مع حالة الغموض التي تحيط بالحضارة المصرية القديمة، وكثرة الأسرار التي تغلفها، تنتشر كثير من الخرافات والأساطير، التي لم يستطع أحد إثبات صحتها بشكل علمي، ورغم نفي كثير منها، فإنّ أعداداً كبيرة من الناس ما تزال تؤمن بها في مصر، حيث يتجدّد الجدل حولها كل فترة مع اكتشاف مقابر أثرية جديدة أو حدوث وقائع غريبة.
ويعتقد كثير من المصريين وعشاق الحضارة المصرية بوجود شيء يسمى «لعنة الفراعنة»، تصيب كل من يحاول الاقتراب من كنوز الفراعنة القديمة، وانتشر الحديث عن هذه اللعنة في أعقاب اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون على يد عالم الآثار هيوراد كارتر، في عام 1922؛ حيث وجدت عبارة على إحدى غرف المقبرة تقول: «سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من يعكر صفو الملك»، وزادت قوة الأسطورة بعد وفاة مكتشفي المقبرة، حتى أنتجت شركة أمازون العام الماضي فيلماً وثائقياً لبحث أسباب وفاة 22 عالماً شاركوا في اكتشاف مقبرة «توت عنخ آمون» خلال سبع سنوات من اكتشافها.
والأسطورة الثانية الأكثر شهرة هي تلك المتعلقة بالزئبق الأحمر، وترجع بدايتها إلى الأربعينات من القرن الماضي، عندما وُجد سائل يميل إلى الاحمرار أسفل مومياء لأحد قادة الجيوش من عصر الأسرة 27، ليبدأ الحديث عن الزئبق الأحمر، وقدرته على إعادة الشّباب ومنح القوة لمن يحصل عليه.
الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، نفى في أكثر من تصريح ومحاضرة، ما يتردّد عن وجود «لعنة الفراعنة» أو «الزئبق الأحمر»، وقال: «لا يوجد شيء اسمه لعنة الفراعنة، ووفاة مكتشفي الآثار بعد اكتشافهم للمقابر ترجع لتعرضهم للميكروبات والجراثيم التي تكون داخل المقبرة لآلاف السنين»، مؤكداً أنّ «لعنة الفراعنة أكذوبة»، وأضاف: «لا يوجد شيء اسمه الزئبق الأحمر، هذه أكاذيب تروجّ للنصب على المواطنين».
ورغم نفي علماء الآثار لما يتردّد عن لعنة الفراعنة أو الزئبق الأحمر، فإنّ هناك أناسا ما زالوا يؤمنون بوجودها، بدليل ما حدث في الآونة عند اكتشاف تابوت ضخم في الإسكندرية روج له البعض بأنه تابوت الإسكندر الأكبر، وعند فتحه وجدت بعض السوائل حمراء اللون، فبدأت حملات على الإنترنت تطالب بشراء هذا السائل اعتقاداً منهم أنّه ذو قوة خارقة، ليتضح في النهاية أنّ هذه السوائل ليست سوى مياه صرف صحي.
حكايات كثيرة عن الفراعنة تتردّد بين الناس، خاصة في المناطق الغنية بالمقابر الفرعونية، مثل الأقصر (جنوب مصر)، حيث يروي البعض حكايات عن «مومياء ناطقة»، يدعون فيها أنّ «إحدى المومياوات في مقبرة منتومحات تحدثت إليهم، وطالبتهم بتغطيتها وإعادتها للتراب، ودفنها بطريقة لائقة، بعدما أخرجها لصوص المقابر من مكانها»، كما يروي آخرون، حكايات عن «مركب ذهبي يظهر ليلة واحدة في العام بالبحيرة المقدسة في معابد الكرنك»، و«المومياء الطائرة في سقارة التي تترك تابوتها وتطير عدة ساعات كل يوم».
الباحث في الآثار المصرية علي أبو دشيش أكد لـ«الشرق الأوسط»، أنّ «هذه مجرد خرافات وأساطير لم تثبت علمياً، واعتاد الناس على ترديدها لإضافة مزيد من الغموض على الحضارة المصرية»، وقال إن «من بين الأساطير، قصة المومياء التي تتحرك بأحد المتاحف، والتي كانت نوعاً من الدّعاية للمتحف، حيث كان هناك محرك أسفلها يحرّكها». مشيراً إلى أنّ «الهرم الأكبر نال نصيب الأسد من الأساطير والخرافات، من بينها أنّه بُني على يد مخلوقات فضائية، أو بُني بالسّخرة، وجاء الرّد على هذه الخرافات في مقابر العمال بناة الأهرامات، التي اكتشفها زاهي حواس، وبردية وادي الجرف التي تُوضح كيفية نقل الحجارة للأهرامات». وأضاف أنّ «هناك من قال إن الفراعنة صعدوا إلى الفضاء مدلّلين على ذلك بأحد النّقوش في معبد سيتي الأول، التي تظهر فيها أشكال لأطباق طائرة، والحقيقة أنّ تداخل بعض النّصوص الهيروغليفية هو ما أظهر التناقض بهذا الشكل».
المومياء الطّائرة والنّاطقة والزّئبق الأحمر... أساطير فرعونية عابرة للزّمن
حكايات كثيرة توارثها المنقّبون
المومياء الطّائرة والنّاطقة والزّئبق الأحمر... أساطير فرعونية عابرة للزّمن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة