سنوات السينما: Three Days of the Condor

روبرت ردفورد في «ثلاثة أيام من الكوندور»
روبرت ردفورد في «ثلاثة أيام من الكوندور»
TT

سنوات السينما: Three Days of the Condor

روبرت ردفورد في «ثلاثة أيام من الكوندور»
روبرت ردفورد في «ثلاثة أيام من الكوندور»

Three Days of the Condor
(1975)
المؤسسة تنقلب على أبنائها
يعود تعاون سيدني بولاك مع الممثل روبرت ردفورد إلى سنة 1966 عندما قام الأول بإخراج ثاني أفلامه «هذه الملكية مدانة» This Property is Condemned ثلاثة أيام من الكوندور كان الفيلم الرابع بينهما (من ستّـة أفلام)، وهو جاء في فترة غنية بالأفلام المماثلة من حيث النوع: تشويق جنائي أو بوليسي مع نبرة أو ملامح سياسية جادّة.
في الأصل الفيلم رواية ظهرت قبل عام واحد من إنتاج الفيلم بعنوان «ستة أيام من الكوندور» للمؤلّف جيمس غرادي اختار منها المخرج ما يوازي ثلاثة أيام فقط حافظ فيها على الحكاية وجوهرها كما الكتاب. بطل الفيلم اسمه جو (روبرت ردفورد) موظف في وكالة جمع معلومات تتبع وكالة المخابرات الأميركية CIA ظهر يوم نيويوركي ماطر يخرج لجلب بعض الساندويتشات من المطعم القريب. يسأل إذا ما كان أحد يريد شيئا من الخارج ويمضي.
في غيابه، الذي لم يستمر طويلاً، تدخل مجموعة من القتلة وتبيد كل الموظّفين دون أن تنتبه لغيابه. يصوّر بولاك عملية القتل كما لو كان من فريق الاغتيال. كاميرته عين قلقة في تلك المشاهد (التصوير لأوون رويزمان) وإليها (كما إلى المونتاج لدون غيديس) يعود فضل وضعنا على حافّة الكرسي من الدقائق الأولى. خذ المشهد الذي يتم فيه قتل سكرتيرة رئيس المكتب مع رئيس القتلة جوبرت (فون سيدوف) يحاول التهدئة من روعها قبل أن يطلق عليها رصاصة الرحمة.
عندما يعود جو من مشواره حاملاً الطعام (أحد رموز الرغبة في الحياة) يكتشف المجزرة ويدرك أنه كان من المفترض أن يكون من بين المقتولين. يتصل بالوكالة لمعرفة ما الذي ستشير به عليه، لكنه يكتشف سريعاً بعد ذلك أن الوكالة هي التي خططت للعملية فيواصل الاختفاء. الصدفة تقوده للتعرّف على كاثي (فاي داناوي) فيجبرها على العودة إلى شقّتها حيث يعتبرها أسيرة. بعد أن تكتشف الوكالة مخبأه تبعث بقاتل في زي ساعي البريد. هذا يفشل في مهمّته وعلى جو أن يواجه الوكالة بالحيلة مهدداً رئيسها (كليف روبرتسون) بفضحه إذا ما التقاه.
ليس أن الأحداث ستنتهي عند حد فضيحة مفترضة ستأتي بعد نهاية الفيلم وليس أنها ستنقلب إلى عقاب صارم ينتهي بمقتل جميع أعداء جو، الهمّ هنا مختلف. ما يحرّك المخرج بولاك هنا هو إمكانية وقوع هذا الافتراض وإمكانية أن يبقى الحبل فالتاً خصوصاً عندما يدير سيناريو قائما على المصالح المختلفة. المؤسسة أرادت قتل موظفيها الذين اطلعوا على تقرير سري بعث به جو نفسه إلى السي آي إيه ثم قتل من خطط فعلياً لقتل موظّفي المؤسسة. هذا الفعل المزدوج لا يمر من دون ملاحظة الفيلم الذي يوصم الجميع، باستثناء جو لأنه مفتاح الكشف، بالخداع والجريمة. التقرير السري بدوره ينص على أن الولايات المتحدة سوف تحتل منابع النفط في دولة شرق آسيوية (لا يحددها). أما وقد تغيّرت السياسة فهوية القتلى الذين يدركون هذا الموضوع تختلف وجو سيبقى حياً لكنه لن يبق حيّاً صامتاً لأنه شهد مقتل رفاقه.
إيقاع بوليسي مشدود وتمثيل جيّد ممعن وجريء مع توليف يسهم في دفع الأمور إلى غاياتها الدرامية سريعاً. لكن بعد ذلك لا يبقى من الفيلم في الواقع إلا السياسة الليبرالية التي تبنّاها ضد النظام. وآنذاك في السبعينات كان هناك ذلك المد النقدي المماثل من فيلم هال آشبي «التفصيلة الأخيرة» The Last Detail (1973) إلى فيلمي ألان ج. باكولا The Parallax View سنة 1974 وAll the President Men في العام 1976. وحتى أفلام التحقيق البوليسي المباشر وأفلام رعاة البقر لم تخل من النقد للمؤسسة ولو أن هذا النقد بدأ عملياً قبل عقود كثيرة.
بمقارنة فيلم بولاك هذا بفيلم ألان ج. باكولا «ذا بارالاكس فيو» (الذي سيكون موضوع حلقة قادمة) تكشف عن إمعان في التيار الناقد للنظام. لكن بولاك نفسه كان لديه فيلم سابق من هذا النوع هو «يقتلون الجياد، ألا يفعلون» (1969) مع جين فوندا التي كانت - آنذاك - من أكثر نجوم هوليوود معارضة.



