روسيا ترى وجود «منظمة التجارة» على المحك بعد تكرار تهديد ترمب بالانسحاب

TT

روسيا ترى وجود «منظمة التجارة» على المحك بعد تكرار تهديد ترمب بالانسحاب

في الوقت الذي هدد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسحب بلاده من منظمة التجارة العالمية، التي يتهمها على الدوام بأنها تحابي الصين على حساب الولايات المتحدة. وقال وسط صيحات التأييد من حشد من العمال في مصنع في ولاية بنسلفانيا: «سنغادر إذا لزم الأمر... نعلم أنهم يؤذوننا منذ سنوات، وهذا لن يحدث مرة أخرى».
قال الكرملين أمس الأربعاء، إن وجود منظمة التجارة العالمية سيكون على المحك إذا انسحبت اقتصادات كبيرة مثل الولايات المتحدة منها.
وهي ليست المرة الأولى التي يهدد فيها ترمب بالانسحاب من هذه المنظمة الدولية. خلال الصيف الماضي قال ترمب إن منظمة التجارة العالمية تتعامل «بشكل سيء جدا» مع الولايات المتحدة منذ سنوات عدة، مضيفا أنها في حال «لم تصلح نفسها فسيتم الانسحاب منها».
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحافيين في مؤتمر عبر الهاتف «من الواضح أن وجود منظمات اقتصادية دولية أساسية (مثل منظمة التجارة العالمية) سيكون محل شك كبير بعد انسحاب اقتصادات كبرى منها».
وضغط ترمب على منظمة التجارة العالمية آخر يوليو (تموز) الماضي، لتغيير طريقة تعريفها للدولة النامية، منتقداً الصين على نحو خاص ودولا أخرى لحصولها على معاملة تفضيلية غير عادلة.
وأصدر مذكرة تضمنت توجيها إلى الممثل التجاري الأميركي لوقف معاملة مثل تلك الدول معاملة الدول النامية فيما يتعلق بعضوية منظمة التجارة العالمية ما لم يتحقق «تقدم ملموس» صوب إصلاح الوضع في غضون 90 يوماً.
وفي منتصف يوليو الماضي، رأت المفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم أن منظمة التجارة العالمية تشهد «أزمة عميقة» قد تشلّ جهازها الخاص بتسوية النزاعات بحلول نهاية السنة.
وقالت مالمستروم، إن «المنظمة تواجه أزمة عميقة، لا بدّ لنا من الإقرار بذلك». وأضافت: «إذا لم تعد لدينا قواعد، عندها سيكون بإمكان أي طرف أن يفعل ما يحلو له (...) وسيكون هذا سيئا جدا، وخصوصا بالنسبة للدول الصغيرة والدول النامية»، مجددة دعوتها لإصلاح منظمة التجارة.
وترفض الولايات المتحدة منذ أشهر المصادقة على تعيين قضاة جدد في آلية تسوية النزاعات التي تعرف غالبا بـ«المحكمة العليا للتجارة العالمية»، ما يهدد بتعطيلها تماما في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، الشهر الذي سيغادر خلاله عدد من القضاة مناصبهم، ما يعني أن الهيئة لن تملك عددا كافيا من القضاة لمواصلة عملها.
وتقوم هذه الهيئة بالبت في النزاعات التجارية حول قضايا مختلفة تتسبب بالحد من إمكانية وصول دولة أو عدة دول أعضاء إلى الأسواق. ويمكنها بالتالي النظر على سبيل المثال في دعم حكومي غير نزيه أو قيود تنظيمية غير مبررة.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».