تغريدة لترمب تمنع مشرعتين أميركيتين من زيارة القدس ورام الله

تل أبيب تتراجع عن موافقة سابقة بعد مخاوف من «الاستفزازات»

TT

تغريدة لترمب تمنع مشرعتين أميركيتين من زيارة القدس ورام الله

قررت إسرائيل منع رشيدة طليب وإلهان عمر من الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي من الدخول إلى الأراضي الفلسطينية وزيارة القدس، عقب تغريدة للرئيس الأميركي تحث تل أبيب على ذلك.
وفي خطوة غير عادية ومستغرَبة من رئيس أميركي تجاه أعضاء معارضين في مجلس النواب، حثَّ الرئيس دونالد ترمب، إسرائيل، أمس، على عدم السماح للنائبتين من الحزب الديمقراطي، إلهان عمر ورشيدة طليب، بدخول أراضيها أو السماح لهن بزيارة الأراضي الفلسطينية.
وقال في تغريدة له: «سيكون ضعفاً كبيراً إذا سمحت إسرائيل للنائبة عمر والنائبة طليب بالقيام بالزيارة. هما تكرهان إسرائيل وكل الشعب اليهودي، ولا يوجد شيء يمكن قوله أو فعله لتغيير رأيهما. ستواجه مينيسوتا وميشيغان وقتاً عصيباً في إعادتهما إلى السلطة. إنها وصمة عار!».
واعتبرت تغريدة ترمب خطوة غير عادية للتأثير على دولة حليفة للولايات المتحدة، ومعاقبة خصومه السياسيين في الداخل.
وقال تقرير لـ«القناة 12»، أمس (الخميس)، إن إسرائيل قررت منع عضوتي الكونغرس إلهان عمر ورشيدة طليب من دخول البلاد، عقب مناقشات حادة في هذا الشأن في مكتب رئيس الوزراء. وذكر التقرير أنه تمت صياغة قرار نهائي وتمريره لإدخال تنقيحات عليه قبل الإعلان عن الخطوة.
وورد أن سبب القرار هو مخاوف إسرائيلية من احتمال قيام النائبتين «باستفزازات والترويج لحركة BDS»، في إشارة إلى حركة المقاطعة المناهضة لإسرائيل، إضافة إلى مخاوف من توترات أثناء زيارة المسجد الأقصى. وأكدت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي تسيبي حتوفيلي منع طليب وعمر من دخول إسرائيل.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن «الدولة التي تحترم نفسها، لا تسمح للذين يناضلون ضد وجودها بدخول حدودها، ومواصلة التحريض عليها».
وكان من المتوقَّع أن تصل عمر وطليب بعد غدٍ (الأحد) إلى مطار بن غوريون الدولي، على أن تقوما بجولة في الضفة الغربية برعاية جزئية من منظمة ترأسها النائبة الفلسطينية وعضو الوفد المفاوض حنان عشراوي. وخططت النائبتان لزيارة مدن الخليل ورام الله وبيت لحم في الضفة الغربية، إضافة للقدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل، بما في ذلك زيارة المسجد الأقصى.
وبحسب البرنامج الذي أعلنته النائبتان، كان من المقرر أن تغادرا في 22 أغسطس (آب)، لكن طليب كانت ترغب في تمديد إقامتها لزيارة أقاربها في الضفة الغربية.
وكانت الخارجية الإسرائيلية والسفارة الأميركية في القدس قد أفادتا بأنه لم يتم التنسيق معهما للزيارة وأنه لم يتم ترتيب لقاءات رسمية مع أي مسؤول إسرائيلي.
تجدر الإشارة إلى أنه لا يستطيع أي شخص من الخارج الوصول إلى الأراضي الفلسطينية إلا عبر مطار بن غوريون الإسرائيلي، أو جسر اللنبي الإسرائيلي على الحدود مع الأردن.
وطليب وعمر هما أول امرأتين مسلمتين تُنتخبان للكونغرس، وهما من الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي، وتدعمان حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل، وهي حركة مؤيدة للفلسطينيين.
واستند وزير الداخلية الإسرائيلية في قراره إلى القانون الإسرائيلي الذي يمنع دخول داعمي المقاطعة لإسرائيل.
وكانت إسرائيل سنّت قانوناً مثيراً للجدل في 2017 يمكّنها أن تمنع أي أجنبي «يوجِّه عن دراية دعوة عامة لمقاطعة إسرائيل»، من دخول أراضيها. لكن وزارة الخارجية أوصت باستثناء سياسيين ومسؤولين حكوميين من القانون خشية حدوث تداعيات دبلوماسية.