يومان على الأوسكار... من سيفوز ولماذا؟

من «كثبان- 2»: أفضل تصوير (وورنر)
من «كثبان- 2»: أفضل تصوير (وورنر)
TT

يومان على الأوسكار... من سيفوز ولماذا؟

من «كثبان- 2»: أفضل تصوير (وورنر)
من «كثبان- 2»: أفضل تصوير (وورنر)

يومان فقط يفصلانا عن حفل جوائز الأوسكار الـ97. تلك الجائزة الأقدم تاريخياً والأكثر متابعة بين كل الجوائز السنوية. تنال المشاهدات وتنال الانتقادات على مستوى واحد؛ وبعض المنتقدين لا يكفّون عن مشاهدتها؛ ومحور نقدهم اتهامات جاهزة من نوع أنها تتّبع مصالح هوليوودية، كما أنها ليست عادلة، وتسودها التجارة والمنافع المتبادلة؛ بعضهم يرى أنه «لا أهمية لها»، ولو من دون تمحيص الأسباب لذلك.

لا يهم. هي مستمرة والنقد (وليس الانتقاد)، يتابعها لأنّ الأوسكار حدث سينمائي كالأحداث الأخرى حول العالم.

ما نوفّره هنا نظرة على بعض الأفلام والشخصيات في السِّباقات الرئيسية وأسباب فوز بعضها.

* أوسكار أفضل فيلم:

ثلاثة من الأفلام التي فازت خلال السنوات الأربع الأخيرة كانت نتاجاً لأعمال تقصد الاختلاف في السَّرد والأسلوب وهي «نوماندلاند» لكلوي زاو (2021)، و«كودا» لسيان هَيدر (2022)، و«كل شيء في كل مكان في وقت واحد» لدانيال كوان ودانييل شاينرت. الاستثناء الوحيد هو «أوبنهايمر» لكريستوفر نولان، الذي فاز بأوسكار أفضل فيلم في العام الماضي. هذا الفيلم كان، مقارنة مع الأفلام المذكورة، كلاسيكياً، والأهم أنه قاد التوقعات والاهتمامات كما لم يفعل سواه. أما الأخرى فحملت أسلوباً متحرراً ليس متّقناً وليس جيداً، بيد أن هذا لم يمنعها من الفوز على أساس أنها نفحات تجديد.

