«داعش» يسعى لاستقطاب عناصر «طالبان» بعد اتفاق السلام

مواجهات ومعارك تسفر عن مقتل عشرات المسلحين

«داعش» يسعى لاستقطاب عناصر «طالبان» بعد اتفاق السلام
TT

«داعش» يسعى لاستقطاب عناصر «طالبان» بعد اتفاق السلام

«داعش» يسعى لاستقطاب عناصر «طالبان» بعد اتفاق السلام

من المتوقع أن يبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب سلسلة اجتماعات أمنية مع كبار مساعديه والمسؤولين العسكريين الأميركان، من أجل البحث في اتفاق سلام بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان»، وذلك بعدما أنهى المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد الجولة الثامنة من المفاوضات مع «طالبان». وتوجه خليل زاد إلى واشنطن لإطلاع المسؤولين الأميركان على نتائج ما تم التوصل إليه خلال جولات المفاوضات، بينما قال مسؤول أميركي رفيع المستوى لقناة «سي إن إن» الأميركية، إن الرئيس دونالد ترمب سيلتقي وزير الدفاع مارك إسبر، ووزير الخارجية مايك بومبيو، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دنفورد، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، في منتجع ترمب في بدمنستر.
وتوقع مسؤولون أميركيون أن تسفر محادثات زلماي خليل زاد والاتفاق المزمع توقيعه مع «طالبان»، عن سحب جزء كبير من القوات الأميركية من أفغانستان، يصل إلى ما بين ثمانية إلى تسعة آلاف جندي، بعد أن اطمأنت الولايات المتحدة إلى وعود «طالبان» بعدم السماح باستخدام «طالبان» من قبل جماعات مسلحة، منطلقاً لعمليات ضد الولايات المتحدة.
ومن المتوقع عودة زلماي خليل زاد إلى الدوحة خلال أيام، بعد مناقشة المسؤولين في الخارجية الأميركية والبيت الأبيض ما تم التوصل إليه من نقاط مع «طالبان». وتوقعت مصادر أميركية عودة زلماي خليل زاد بعد التاسع عشر من الشهر الجاري إلى الدوحة.
في غضون ذلك، قالت الحكومة الأفغانية إن قواتها قتلت 16 من مسلحي «طالبان» في ولايتي لوغر وغزني جنوب العاصمة كابل.
وقال بيان صادر عن «فيلق الرعد» في الجيش الأفغاني، إن القوات الخاصة في الفيلق قتلت أحد عشر مسلحاً من «طالبان» في مديرية شرخ في ولاية لوغر، ودمرت مخزناً للأسلحة فيه أكثر من أربعين لغماً، أعدتها «طالبان» لاستخدامها ضد القوات الحكومية.
وأضاف بيان «فيلق الرعد» أن سلاح الجو الأفغاني شن غارات على قواعد لـ«طالبان» في مديرية قره باغ في ولاية غزني، أسفرت عن مقتل اثنين من قوات «طالبان» وجرحت ثلاثة.
وقالت حركة «طالبان» في بيان لها إن 18 جندياً حكومياً انضموا لقوات «طالبان»، وحسب بيان للحركة فإن ثمانية جنود انضموا لقوات «طالبان» في ولاية بدخشان شمال شرقي أفغانستان، بينما انضم عشرة جنود آخرين لقوات «طالبان» في مكان آخر، كما أطلقت قوات «طالبان» سراح 43 من الجنود الحكوميين الأسرى لديها، في ولاية قندوز شمال أفغانستان، كبادرة حسن نية بمناسبة عيد الأضحى. وقدمت قوات «طالبان» ملابس وهدايا للجنود المطلق سراحهم.
واتهمت قوات «طالبان» القوات الحكومية والأميركية في أفغانستان بالتسبب في مقتل تسعة مدنيين، وجرح 12 مدنياً في قصف على منطقة سيد آباد في ولاية وردك غرب العاصمة كابل. وحسب بيان للحركة، فإن قصفاً جوياً أميركياً بطائرة «درون» أدى إلى مقتل اثنين من الفلاحين في ولاية وردك جنوب العاصمة كابل. كما أدى هجوم مشترك للقوات الأميركية والأفغانية في ولاية ننجرهار إلى تدمير مسجد في مديرية خوكياني في ولاية ننجرهار. كما لقي ثلاثة أطفال في مديرية تاغاب في ولاية كابيسا مصرعهم، في قصف مدفعي من القوات الحكومية على أحد المجمعات السكنية في المديرية. وقال شهود عيان إن الفلاحين في المنطقة خرجوا إلى الشوارع ضد القوات الحكومية والأميركية، ما أدى إلى مقتل ثلاثة منهم وجرح اثنين.