والشهر الماضي فقط، قدمت عمر مشروع قانون يضمن حق الأميركيين في المشاركة في حملات مقاطعة باعتبار أن حرية التعبير تضمن لهم ذلك. ويحظى مشروع عمر حتى الآن بدعم النائبين طليب وجون لويس (جورجيا)، الذي يُعتبر أيقونة في حركة الحقوق المدنية الأميركية.
وتقول عمر وطليب، وغيرهما من مؤيدي BDS (حركة المقاطعة) إنهم عند حثهم الشركات والفنانين والجامعات على قطع العلاقات مع إسرائيل، فهم يستخدمون وسائل سلمية لمعارضة السياسات الظالمة تجاه الفلسطينيين.
وبسبب موقف ترمب ومواقف كل من طليب وعمر، عاشت إسرائيل فترة استنفار للتعامل مع الموقف. وبداية أخذت إسرائيل قراراً بالسماح لهم بالزيارة، وقال السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة رون ديرمر، إنه سيتم السماح لهما بالدخول احتراماً للكونغرس الأميركي والعلاقات الأميركية - الإسرائيلية، ثم ثار نقاش حاد حول برنامج الزيارة ومواقف كل منهما.
وحتى صباح الثلاثاء، كان يُفترض أن إسرائيل لن تحظر دخول عضوي الكونغرس احتراماً للولايات المتحدة، وذلك رغم أن ترمب انتقد قرار إسرائيل بالسماح لعمر وطليب بزيارتها. وقبل اتخاذ قرار نهائي تباحث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع وزير الداخلية أرييه درعي، ووزير الخارجية يسرائيل كاتس، وزير الأمن العام والشؤون الاستراتيجية جلعاد أردان، ومستشار الأمن القومي مئير بن شبات، والمستشار القضائي أفيخاي ماندلبليت.
لكن التغير في الموقف في إسرائيل جاء بعدما اتضح للمسؤولين هناك أن المشرعتين الأميركتين من أصول عربية تركزان في زيارتهما على السلطة الفلسطينية. وكان ثمة اتجاه واضح لحظر الزيارة المخططة بصورتها الحالية كما قال مسؤول إسرائيلي.
وإضافة إلى اللقاء الذي ترأسه نتنياهو، عُقد «لقاء سري» حول المسألة في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، بقيادة نائب مستشار الأمن القومي رؤوفن عازار. وعبر عازار عن مخاوف من أن هناك احتمالاً كبيراً بأن تسعى عمر وطليب المسلمتان، إلى زيارة المسجد الأقصى.
ووافق المشاركون في اللقاء أنه إذا حدث ذلك فمن المهم أن ترفض إسرائيل مرافقة مسؤولين من السلطة الفلسطينية الزيارة، لتفويت الفرصة على المشرعتين الأميركيتين بتقديم «دعم رمزي لادعاءات الفلسطينيين بالسيادة في الموقع، أقدس الأماكن لدى اليهود، وثالث أقدسها لدى المسلمين». وأنهى عيزر الجلسة، وقال إن «الهدف المفضل بشكل أساسي هو ألا تزورا إسرائيل». وأضاف أنهما في حال وصلتا للزيارة فإن الهدف سيكون «التقليل إلى الحد الأدنى من الأضرار أمام النظام الأميركي والضرر الإعلامي».
ومن المتوقَّع أن يطلق القرار الإسرائيلي معركة جديدة مع الديمقراطيين. وكانت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أكدت أن الديمقراطيين في الكونغرس يستعدون بهدوء لخوض معركة جديدة مع رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد أن أبلغت حكومته زعيمة قادة الكونغرس بأنها يمكن أن تعلن رسمياً رفض زيارة طليب وعمر. وحذر قادة الديمقراطيين وبعض المجموعات الأميركية المؤيدة لإسرائيل، من منع أعضاء حاليين في الكونغرس دخول إسرائيل بسبب معتقداتهم السياسية.
وقالت القناة الإسرائيلية الثانية إن رؤساء الحزب الديمقراطي أوضحوا لمسؤولين إسرائيليين أنه في حال تم منع زيارة عمر وطليب، سيكون هذا تجاوزاً للخط الأحمر مع الحزب، الذي تأثر أيضاً من الدعم الثابت لرئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للرئيس ترمب.
وتعود جذور طليب (43 عاماً) المولودة في الولايات المتحدة لقرية بيت عور الفوقا في الضفة الغربية. وتعود أصول إلهان عمر إلى الصومال التي هاجرت منها وهي طفلة للولايات المتحدة. وتدعم عمر حل الدولتين وتدعم طليب صيغة الدولة الواحدة.



