اختفاء ناشط حقوقي روسي «في ظروف غامضة» قرب إدلب

TT

اختفاء ناشط حقوقي روسي «في ظروف غامضة» قرب إدلب

أعلن في موسكو أمس، عن اختفاء ناشط حقوقي روسي كان في مهمة للبحث عن أطفال المقاتلين من أصول روسية، قرب إدلب.
وأفادت صحيفة «آر بي كا» الروسية بأن أوليغ ميلنيكوف الذي يترأس حركة «البديل» وهي مجموعة تطوعية روسية، وصل ليلة الأربعاء إلى مشارف مدينة إدلب، في إطار زيارة هدفت إلى «إنقاذ أطفال» لمقاتلين من أصول روسية ينشطون في تلك المنطقة. ووفقاً لمعطيات، فإن الاتصالات انقطعت مع ميلنيكوف، في اليوم التالي، وغاب عن جلستي تواصل هاتفي كانتا مخططين معه بهدف التأكد من سلامته، ما دفع إلى الإعلان عن اختفائه.
وأشار المسؤول في منظمة «البديل» مكسيم فاغانوف، إلى عدم توفر معلومات عن مكان أو توقيت اختفاء ميلنيكوف الذي «ربما يكون تعرض للاختطاف أو القتل فور وصوله إلى المنطقة»، بينما أدرك زملاؤه أنه اختفى بعد مرور أكثر من تسع ساعات على وصوله إلى المنطقة.
ولم تعلق الأجهزة الأمنية المختصة في روسيا على الحادث، كما لم يصدر تعليق عن المستوى العسكري الروسي في سوريا.
وكانت منظمة «البديل» قد تخصصت في السنوات السابقة في عمليات إنقاذ «عبيد العمل» في عدد من الأقاليم الروسية، وهم العمال الذين يتم احتجازهم في ظروف قاسية وإجبارهم على القيام بأعمال الإنشاءات ونشاطات أخرى من دون مقابل. كما شارك ناشطوها في إنقاذ المهاجرين من روسيا ورابطة الدول المستقلة من «العبودية العائلية» في مناطق مختلفة. لكنها أعلنت قبل شهور عن «انتقالها إلى العمل في منطقة الشرق الأوسط» وأعلنت أن لديها «طلبات للبحث عن أطفال تم اختطافهم من جانب أزواج من المنطقة ونقلهم إلى البلدان العربية».
ولم تتضح تفاصيل حول أسباب وتوقيت انتقال نشاط هذه المنظمة إلى سوريا؛ لكن فاغانوف تحدث عن مهام متعددة، بينها البحث عن «الأطفال الذين بقوا في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة السورية» فضلاً عن تعامل المنظمة مع طلبات ذوي مقاتلين من روسيا لإقناعهم بالعودة إلى بلادهم. كما أشار فاغانوف إلى أن «البديل» تعاملت مع مشكلة سوء معاملة أسرى الحرب السوريين، مضيفاً أن الحركة «تصرفت بشكل مستقل عن دمشق الرسمية».
ورغم تلك التفاصيل؛ فإن مسؤولي الحركة لم يكشفوا عن طبيعة المهمة التي قادت ميلنيكوف إلى إدلب، إلا بإشارات عابرة إلى محاولات لإنقاذ أطفال المقاتلين.
تم إطلاق حركة «البديل» في عام 2011، واكتسبت شهرة واسعة بعد نجاحها في إنقاذ «عبيد العمل» من مصانع الطوب في داغستان، و11 مهاجراً عملوا بشكل إجباري في إحدى منشآت العاصمة الروسية، ووفقاً لبيانات الحركة، فقد ساهمت في إنقاذ أكثر من ألف شخص حتى العام الماضي وقعوا في ظروف صعبة. لكن شبهات أحاطت بنشاط هذه الحركة، إذ رفضت السلطات القانونية الروسية تسجيلها كمنظمة اجتماعية، وواجه ناشطوها اتهامات بدعم «الهجرة غير الشرعية». وفي العام الماضي تم حظر نشاط المجموعة على شبكات التواصل الاجتماعي في روسيا بعد اتهامها بالتحايل.
ويثير ظهور رئيس هذه المجموعة في سوريا، ثم الإعلان عن اختفائه قرب إدلب مزيداً من الغموض حول نشاط المجموعة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.