طلاب الجزائر يتظاهرون للأسبوع الـ25 للمطالبة بـ«الاستقلال والديمقراطية»

جددوا تهديدهم بتنفيذ عصيان مدني

جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ب)
جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ب)
TT

طلاب الجزائر يتظاهرون للأسبوع الـ25 للمطالبة بـ«الاستقلال والديمقراطية»

جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ب)
جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ب)

تظاهر أمس مئات الطلّاب الجزائريين للأسبوع الـ25 على التوالي في العاصمة والمدن المجاورة، رغم العطل الجامعية، ووسط انتشار كثيف للشرطة، مطالبين من دون كلل بتغيير النظام وبالديمقراطية.
وكان عدد المشاركين في مظاهرات العاصمة، حسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، أقلّ كثافة من المعتاد. لكن المتظاهرين وعدوا بـ«مواصلة الضغط» على السلطة كل يوم ثلاثاء، رغم أن شهر أغسطس (آب) تُغلق فيه كل الجامعات والثانويات أبوابها، وواصلوا المطالبة برحيل جميع الجهات الفاعلة في «النظام» الحاكم منذ استقلال البلاد عام 1962، نافين صحة تصريحات رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، الذي قال مؤخراً، إن «المطالب الأساسية لحركة الاحتجاج غير المسبوقة، التي انطلقت منذ 22 من فبراير (شباط) قد تحقّقت بشكل كامل».
وهتف الطلاب الذين رافقهم أساتذة، ومواطنون عاديون أثناء سيرهم في شوارع وسط العاصمة: «ليرحل النظام»، حاملين شعارات معادية للنظام من قبيل: «أطلقوا سراح المعتقلين»، و«الجزائر حرّة وديمقراطية»، و«الشعب يريد الاستقلال»، ومجددين أيضاً رفضهم الحوار، الذي اقترحته السلطات. كما رفعوا شعارات ضد كريم يونس، الذي كان وزيراً سابقاً ورئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق، والذي اختير لإدارة «الهيئة الوطنية للحوار والوساطة».
وكانت السلطات قد كلّفت هذه الهيئة إجراء مشاورات لتحديد شروط الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي ستحدد خليفة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي أُرغم على الاستقالة في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي. لكن حركة الاحتجاج تصر على رفض تنظيم انتخابات رئاسية، ما دام كبار المسؤولين من عهد رئاسة بوتفليقة (1999 - 2019)، وعلى رأسهم الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح والفريق أحمد قايد صالح، في الحكم.
وتنوعت الشعارات، التي تم رفعها أمس، ثالث أيام عيد الأضحى، بين «الشعب يريد الاستقلال»، و«كليتو لبلاد يا السراقين»، و«التهمتم الوطن أيها السّارقون»، و«يا احنا يا نتو ما ماراناش حابسين»، و«لن نتوقف حتى ترحلوا»، وغيرها من الشعارات.
وخلال مسيراتهم بوسط شوارع العاصمة انتقد المتظاهرون تغطية الصحافة للاحتجاجات، وطالبوها بالتحرر من القيود، وتغطية حراك الشارع بشفافية، والوقوف إلى جانب الشعب، على حد تعبيرهم.
كما ردد المتظاهرون أمس شعارات مطالبة بفصل المؤسسة العسكرية عن الحياة السياسية بالبلاد، وجددوا مطالبتهم بإطلاق سراح سجناء الرأي، الذين تم اعتقالهم في الحراك، وإعلانهم عزمهم على الدخول في عصيان مدني، وهو ما يتخوّف منه البعض، في حين يعتبره آخرون خطوة جديدة للضغط على السلطة للاستجابة لمطالبهم، الرامية إلى رحيل جميع بقايا نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعلى رأسهم رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، ورئيس الحكومة نور الدين بدوي، حيث يعتبر المتظاهرون أن بن صالح هو أحد أهم الأسماء المقربة لبوتفليقة، كما يتهم الحراك نور الدين بدوي بأنه كان «مهندس التزوير» للانتخابات، التي كان يفوز بها بوتفليقة وحزبه «جبهة التحرير الوطني».
وقالت رانيا البالغة 22 عاماً، وهي طالبة في كلية الأشغال العامة خلال مشاركتها في مظاهرات أمس، وسط العاصمة لوكالة الصحافة الفرنسية «يجب أن نواصل المعركة حتى النهاية... حتى تصبح الجزائر فعلاً حرّة وديمقراطية». فيما أكدت زميلتها صبرينا خربي، (19 عاماً) وهي طالبة في الكلية الوطنية للإحصاءات، أنها تعتزم المضي في التظاهر «حتى الحصول على استقلال حقيقي مع حرية تعبير وعدالة».
وفي ضواحي العاصمة هتف المتظاهرون أيضا بأعلى صوتهم «لا للعسكريين في الحكم!»، و«نعم للدولة المدنية ولا للدولة العسكرية». في إشارة إلى الفريق أحمد قايد صالح، الذي أصبح الرجل القوي في البلاد منذ استقالة بوتفليقة.
يقول حامد مصباح، البالغ 20 عاماً، وهو طالب في جامعة الجزائر «نفس الطلاب طويل وسيستمرون... حتى تحقيق مطالبهم».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم