استياء سنّي في العراق من الصمت الحكومي بعد العثور على 82 جثة

«تحالف القرار» بزعامة النجيفي هدد بـ«تدويل» القضية

رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي
رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي
TT

استياء سنّي في العراق من الصمت الحكومي بعد العثور على 82 جثة

رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي
رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي

أعلن «تحالف القرار العراقي» الذي يتزعمه رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي عن العثور على 82 جثة في منطقة جرف الصخر شمال محافظة بابل. وفيما استغرب التحالف الصمت الحكومي حيال ذلك؛ فقد هدد النواب السنّة بتدويل القضية.
وقال التحالف في بيان أمس: «في هذه الأيام المباركة حيث يحتفل شعبنا الكريم بعيد الأضحى المبارك، تتوالى الأخبار التي تجرح القلب والضمير حول الجثث مجهولة الهوية التي تعود لمنطقة شمال بابل؛ والمقصود بها منطقة جرف الصخر والمحاويل والمسيب، وتتجمع في (صحة بابل) ليقوم الخيرون بعد جهود شاقة بدفنها في محافظة كربلاء». وأضاف البيان: «إحدى وثلاثون جثة لرجال ونساء وأطفال، بعضها جثث مقطعة الأوصال، سبقتها إحدى وخمسون جثة، دون أن يصدر عن الحكومة بيان أو تعليق أو فتح تحقيق بالأسباب التي راحت هذه الأرواح ضحية لها، ومن هم المجرمون الذين ينفذون هذه المجازر بعيداً عن رقابة الدولة والقانون». وأشار البيان إلى أن «(تحالف القرار العراقي) إذ يدين ويستنكر هذه الجرائم الوحشية، يشير إلى قضية ما زالت تمثل جرحاً عصياً، هي قضية المفقودين والمغيبين في الصقلاوية والرزازة وسامراء وغيرها من المناطق التي شهدت عمليات الاختطاف، وبرغم كل المطالبات، عجزت الحكومة عن الإجابة أو فتح تحقيقات منصفة للضحايا وأهلهم».
ولفت «تحالف القرار» إلى أنه «أمام هذا الوضع؛ يحمل (تحالف القرار العراقي) الحكومة العراقية المسؤولية كاملة عن استمرار هذا التجاهل، وإذا ما استمر ذلك، وعجزت الحكومة عن القيام بواجباتها القانونية والأخلاقية، فإن (تحالف القرار) سيلجأ لعرض هذه الجرائم على المجتمع الدولي».
في السياق نفسه، أكد النائب عن محافظة نينوى أحمد الجبوري في بيان أن «جثثاً تم التعامل معها على أنها مجهولة الهوية، وهي لمختطفين معظمهم من المناطق المحررة، ويتم تسليمهم لمنظمة مجتمع مدني لغرض دفنهم». وتساءل الجبوري قائلاً: «أين دور الحكومة في تسليم الجثث؟».
من جهته، أكد عضو البرلمان عن محافظة الأنبار عبد الله الخربيط في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمر خطير بالنسبة لنا ومستقبل مناطقنا، لا سيما بعد أن ثبت لنا أن الحكومة غير قادرة لا على القيام بواجباتها المنصوص عليها دستورياً في حماية المواطن، ولا مساعدتنا نحن كنواب للمناطق المحررة حتى نستطيع أن نفعل شيئاً حيال استمرار مثل هذه المآسي التي بات من الواضح أن أبناء مناطقنا من مكون معين (في إشارة إلى المكون السنّي) هم المستهدفون بالدرجة الأساس». وأضاف الخربيط أن «كل النواب من المحافظات الغربية على تواصل بشأن هذا الأمر، وربما يكون مقدمة للكشف عن أشياء أخرى قد تكون أكثر رعباً».
وبشأن ما إذا كانت النية تتجه بالفعل إلى تدويل القضية مثلما أعلن «تحالف القرار»؛ يقول الخربيط: «في الواقع أن الأمر ليس تهديداً بقدر ما هو واجب علينا، خصوصاً ونحن نرى أن الحكومة التي يفترض أن تكون صاحبة الحل والعقد، غير قادرة على القيام بمسؤولياتها حيال شعبها»، متسائلاً: «كيف يمكن أن تصمت الجهات الرسمية حيال قضية من هذا النوع؟»، مشيراً إلى أنه «أمام عجز الحكومة حيال ما يجري؛ فإن اللجوء إلى المجتمع الدولي يصبح خياراً طبيعياً بالنسب لنا، لأننا على ثقة بأن موضوع المغيبين والمخطوفين والمغدورين لن يجد حلاً عراقياً، لأن الحكومة غير قادرة على محاسبة المقصّر، وبالتالي هم يجبروننا على طرق باب التدويل».
وأكد رئيس «كتلة الحل» وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، محمد الكربولي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما سوف نعمل عليه هو مطالبة الحكومة أولاً بوقف إجراءات الدفن، حتى يتم التعرف على هويات أصحاب الجثث فقد يكونون من منطقة جرف الصخر نفسها، أو من المختطفين والمغيبين في الأنبار وصلاح الدين، الذين يزيد عددهم على الأربعة آلاف مخطوف أو مغيب، وثانياً اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الحكومة للوقوف على حقيقة الأمر، والوصول إلى نتيجة، وليس مجرد تسويف». وأضاف الكربولي: «المهم بالنسبة لنا عدم طمر الحقيقة وإخفاؤها تحت أي ذريعة، لأنه لم يعد ممكناً الصمت حيال مثل هذه الممارسات».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.