​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كان الصياد اليمني محمد يحصل بسهولة على رزقه اليومي، وتوفير احتياجات أسرته الغذائية، حيث يذهب إلى البحر في سواحل محافظة شبوة الواقعة إلى الشرق من مدينة عدن، لكن هذا الأمر أصبح صعباً بعد أن اضطر للجلوس بجوار طفله الذي أصيب بالكوليرا.

تعلّم محمد الصيد في سن مبكرة، وورث معرفة البحر من أسلافه، ويُكافح لتوفير احتياجات أسرته المكونة من تسعة أفراد، حيث تقع قرية حورة التي يسكنها على بُعد 50 كيلومتراً من أقرب مركز طبي، وكانت هذه الرحلة تمثل سفراً مرعباً لمعظم القرويين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التنقل أو العلاج. ويقول الرجل إنه عندما يمرض أحد من السكان، يصبح توفير الرعاية الصحية اللازمة له عبئاً ثقيلاً.

اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا بعد تسجيل أكثر من 100 ألف إصابة (الأمم المتحدة)

وتؤكد الأمم المتحدة أن عودة انتشار الكوليرا تسبب في تسجيل عشرات الآلاف من حالات الاشتباه، منها أكثر من 30 ألف حالة منذ بداية العام، ورصدت ازدياد عدد الحالات في محافظة شبوة بشكل مُلاحظ ضمن أكثر الفئات ضعفاً ممن لديهم وصول محدود للخدمات الصحية الأساسية أو ليس لهم القدرة على الوصول إلى هذه الخدمات أصلاً.

وفي حين أن الأمطار الغزيرة والفيضانات زادت من انتشار الكوليرا، يذكر الصياد أنه شهد وفاة امرأة في الطريق إلى أقرب مركز صحي بسبب توقف الحركة بفعل الفيضانات الأخيرة، ولهذا ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أنها استجابت لهذه الأزمة وقامت بإعادة فتح مركز «حورة» الطبي الذي صُمم لمعالجة مجموعة واسعة من المشكلات الصحية، مع التركيز بشكل رئيسي على الكوليرا.

تطوع مجتمعي

بينت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير حديث أنه وفي سبيل تمكين المجتمعات أسهمت جهودها في مكافحة الكوليرا بأكثر من مجرد تقديم الخدمات الطبية، حيث حشدت فريقها من متطوعي المجتمع المحلي لرفع الوعي بمكافحة الوباء، والالتزام بمساعدة المجتمعات في إدارة مواجهة تفشيه.

وتقول المتطوعة جميلة إنها تأثرت بشدة بمعاناة المجتمع، لذا قررت أن تصبح عاملة صحية لمساعدتهم. وذكرت أنه وطوال فترة تفشي الكوليرا تضمنت الأهداف الرئيسية تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وتحسين الثقافة الصحية للمجتمع، والترويج لممارسات الصحة العامة، من خلال المتطوعين الذين ساعدوا بشكل كبير في تقديم الإرشادات الصحية العامة.

متطوعون يمنيون يتولون توعية السكان بطرق الوقاية من الكوليرا (الأمم المتحدة)

ووفق التقرير الأممي، فإن تغيير ممارسات المجتمع والتأسيس لعادات جديدة كانت مهمة مليئة بالتحديات، ولكن هِمّة المتطوعين كانت عالية، وإنه ومن خلال الزيارات المنزلية، شجعوا العائلات على تنفيذ أنشطة تحمي صِحتهم وسلامتهم، ابتداء من الترويج للوعي بنظافة اليدين وانتهاء بالدعوة لتطبيق ممارسات المياه النظيفة، وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.

وبحسب الهجرة الدولية بدأت فرق التطوع أنشطتها في مركز «حورة» الطبي، ولكن تفشي الكوليرا تعدى سكان القرية، حيث أثر أيضاً على المهاجرين من القرن الأفريقي الذين يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وللتعامل مع هذه الاحتياجات طلبت المنظمة مساعدة فرقها الطبية المتنقلة الموجودة على طرق الهجرة الرئيسية.

تعاون وثيق

طبقاً لما ذكرته منظمة الهجرة الدولية، فإنها وبالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن والمكاتب الصحية المحلية، وسّعت جهودها بشكل مستمر لتقديم المساعدات الفورية للمناطق المتأثرة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد.

وتضمنت استراتيجية المنظمة إيجاد خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة داخل المراكز لمنع انتقال العدوى بين المرضى والطاقم الطبي. وتقديم أجهزة الكلورة ذاتية العمل، ومواد معالجة المياه، وحقائب النظافة والتعامل مع الكوليرا للمجتمعات الضعيفة.

وزير الصحة اليمني يتفقد مركز عزل الكوليرا في محافظة أبين (إعلام حكومي)

وتبين «الهجرة الدولية» أن المتطوعين في مركز «حورة» الطبي تعاملوا مع المشاكل الصحية الفورية بخاصة الكوليرا، ولم يقتصر دورهم على إحداث تغيرات إيجابية لتعزيز الرعاية الصحية للجماعات الضعيفة فحسب، ولكن ومنذ بدء التفشي، كان المتطوعون يقدمون خدمات الرعاية الصحية والجلسات التثقيفية للنساء والأطفال والرجال الذين لطالما حُرموا من هذه الخدمات في السابق.

وتواصل الحكومة اليمنية الكفاح بالتعاون مع المنظمات الدولية لمواجهة هذا الوباء، خاصة مع بدء موسم الأمطار الحالي، إذ سارعت إلى افتتاح مراكز لعلاج حالات الإصابة بالكوليرا في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إلا أن الحوثيين يواصلون التكتم على أرقام الإصابات ويرفضون تخصيص مراكز لعلاج هذا الوباء.

وتظهر أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات في مناطق سيطرة الحوثيين بلغت أكثر من 93 ألف حالة، حتى مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، فيما تم تسجيل بقية الحالات وتمثل نسبة 17 في المائة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.