العام الحالي، لدينا فيلم بمواصفات أفلام «نوماندلاند» و«كودا» و«كل شيء...» وهو «أنورا»، مما يعزز احتمالات فوزه. لكن ما بدا مؤكداً قبل أيام عن حتمية فوزه يختلف الآن مع فوز «الوحشي» (The Brutalist)، و«المجمع المغلق» (Conclave) بأكثر من جائزة في الآونة الأخيرة.

الأفلام السبعة الباقية لا تختزن العناصر نفسها. «أنا لست هنا» (I'm Not Here) سيفوز بجائزة أخرى. «شريرة» (Wicked)، و«مجهول تام» (A Complete Unknown)، و«المادة» (The Substance)، و«فتيان النيكل» (Nickel Boys)، احتاجت من البداية إلى مسبّبات على صعيد جوائز الجمعيات والمؤسسات الأخرى؛ مثل «كثبان- الجزء الثاني» هو الأكبر شأناً، بيد أن التيار يعاكسه لحساب تلك الأفلام الصغيرة مثل «أنورا». أما «إيميليا بيريز» فهو حصان أسود يصل إلى التّصفيات مُتعباً.

يبقى فيلمان رئيسيان فوز أحدهما سيكون مفاجأة بحجم خسارة «أنورا»، وهما «المجمع المغلق» و«ذَ بروتاليست».

- الفوز المتوقع: «أنورا» لشون بايكر.

- تفضيل الناقد: «كثبان جزء 2» لدنيس ڤليانييف.

* أوسكار أفضل مخرج:

علّمتنا نتائج كثير من جوائز الأوسكار السابقة أن الفيلم الفائز بوصفه أفضل إنجاز سينمائيٍّ للعام، لا يوفّر فوزاً تلقائياً لمخرجه. على سبيل المثال فقط، حيال فوز فيلم «كودا» سنة 2022 بأوسكار أفضل فيلم، فازت النيوزيلاندية جين كامبيون عن فيلمها «سُلطة الكلب» (كل الأفلام المنافسة «بلفاست» و«ويست سايد ستوري» و«قُد سيارتي»، خصوصاً، فيلم بول توماس أندروسن «بيتزا عرق السوس» كانت أفضل).

العام الحالي، هناك احتمالٌ كبيرٌ بأن يخسر شون بيكر («أنورا») المباراة أمام برادي كوربيت مخرج «ذَ بروتاليست». الباقون أمام قوّة هذين الاحتمالين يتأرجحون وهم، جيمس مانغولد عن «مجهول تماماً» وكورالي فرجا عن «المادّة»، وجاك أوديار عن «إيميليا بيريز» (كل من أوديار وفارجا فرنسيان). نلحظ غياب المخرج نيل بيرجر مخرج «المجمع المغلق» عن القائمة.

- الفوز المتوقع: برادي كوربيت

- تفضيل الناقد: برادي كوربيت.

* أوسكار أفضل ممثلة دور أول:

تحتوي هذه المسابقة على اسم مشهور واحد (ديمي مور عن «المادّة»)، واسم موهوب مؤكد (فرناندا توريس عن «أنا ما زلت هنا») و3 أسماء لم نكن لنقرأ عنها لولا أفلامها: كارلا صوفيا غازكون عن «إيميليا بيريز» لاعبة دورِ متحوّلٍ جنسي (والممثلة هي فعلاً متحول ذكر إلى أنثى)، وسينثيا إريڤو عن «شريرة»، وميكي ماديسون عن «أنورا». عملياً، إذن، المنافسة الشديدة من نصيب مور وتوريس.

- الفوز المتوقع: فرناندا توريس

- تفضيل الناقد: فرناندا توريس.

