماعا ثلاثيا في مقر وزارة الخارجية الإيرانية ضم سفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا لدى إيران إضافة إلى مسؤولين إيرانيين.
وزعمت مصادر الجماعة أن وفدها بحث في الاجتماع القضايا المتعلقة بالشأن اليمني والمنطقة عموما حيث أكد اللقاء على «دعم التسوية السياسية والحل السياسي الشامل باعتباره المخرج الوحيد للحرب في اليمن، وضرورة تكثيف الجهود لدعم النشاط الإنساني وتقديم المساعدات للشعب اليمني والتعاطي الإيجابي مع كافة المبادرات والمقترحات لدعم اتفاق ستوكهولم». وكان وفد الميليشيات التقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قبل أن يلتقي المرشد الإيراني علي خامنئي ويقدم له رسالة «البيعة الحوثية» من زعيم الجماعة وفق ما أفاد به الموقع الرسمي للمرشد.
ونقل الموقع عن فليته أنه خاطب خامنئي بقوله «نحن نعتبر أن ولايتكم امتدادٌ لنهج رسول الإسلام وولاية أمير المؤمنين وننظر إلى مواقفكم الحيدريّة والعلويّة الداعمة لشعب اليمن المظلوم على أنها امتداد لنهج الإمام الخميني وتحمل البركة وتضخّ دعماً معنويّاً كبيراً».
ونسب الموقع إلى خامنئي قوله «إن الحفاظ على تلاحم اليمن يحتاج عقد حوار يمنيّ - يمني نظراً لتنوّع العقائد الدينية والقوميات المتعدّدة في هذا البلد». وهي العبارة التي عبر ناشطون يمنيون عن رفضها لجهة «أن اليمن ليس متعدد القوميات ولا العقائد» كما يحاول المرشد الإيراني أن يرسخ ذلك في العقلية الحوثية. وكان لافتا ما نقله الموقع عن إشادة خامنئي بالحوثي وشقيقه حسين الحوثي مؤسس الجماعة وبوالده بدر الدين وبقية أشقائه، واصفا إياهم بـ«الأسرة المجاهدة».
وأفاد الموقع بأن خامنئي تسلم رسالة من عبد الملك الحوثي ونقل عن الأول بأنه يعزي الأخير بمقتل شقيقه إبراهيم بدر الدين الحوثي، وأنه قال للمتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام، إن الحرب التي يخوضها الحوثيون منذ 5 سنوات ستؤدي إلى «تشكيل حكومة قوية»، وتحمل في إطارها «تقدماً» لليمنيين. بحسب زعمه.
وفي خطابه أمس، توسل زعيم الميليشيات المجتمع الدولي الاعتراف بجماعته على غرار ما تفعله إيران داعيا إلى إعادة السفارات إلى صنعاء وتفعيل العلاقات الدبلوماسية مع جماعته باعتبارها هي الحاكم الشرعي لليمن وليست الحكومة الشرعية التي قال إنها «لا شرعية» لها.
وفي حين حاول الحوثي المساومة بوقف الصواريخ والهجمات المسيرة بالطائرات الإيرانية على الأراضي السعودية، مقابل أن يتوقف التحالف عن دعم الشرعية، زعم أن إيران ستعيد التمثيل الدبلوماسي مع جماعته في صنعاء. وقلل زعيم الميليشيات من وقع مصرع شقيقه إبراهيم الحوثي قبل أسبوع في صنعاء على يد مجهولين، في إحدى الشقق السكنية في حي حدة جنوب العاصمة، زاعما أنه لم يكن لديه حراس، وأنه «لم يكن يتحرك بحماية أمنية وكان يتحرك بأنشطة ذات طابع خيري واجتماعي». ورجح مراقبون أن زيارة الوفد الحوثي لإيران إضافة إلى تقديم البيعة للمرشد رسميا، تسعى إلى استجلاب المزيد من الدعم بالأسلحة التي تهربها إيران عبر أذرعها في المنطقة إلى الميليشيات الحوثية.
وكان القيادي البارز في الجماعة محمد علي الحوثي، طلب في تغريدة على «تويتر» من المتحدث باسم الجماعة محمد فليتة، عدم إبرام اتفاق علني مع إيران، ومحاولة الضغط للحصول على أموال إيرانية لدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الجماعة.
وقال «إذا كان لدى الأجهزة الرسمية الإيرانية القناعة التامة بدعمنا فنتمنى أن يكون في الجانب الإنساني وعلى رأس هذا الجانب مرتبات الموظفين الشهرية وبإمكان الحكومة أن تخصص الوسيط لهذا الجانب الأمم المتحدة». وقرأ مراقبون يمنيون في تغريدة «الحوثي» أنها من باب «ذر الرماد في العيون» في مسعى لصرف الأنظار عن الدعم الإيراني المستمر للجماعة بالأسلحة والخبراء والتقنية والنفط المهرب.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.