الاحتلال يخطط لاقتحام «الأقصى» في عيد الأضحى

المفتي يعلن تأخير صلاة العيد للتصدي للمستوطنين... ومستشار عباس يحذر من اعتداء يشعل المنطقة

مستوطنون في باحات الأقصى خلال اعتداء سابق
مستوطنون في باحات الأقصى خلال اعتداء سابق
TT

الاحتلال يخطط لاقتحام «الأقصى» في عيد الأضحى

مستوطنون في باحات الأقصى خلال اعتداء سابق
مستوطنون في باحات الأقصى خلال اعتداء سابق

قال قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش، إن نية الجماعات اليهودية المتطرفة ومجموعات المستوطنين اقتحام باحات الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك، في أول أيام عيد الأضحى المبارك، وبحماية من شرطة الاحتلال، تحت ذريعة ما تسمى ذكرى «خراب الهيكل»، يمكن أن تفتح الباب على مصراعيه أمام جميع الاحتمالات، وقد تشعل المنطقة بأكملها، ولن يكون أحد بمنأى عن تداعيات هذه الجريمة وتبعاتها.
وأعلن مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، عن تأخير صلاة عيد الأضحى في المسجد الأقصى المبارك للساعة 7:30 (بالتوقيت المحلي) بدلاً من الساعة 6:30، بعد تهديدات الاحتلال ومستوطنيه باقتحام المسجد صباح الأحد المقبل.
ودعا المفتي حسين، في خطبة الجمعة بالمسجد الأقصى المبارك، إلى شد الرحال للمسجد أول أيام عيد الأضحى، محذراً من تهديدات المستوطنين باقتحامه، وشدد على أن المسجد الأقصى للمسلمين وحدهم، وأنه لا يخضع للمفاوضات أو المساومات. كذلك دعت الهيئة الإسلامية العليا، و«الأوقاف والشؤون الإسلامية» ودار الإفتاء بالقدس، في بيان مشترك، جميع أئمة مساجد القدس إلى إغلاق المساجد وإقامة صلاة العيد في المسجد الأقصى فقط. وحضت حركة «فتح» أبناء «شعبنا على أوسع مشاركة في صلاة عيد الأضحى المبارك بالمسجد الأقصى ورحابه، تأكيداً على مكانته الرفيعة، ودفاعاً عن هويته التي لا يمكن لقوة في الأرض أن تغيرها، ورداً على دعوات المستوطنين لاقتحامه».
ورأى قاضي قضاة فلسطين في بيان صحافي أمس الجمعة، أن «على العالم أن يعمل على منع هذه الجريمة قبل فوات الأوان، وأن يمنع إشعال فتيل الحرب الدينية التي تسعى دولة الاحتلال لإشعالها بكل الطرق، من أجل فرض واقع جديد في الحرم القدسي الشريف، تمهيداً لتنفيذ مخطط التهويد الإجرامي».
وأكد الهباش أن «شعبنا الفلسطيني سيحافظ على المسجد الأقصى المبارك وحرمته بكل ما أوتي من قوة وعزيمة، ولن تمر هذه المؤامرة أبداً مهما كانت التضحيات»، مؤكداً في الوقت ذاته على قرار هيئة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس التي دعت إلى إغلاق كافة مساجد مدينة القدس، وتوحيد صلاة العيد في الأقصى المبارك، وتأجيل ذبح الأضاحي إلى ثاني أيام العيد، للرباط فيه وإفشال مخطط الاقتحام ووجود أكبر عدد من المرابطين والمصلين في باحات الأقصى طيلة نهار يوم العيد.
وطالب الهباش «كافة أبناء شعبنا الفلسطيني القادرين على الوصول إلى المسجد الأقصى، للتوجه لصلاة العيد في الحرم القدسي الشريف، ومؤازرة المرابطين والمواطنين المقدسيين في حماية المسجد والدفاع عنه»، مؤكداً أن القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس «تتابع بغضب وقلق التطورات الحاصلة في القدس أولاً بأول، وسوف تعمل كل ما يمكن ومعها كل جماهير شعبنا، من أجل حماية المسجد الأقصى المبارك».
في غضون ذلك، أدى عشرات المقدسيين صلاة الجمعة في خيمة الاعتصام بحي وادي الحمص، في بلدة صور باهر بالقدس المحتلة أمس. وأفاد مراسل وكالة «وفا» بأن جنود الاحتلال الإسرائيلي اقتحموا خيمة الاعتصام بالتزامن مع أداء الصلاة، وصوروا الموجودين.
وأقيمت الصلاة في وادي الحمص، تضامناً مع أصحاب المنازل المدمرة، واحتجاجاً على قرارات الهدم الجماعية للحي، وتعبيراً عن رفض سياسة الاستيلاء على أراضي المواطنين لصالح المستوطنات.
وكانت قوات الاحتلال قد ارتكبت في الثاني والعشرين من يوليو (تموز) الماضي، جريمة تطهير عرقي، مستهدفة 16 بناية تضم نحو مائة شقة سكنية في الحي، الأمر الذي قوبل بتنديدات واسعة محلياً وعربياً ودولياً، رغم أن غالبية أراضي الحي تصنف ضمن مناطق «أ» التابعة للسيادة الفلسطينية وفقاً لاتفاق أوسلو.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.