ديمي مور كما تبدو في «المادّة» (ووركينغ تايتز)

* أوسكار أفضل ممثل دور أول:

تتبلور المنافسة بين أدريَان برودي في «ذَ بروتاليست»، ورالف فاينس في «المجمع المغلق»، وتيموثي شالاميه في «مجهول تماماً». تحسّنت حظوظ شالاميه لدى فوزه بجائزة نقابة الممثلين، بيد أن ذلك لا يضمن فوزه هنا بل يُعزّزه فقط. الباقيان، سيباستيان ستان «المادّة»، وكولمان دومينغو «سينغ سينغ» غير مدعومَين باستحقاقات مماثلة.

- الفوز المتوقع: أدريان برودي

- تفضيل الناقد: رالف فاينس.

* أوسكار أفضل فيلم عالمي:

5 أفلام تستحق التوقف عندها: «أنا ما زلت هنا» (البرازيل)، و«بذرة التين المقدّسة» (ألمانيا)، و«فلو» (لاتڤيا)، و«إيميليا بيريز» (فرنسا)، و«الفتاة ذات الإبرة» (الدنمارك).

الأفضل فنِّياً هو الفيلم الدنماركي، بيد أن فوزه ليس مؤكداً. الاندفاع صوب «أنا ما زلت هنا» يعود إلى كونه فيلماً سياسياً (ولو أنه جيد عموماً). فيلم «فلو» هو أنيميشن وفي الغالب سيفوز هناك. «إيميليا بيريز» و«بذرة التين المقدسة» سيخرجان، كما أتوقع، من دون جائزة في هذا المضمار.

- الفوز المتوقع: «أنا ما زلت هنا»

- تفضيل الناقد: «الفتاة ذات الإبرة»

«الفتاة ذات الإبرة» (نورديسك)

* أوسكار أفضل ممثل دور مساند:

يُدافع الممثل الذي بدأ طفلاً في «هوم ألون» عن تاريخه لاعباً دوره المحدود والجيد في «ألم حقيقي». يُحاكيه في هذا التاريخ والإجادة إدوارد نورتون عن «مجهول تماماً»، وغاي بيرس عن «ذَ بروتاليست»، وجيريمي سترونغ عن دوره في «المادّة». لكن المنفرد بين هؤلاء هو الروسي الأصل يوري بوريسوف عن «أنورا».

- الفوز المتوقع: يوري بوريسوف أو غاي بيرس

- تفضيل الناقد: إدوارد نورتن أو غاي بيرس

* أوسكار أفضل ممثلة دور مساند:

زوي سالدانا هي الأكثر حضوراً في هذا القسم تليها إيزابيلا روسيلليني عن «المجمع المُغلق». الباقيات، فيليستي جونز («ذَ بروتاليست»، وأريانا غراندي («شريرة»)، ومونيكا باربارو («مجهول تماماً») هُنَّ الأقل توقعاً.

- الفوز المتوقع: زوي سالدانا

- تفضيل الناقد: زوي سالدانا

* أوسكار أفضل تصوير:

لكلِّ فيلم مرشّحٍ لهذه الجائزة هويّته، التي ساعد في تأليفها تصويرٌ جيّدٌ. عالج لول كراولي «ذَ بروتاليست» بتصويرٍ يلائم غاية المخرج برادي كوربيت الفنية. كريغ فريزر انكبّ على دراسة الضوء الطبيعي ومصادر إتقانه للكاميرا في «كثبان- الجزء الثاني». كلٌ من بول غوليهولم («إيميليا بيريز») وإدوارد لاكمان ـ «ماريا») اعتنيا بتوفير عتمة الموضوع المطروح (وكلا الفيلمين مؤلَف من أغنيات وأولهما سيرة حياة). أما يارن بلاسكي فقد عمد إلى توفير الحس المعتم بجدارة كون الفيلم الذي صوّره ينتمي إلى الرُّعب.

- الفوز المتوقع: لول كراولي

- تفضيل الناقد: يارن بلاسكي.