أسواق مكة تعرض بضاعتها في يوم وداع الحجاج

على بعد مسافة قليلة من الحرم المكي الشريف، تهيأ سوقا الجعفرية والعتيبية الشهيران بهدايا الحج والعمرة، وبدتا مستعدتين لتمويل هدايا الحج والعمرة وتقديم الأصناف المتنوعة والتي تربط ذاكرة الزائر بالعبق المكي شكلاً ومضموناً.
سوقا الجعفرية والعتيبية الملاصقتان للحرم المكي، تعتبران رافدين مهمين، يمضي الحجاج فيهما جل وقتهم باحثين عما يخلد ذكراهم وينقش ذكرياتهم من هدايا الحج والتي تجعل من تجربتهم ذات بعد تاريخي له تعابيره ومدلولاته.
واعتاد الحجاج على اقتناء وشراء الهدايا التذكارية لذويهم، أصبحت تتطور كل عام في مضمونها وتحاكي كل الشرائح والأذواق على اختلاف تنوعها ورغباتها، فيأتي وقف الملك عبد العزيز مكتنزاً كثيرا من الهدايا النخبوية والمجسمات المصنوعة للمنطقة المركزية والحرم المكي ووقف الملك عبد العزيز والطبيعة الجغرافية التي تشكل شخصية هذه المدينة المقدسة.
عامر الجحدلي أحد تجار بضائع الجملة في سوق الجعفرية يصف الرواج التجاري هذه الأيام بالذروة وهو في أعلى معدلاته جنباً إلى جنب مع شهر رمضان، واصفاً هذه الأنشطة التجارية بالقوية والمؤثرة في التبادل التجاري، غير أنه لم يخف أسفه على أن نسبة وجود السعوديين فيها ضعيف، ولو عرفوا جدواها الاقتصادية لوجدوا وما تركوا السوق تديرها عمالة أجنبية.
بينما يصف عبد المنعم بخاري، صاحب مصنع متخصص لصناعة المنحوتات والمجسمات في شارع الستين بمكة، بأن العمل في هذا النشاط له عائدات ربحية مرتفعة متى ما تم التفرغ لها بالكامل والإشراف عليها من الألف للياء، مفيداً بأن كثيرا من دول العالم تعتبر هذه الأنشطة قوة اقتصادية ذات مقدرة على خلق فرص وظيفية للجنسين.
وأشار بخاري إلى أن السوق متنوعة ومتكاملة وتحتاج إلى مصانع سعودية تترجم مشروع «صنع في مكة» والذي يعد غائبا عن الواقع ويحتاج إلى رؤية اقتصادية مستفيضة تتواءم مع كل ما تحتاج إليه سوق الحج والعمرة.
وتأتي أسواق مثل العتيبية والجعفرية الأشهر حاليا والتي بقيت بعد أن ودعت المناطق حول الحرم المكي سبع أسواق قديمة متاخمة للمنطقة المركزية ارتبطت بالحجاج والمعتمرين، مثل شعب عامر والغزة والجودرية وحارة الباب والشبيكة والقرارة والشامية، والتي أتت لصالح توسعة الساحات الشمالية للحرم المكي والمشاريع الملحقة كالدائري الأول.
سوق العتيبية يعتبر واحداً من أهم الأسواق القديمة، تزيد محلاته على 1700 محل تتوسطه سوق مركزية، وهي سوق لا يحبها فقط المكيون بل الزوار كذلك، نظير اقترانها بالذاكرة الشعبية والتي تعود بالذاكرة قديماً إلى تربعها الجغرافي في قلب مكة، حيث قدمت هذه الأحياء شخصيات مكية كبيرة ومؤثرة.
أبرز النشاطات المعنية بهدايا الحجاج والمعتمرين تتركز حول «السبحات»، وسجادات الصلاة والمجسمات والنقوش التذكارية والذهب والخواتم، جنباً إلى جنب مع عطور يتم تصنيعها في مكة، وكلها تلقى رواجاً كبيراً لذكريات الزمان والمكان.
ولجأ كثير من المستثمرين لإضفاء وهج عصري بإحلال أماكن جديدة داخل فنادق الخمس والأربع نجوم في المنطقة المركزية عوضاً عن تلك التي غادرت المكان، وهو ما عبرت عنه مصباح عبد الحكيم مسؤولة التسويق في فندق حول الحرم، بأنها محاولة لاستلهام الماضي في قالب عصري وتلقى رواجاً عند الطبقة المخملية، إلا أن الطابع الشعبي الذي عرفت به مكة ما زال مفقوداً.