تحت زخات المطر الذي غسل المشاعر المقدسة، وقف يوم أمس، نحو 2.5 مليون حاج في صعيد عرفات الطاهر، في مشهد إيماني مفعم بالخشوع والسكينة، ملبّين متضرعين داعين الله عز وجل أن يمّن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار.
فيما وصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قبل مغرب يوم أمس إلى مشعر منى، للإشراف على راحة حجاج بيت الله الحرام، وما يقدم لهم من خدمات وتسهيلات، ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمان، وكان في استقباله عدد من الأمراء والمسؤولين. ويقيم الملك سلمان غداً في القصر الملكي بمنى، الحفل السنوي حيث يستقبل قادة وزعماء الدول وكبار الشخصيات التي تؤدي هذه المناسك هذا العام، بالإضافة إلى رؤساء بعثات الحج الرسمية.
ويحتفي حجاج بيت الله الحرام وغالبية المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، اليوم، بعيد الأضحى المبارك. وبهذه المناسبة، تبادل خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان التهاني والتبريكات هاتفياً وبرقياً مع قادة الدول العربية الإسلامية.
من جانب آخر، أعلن أمس عن تكفل الملك سلمان بن عبد العزيز، بنفقات الهدي لجميع الحجاج المستضافين، ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة لهذا العام، البالغ عددهم 6500 حاج وحاجة من مختلف قارات العالم.
وتمكن ضيوف الرحمن، من رمي جمرة العقبة «الجمرة الكبرى»، بعد فجر اليوم، ثم ينحرون ويذبحون هديهم وأضاحيهم تقرباً لله تعالى، ويستقبلون يوم غد أول أيام التشريق الثلاثة.
وتمت عمليات تنقلات الحجاج بين المشاعر، بكل سهولة وسلاسة، من خلال استخدام قطار المشاعر، إضافة إلى الطرق الفسيحة التي سلكها الحجيج في طريقهم إلى مزدلفة، ثم إلى منى لاحقاً، بمتابعة من رجال المرور والأمن والحرس الوطني والكشافة.
وسجلت هيئة الإحصاء السعودية رسمياً وصول عدد الحجاج لهذا العام 2.5 مليون حاج، يشكل الحجاج القادمون من خارج السعودية أكثر من 75 في المائة، والبقية من حجاج الداخل من السعوديين والمقيمين.
فيما اطمأنّ الدكتور توفيق الربيعة وزير الصحة السعودي، على الوضع الصحي لحجاج بيت الله الحرام، مؤكداً أنه لم تسجل أي حالة وبائية، وأن الخطط المنفذة في الفترة الماضية بالتنسيق مع الدول لضمان سلامة حجاجها، خصوصاً من الأمراض المعدية، تسير وفق ما خطط لها.
وفي الصعيد الطاهر، اكتظ مسجد نمرة بالمصلين في عرفات، الذين أدوا صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم، اقتداء بالرسول (صلى الله عليه وسلم). وتقدم المصلين الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية. وقبل الصلاة، ألقى الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ عضو هيئة كبار العلماء، خطبة عرفة، استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم، ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر؛ حيث دعا الحجاج والمسلمين كافة إلى إفشاء الرحمة فيما بينهم، وعدّها منطلقاً وأساساً في كل التعاملات البشرية، مؤكداً أنها أساس المحبة، وبها ينتشر التسامح، وتسود الألفة، ويشيع بينهم التعاون.
وتناولت خطبة عرفات، الجهود الكبيرة التي تبذلها السعودية وقيادتها في مشروعات التوسعات في الحرمين الشريفين وتهيئة المشاعر المقدسة لأداء النسك وترتيب البنية التحتية بها.
بينما شهدت الحركة المرورية لانتقال الحجاج من منى إلى عرفات، ثم إلى مزدلفة لاحقاً، انسيابية ومرونة، وسط منظومة أمنية وخدمية متكاملة، التي ساعدت نجاح كل خطط التصعيد والنفرة والتفويج بين المشاعر.
ووقف الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، والأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، على عملية تصعيد الحجاج إلى عرفات، ثم نفرتهم لاحقاً إلى مشعر مزدلفة، وتفويجهم إلى مشعر منى.
