واشنطن تمنع دخول مدير الاستخبارات السوداني السابق قوش وعائلته

بومبيو يدعو إلى قيام حكومة مدنية في السودان

TT

واشنطن تمنع دخول مدير الاستخبارات السوداني السابق قوش وعائلته

أعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، منع وزير الاستخبارات السوداني السابق صلاح قوش (63 عاماً) وعائلته من دخول الولايات المتحدة، بسبب تورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وقال بيان الخارجية الأميركية إن لدى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب معلومات موثقة تفيد بأن صلاح قوش كان متورطاً في التعذيب خلال فترة رئاسته جهاز الأمن والمخابرات الوطني.
وقال بومبيو، عبر حسابه على موقع «تويتر»، إنه تم رسمياً منع صلاح قوش وأفراد عائلته من دخول الولايات المتحدة، وفقاً للمادة 7031 من القانون الأميركي، بسبب تورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في السودان. وشدّد على أن بلاده ستستمر في محاسبة أولئك المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان. وأضاف أن قوش، واسمه الكامل صلاح عبد الله محمد صالح، ممنوع من الدخول إلى الولايات المتحدة وكذلك زوجته، عواطف محمد، وابنته شيماء.
وقال بومبيو: «إنني انضم إلى السودانيين في مطالبتهم بحكومة انتقالية بقيادة مدنية حقيقية مختلفة بشكل أساسي عن حكومة البشير، خاصة ما يتعلق بسجل حقوق الإنسان والانتهاكات التي ارتكبها قوش وآخرون».
واستند وزير الخارجية الأميركي إلى المادة 7031 ج، التي تنص على أنه في الحالات التي يكون لدى وزير الخارجية الأميركي معلومات موثقة حول تورط مسؤولين أجانب في فساد كبير أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، فإن هؤلاء الأفراد وأسرهم يصبحون غير مؤهلين لدخول الولايات المتحدة، ويقضي القانون بتسمية هؤلاء الأشخاص وأفراد عائلتهم.
وشدّد بيان وزارة الخارجية الأميركية على أن تصنيف قوش وعائلته، ومنعه من دخول الولايات المتحدة، يؤكد الإصرار على مساءلة المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ويدعم أيضاً جهود الشعب السوداني. ويأتي القرار الأميركي كجزء من حملة الولايات المتحدة للضغط على السودان للانتقال إلى حكومة مدنية، وفي الوقت نفسه يوجّه رسالة قوية تستهدف عرقلة أي محاولات لعرقلة الانتقال إلى حكومة مدنية. وكان وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هال، قد زار الخرطوم مؤخراً، حيث التقى ممثلين من المجلس العسكري الانتقالي و«قوى الحرية والتغيير» وعدداً من ممثلي منظمات المجتمع المدني والمعارضة، وشدّد خلال الزيارة على الحاجة لتشكيل سريع لحكومة انتقالية مدنية، استناداً على المواثيق السياسية والدستورية التي تم الاتفاق عليها، وتدعمها الولايات المتحدة.
وكان رئيس جهاز المخابرات والأمن الوطني، صلاح قوش، قد قاد حملة قمع شاملة ضد المتظاهرين الذين شاركوا في المظاهرات الواسعة التي أدت إلى إطاحة الرئيس عمر البشير بعد 30 عاماً في الحكم. وألقى عملاء جهاز الأمن والمخابرات الوطني القبض على آلاف المتظاهرين ونشطاء المعارضة والصحافيين في الحملة التي أدت إلى مقتل العشرات وإصابة المئات. وعمل قوش في جهاز الأمن والمخابرات منذ عام 1989 حينما وصل البشير إلى السلطة، وساهم قوش في بناء جهاز الأمن والمخابرات، الذي كان أهم ركائز نظام البشير.
واتهم قوش مراراً باستخدام أساليب تعذيب بشعة ضد المعارضين، وعلى مدى 4 عقود خلال عمله في أجهزة المخابرات، كوّن قوش شبكة قوية مع رؤساء أجهزة الاستخبارات الإقليميين ومع الولايات المتحدة. وتعززت العلاقات والتعاون الاستخباراتي في عهده بين السودان والولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب خلال حكم الرئيس الأسبق جورج بوش. وقد تم إقالة قوش في عام 2009 وتولى منصب مستشار سياسي، لكنه أُقيل من هذا المنصب في عام 2011 وسجن لاتهامه بالتخطيط لانقلاب، لكن لم يتم العثور على أدلة ضده، فأصدر البشير أمراً بالعفو عنه في 2013. وأشرف قوش على عدة حملات قمع متكررة ضد المعارضين للحكومة ووسائل الإعلام.
وحينما اندلعت المظاهرات بشكل موسع، استعان البشير بمدير مخابراته مرة أخرى، وعيّنه رئيساً لجهاز الأمن والمخابرات الوطني في فبراير (شباط) 2018، لكنه أُجبر على الاستقالة بعد سقوط البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي.
وحثّت منظمة العفو الدولية، المدافعة عن حقوق الإنسان، المجلس العسكري السوداني على مراجعة وفحص تصرفات وأساليب قوش أثناء حملة القمع التي قادها ضد المتظاهرين ودوره في قتل العشرات من المتظاهرين السودانيين على مدار الأربعة الأشهر التي اندلعت فيها المظاهرات. وورد اسم قوش في لائحة قدّمت إلى مجلس الأمن، تضم 17 شخصاً من المتهمين بارتكاب جرائم حرب في دارفور، وقد رحّبت حركة «العدل والمساواة» المسلحة في إقليم دارفور بالقرار الأميركي، وطالبت بمحاسبة بقية المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في السودان.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.