وكانت قوات «طالبان» قد أعلنت مقتل ثمانية من قوات الحكومة وجرح خمسة في اشتباكات في مديرية وازي جدران بولاية بكتيا شرق أفغانستان، بينما قتل ثلاثة جنود حكوميين آخرين وجرح رابع في مديرية زرمت في الولاية نفسها.
وشهدت ولاية خوست شرق أفغانستان اشتباكات بين قوات الحكومة وقوات «طالبان»، أسفرت عن مقتل جندي وجرح اثنين من القوات الحكومية، بعد انفجار لغم أرضي زرعته قوات «طالبان» في دورية كانوا يستقلونها، بينما قتل ثلاثة جنود في منطقة قلندر في الولاية نفسها. كما شهدت ولاية لوغر جنوب العاصمة اشتباكات بين قوات الحكومة وقوات «طالبان» بعد مهاجمة قوات «طالبان» وحدة للميليشيا الحكومية في منطقة محمد أغا، أسفرت عن مقتل ثمانية جنود وجرح اثنين.
في غضون ذلك، قال مسؤول في مجلس ولاية ننجرهار شرق أفغانستان، إن توقيع «طالبان» اتفاق سلام مع القوات الأميركية لسحب القوات الأجنبية من أفغانستان، قد يدفع بعض مقاتلي «طالبان» المتشددين إلى أحضان تنظيم «داعش» ولاية خراسان، لرفضهم مثل هكذا اتفاقيات.
ونقلت وكالة «رويترز» عن سهراب قادري عضو المجلس المحلي في إقليم ننجرهار المتاخم لباكستان، مشيراً لتنظيم «داعش»: «هذه فرصة كبيرة لـ(داعش) لتجنيد مقاتلين من (طالبان)، وما من شك في أن مقاتلين كثيرين من (طالبان) سينضمون إليه عن طيب خاطر». ولن يشارك المتشددون من أعضاء تنظيم «داعش» في الاتفاق بين الولايات المتحدة و«طالبان». ويحارب مقاتلو التنظيم القوات الحكومية وقوات «طالبان»، وسبق أن نفذوا بعضاً من أكثر الهجمات دموية في مراكز عمرانية.
ولبعض أفراد «طالبان» سيمثل تنظيم «داعش» فرصة لمواصلة «الجهاد» على من يرون أنهم كفار، وعلى أنصارهم. ومن المحتمل أيضاً أن يصبح التنظيم ملاذاً في عيون آخرين، ممن يخشون الانتقام منهم إذا ما حاولوا الاندماج في المجتمع. وقال قادري عن رجال «طالبان»: «قاتلوا وقُتِلوا وعليهم ثأر... مقاتلون كثيرون لن يشعروا بالأمان في العودة للحياة العادية». بينما قال متحدث باسم الرئيس أشرف غني، إن القوة المتنامية لـ«داعش» وجاذبيتها لبعض رجال «طالبان» مصدر قلق رئيسي. وأضاف المتحدث صديق صديقي: «إن أغلب رجال (داعش) من رجال (طالبان) السابقين، ومن المحتمل أن ينضم إليه بعض من (طالبان)».
غير أن مولوي جمال القائد في «طالبان» في ولاية فراه، اتصلت به وكالة «رويترز»، فرفض إمكانية انشقاق قوات «طالبان» بالقول: «قيادة (طالبان) تتمتع بسيطرة كافية على مقاتليها في إصدار الأوامر لهم وطاعتهم لها». إلا أن الوكالة نقلت عن مقاتل من «طالبان» في إقليم كونار الشرقي قوله، إنه ليس أمامه خيار سوى الانضمام لـ«داعش»، وإنه يعتقد أن آخرين سيفعلون ذلك أيضاً.
وقال عضو كبير سابق في «طالبان» انشق على الحركة وانضم للحكومة، إن بعض المقاتلين ربما يُدفعون دفعاً عن غير قصد إلى أحضان تنظيم «داعش»، إذا لم تعمل الحكومة على إعادة تأهيلهم على النحو السليم.


مقالات ذات صلة

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.