إلى ذلك؛ أكد الفريق أول ركن خالد بن قرار الحربي مدير الأمن العام جاهزية منشأة الجمرات لاستقبال الحجاج، عبر منظومة أمنية، مكونة من الأمن العام (قوة المشاة)، ومن قوات الطوارئ الخاصة الموكلة لها إدارة وتنظيم حركة الحشود في منشأة «الجمرات»، وأشار إلى أنه سيتم توزيع الحجاج القادمين للجمرات من مختلف الجهات والطرق على مختلف الأدوار بالمنشأة، وفق خطط وآليات أعدت منذ وقت مبكر، بما يضمن نجاح وتسهيل عملية دخولهم منشأة الجمرات.
إلى ذلك، شهدت مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بعد صلاة ظهر أمس هطول أمطار، من متوسطة إلى شبه غزيرة، وذلك خلال وقوف الحجاج بمشعر عرفات يوم أمس وابتهالهم بالدعاء للمولى عز وجل بالرحمة والغفران.
وأوضحت الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة في السعودية أن الأمطار الرعدية على المشاعر المقدسة (عرفة ومنى ومزدلفة) ومكة المكرمة كانت مصحوبة بتيارات هابطة، وبلغت أعلى كمية هطول لها 30 ملم على مشعر عرفة، كما بلغت سرعة الرياح 100 كلم/ س، فيما سجلت أعلى درجة حرارة على عرفات في الساعة الثانية ظهراً، وبلغت 40 درجة مئوية.
ورجّحت الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة فرصة تكوّن السحب على المشاعر المقدسة خلال الأيام المقبلة، وواصلت الهيئة عملها عبر النظام الآلي للإنذار المبكر، وباستخدام صور الأقمار الصناعية والرادارات، في متابعة الحالة الجوية المتوقعة على المشاعر المقدسة، وقامت بإرسال المعلومات والتوقعات، أولاً فأول، إلى جميع الجهات المشاركة في خدمة حجاج بيت الله الحرام، وكذلك على موقعها الإلكتروني وحساباتها على شبكات التواصل الاجتماعي. فيما بثّت عبر حساباتها على شبكات التواصل الاجتماعي مشاهد لحظية لتكوّن السحب وهطول الأمطار ودرجات الحرارة والرطوبة واتجاه الرياح، بالإضافة إلى مشاهد حية لهطول الأمطار وحالة الطقس بصفة عامة.
ودعت الهيئة الجميع إلى توخي الحذر، واتباع الإرشادات المعلنة من قبل الجهات المختصة عند وجود ظواهر جوية تستدعي ذلك، ومن خلال متابعة نشرات الطقس والإنذار المبكر للهيئة.
من جهته؛ قال الفريق سليمان بن عبد الله العمرو، مدير الدفاع المدني السعودي، إن إدارته مثلها مثل بقية القطاعات الأمنية والخدمية التي تسابقت بتنفيذ خطة الطوارئ خلال الحالة المطرية التي شهدتها المشاعر المقدسة ومكة المكرمة، بكل حرفية ومهنية، ووجودها في جميع المواقع لتخدم الحاج، مبيناً تواصلهم الدائم مع هيئة الأرصاد وحماية البيئة لمتابعة الحالة المناخية على مدار الساعة.
وأكد الفريق العمرو أن رجال الدفاع المدني موجودون في جميع المواقع للتعامل مع الحالة المطرية، من خلال أكثر من 3000 آلية، بخلاف الأجهزة الأخرى والجهات الحكومية، التي تقوم بدور وعمل ضمن المهام وخطة الطوارئ التي اعتمدت من الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، وبمتابعة وإشراف من الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، والأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة رئيس لجنة الحج بمنطقة المدينة المنورة.
وبيّن مدير عام الدفاع المدني أن الأمطار التي هطلت في المشاعر المقدسة أسهمت في تحسين الجو للحجاج، ولا يوجد ما يعكر صفوهم.
من جانبه؛ أكد الدكتور محمد عبد العالي، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة بالسعودية، أن الحالة الصحية لضيوف الرحمن مع هطول الأمطار مطمئنة في مشعر عرفة، منوهاً أن المنشآت الصحية تواصل تقديم أفضل الخدمات الصحية للحجاج لينعموا بالصحة والعافية؛ مشيراً إلى الحالة الصحية المطمئنة للحجاج، منوهاً بعدم تسجيل أي حالات وبائية أو أمراض محجرية حتى يوم أمس.
تفويج وتصعيد ناجحان بين المشاعر تحت زخات المطر
خادم الحرمين يشرف على راحة الحجيج من مشعر منى
تفويج وتصعيد ناجحان بين المشاعر تحت زخات المطر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة