«العسكري» السوداني يسقط عقوبة الإعدام ضد عقار وعرمان

إطلاق سراح نائب البشير وعدد من مساعديه المتهمين بتدبير انقلاب عسكري

رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» مالك عقار
رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» مالك عقار
TT

«العسكري» السوداني يسقط عقوبة الإعدام ضد عقار وعرمان

رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» مالك عقار
رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» مالك عقار

أصدر المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان، أمس، مرسوماً بإسقاط حكمَي الإعدام الصادرين بحق رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» مالك عقار، ونائبه ياسر عرمان. وقال المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي، الطاهر أبو هاجا، لـ«الشرق الأوسط»، إن العفو وإسقاط عقوبة الإعدام الصادرة بحق الرجلين في عهد النظام السابق، يجيء تمهيداً لعملية السلام. وتزامن ذلك القرار مع إفراج سلطات الأمن السوداني عن النائب الأول السابق للرئيس المعزول عمر البشير، بكري حسن صالح، وثلاثة من قادة النظام السابق، كان قد أُلقي القبض عليهم على خلفية محاولة انقلابية فاشلة ضد المجلس العسكري في الشهر الماضي.
وكانت محكمة في مدينة سنجة جنوبي البلاد قد أصدرت في مارس (آذار) 2014، 17 حكماً بالإعدام بحق قادة «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال»، وأبرزهم رئيس الحركة مالك عقار، ونائبه (الأمين العام وقتها) ياسر عرمان، على خلفية المعارك التي دارت بين الحركة الشعبية والجيش السودان، عقب اندلاع التمرد مجدداً في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق في سبتمبر (أيلول) 2011، إبان حكم الرئيس المعزول عمر البشير. وفي يونيو (حزيران) الماضي، أبعدت السلطات العسكرية ياسر سعيد عرمان، ومرافقيه مبارك أردول، وخميس جلاب، إلى عاصمة جنوب السودان جوبا، بعد أن عادا قبلها بأيام إلى الخرطوم للمشاركة حينها في المفاوضات الجارية بين المجلس العسكري وقادة الحراك الشعبي في إطار «قوى الحرية والتغيير». وبرر المجلس العسكري وقتها قراره بأن عرمان يواجه حكماً بالإعدام، ولم تتخذ الإجراءات القانونية المتعلقة بالعفو عن قادة الحركات المسلحة المحكومين؛ ولذلك فضلت نقله إلى عاصمة جنوب السودان التي وافقت على استقبالهم.
في غضون ذلك، أوشكت الكتل المكونة لقوى إعلان الحرية والتغيير على حسم مرشحيها لمجلسي السيادة والوزراء، من كفاءات وطنية مستقلة في الفترة الانتقالية، وتقسيم 200 مقعد في المجلس التشريعي الانتقالي من نسبة 67 في المائة التي حصلت عليها بموجب الاتفاق مع المجلس العسكري. وتبدأ المصفوفة الزمنية الموقع عليها في الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، بتعيين مجلس السيادة في الثامن عشر من أغسطس (آب) الحالي، بعد 24 ساعة من التوقيع على الاتفاق النهائي بين الطرفين.
وقال أبرز قادة الحراك، محمد ناجي الأصم، إن تجمع المهنيين السودانيين، يعكف هذه الأيام على اختيار مرشحيه للمجلس التشريعي، الذي ستمثل فيه شخصيات قومية وناشطون في المجتمع المدني، وذوو الاحتياجات الخاصة.
وأوضح الأصم لـ«الشرق الأوسط»، أن مكونات قوى التغيير ستراعي في اختيار المرشحين فئات المرأة والشباب، على أن يراعى في ذلك الاختيار التمثيل الإقليمي. وأضاف أن تجمع المهنيين، أعلن عدم مشاركته في السلطة الانتقالية على مستوى مجلسي السيادة والوزراء، على أن يشارك في السلطة التشريعية ليلعب دوره الرقابي المستقل.
من جهة أخرى، باتت حظوظ الخبير الاقتصادي الأممي، عبد الله حمدوك، الأكبر في تولي منصب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية، على الرغم مما يتردد من اعتراضات بعض الأحزاب عليه داخل قوى «التغيير». وتقضي التفاهمات التي جرى التوافق عليها داخل تحالف قوى الحرية والتغيير، بشأن تشكيل مجلس الوزراء، على ترشيح ثلاثة أشخاص لأي وزارة، على أن يترك لرئيس الوزراء الاختيار من بين المرشحين. وفي سياق متصل، تجري أحزاب قوى التغيير اتصالات مكثفة لإثناء الحزب الشيوعي السوداني للعدول عن موقفه بمقاطعة التفاوض وعدم المشاركة في أجهزة السلطة الانتقالية.
من جهة أخرى، أفرج المجلس العسكري الانتقالي عن 3 من مساعدي البشير، كان قد ألقى القبض عليهم على خلفية انقلاب عسكري قاده رئيس هيئة أركان الجيش، الفريق هاشم عبد المطلب، وهم النائب الأول السابق للبشير بكري حسن صالح، والأمين العام للحركة الإسلامية، الزبير أحمد حسن، ومدير شركة الاتصالات السودانية طارق حمزة. واعتقل «العسكري» في 24 يوليو (تموز)، رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش السوداني وقائد المنطقة العسكرية المركزية، اللواء بحر أحمد، واللواء نصر الدين عبد الفتاح، وقائد قوات الدفاع الشعبي اللواء عبد العظيم محمد الأمين، واتهم بالضلوع في محاولة انقلابية فاشلة ضد المجلس العسكري الانتقالي. كما اعتقل على خلفية المحاولة كلاً من عضو حركة الإصلاح الآن أسامة توفيق، والقيادي بالحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني أمين حسن عمر. وكان جهاز المخابرات العامة «جهاز الأمن والمخابرات سابقاً» قد ذكر أول من أمس أن التحقيقات في المحاولة الانقلابية أوشكت على الانتهاء، ووعد بتقديم المتهمين للمحاكمة بعد عطلة عيد.



المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
TT

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

كثفت الجماعة الحوثية من استهداف قطاع التعليم الأهلي ومنتسبيه في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس الأهلية على المشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية»؛ بغية تجنيدهم للدفاع عن أجندتها ذات البعد الطائفي.

وبحسب مصادر تربوية يمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، دشنت الجماعة الحوثية خلال الأيام القليلة الماضية حملات تجنيد للطلاب والكادر التربوي من أجل استقطاب مقاتلين جدد إلى صفوفها.

الانقلابيون أخضعوا طلاباً وتربويين في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية (إكس)

ويفرض الانقلابيون الحوثيون على مديري المدارس الخاصة في صنعاء اختيار 15 طالباً و10 تربويين من كل مدرسة في صنعاء؛ لإلحاقهم بدورات تعبوية وعسكرية. كما تتوعد الجماعة - طبقاً للمصادر - الرافضين لتلك التوجيهات بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإغلاق وفرض غرامات مالية تأديبية.

وأثار الاستهداف الحوثي الأخير للمدارس موجة غضب ورفض في أوساط الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، فيما اتهم التربويون الجماعة بالمضي في استغلال مؤسسات التعليم بعد تجريفها للحشد والتجنيد.

واشتكى أولياء الأمور في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استهداف أطفالهم بعد أخذهم عنوة من فصول الدراسة دون معرفتهم إلى أماكن مجهولة لتدريبهم على القتال وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة، تمهيداً للزج بهم إلى الجبهات.

ونتيجة لذلك الاستهداف، شهد عدد من المدارس الأهلية في صنعاء غياباً ملحوظاً للطلبة والمعلمين الذي رفضوا استمرار الحضور، جراء ما يقوم به الانقلابيون من إجبار على الالتحاق بالدورات القتالية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن عدداً كبيراً من أولياء الأمور منعوا أبناءهم من الذهاب للمدارس، خصوصاً تلك المستهدفة حالياً من قبل الجماعة، وذلك خوفاً عليهم من الخضوع القسري للتجنيد.

تعبئة مستمرة

أجبر الانقلابيون الحوثيون مديري مدارس «التواصل» و«منارات» و«النهضة» «ورواد»، وهي مدارس أهلية في صنعاء، على إيقاف الدراسة ليوم واحد بحجة عقد اجتماعات معهم. كما ألزمت الجماعة من خلال تلك الاجتماعات المدارس بتوفير ما لا يقل عن 25 طالباً وتربوياً من كل مدرسة للمشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية».

وشهدت إحدى المناطق في ضواحي صنعاء قبل يومين تدريبات عسكرية ختامية لدفعة جديدة تضم أكثر من 250 طالباً ومعلماً، جرى اختيارهم من 25 مدرسة في مديرية الحيمة الداخلية بصنعاء، وإخضاعهم على مدى أسابيع لدورات قتالية ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة من دورات (طوفان الأقصى)».

اتهامات لجماعة الحوثي بإجبار مدارس على تقديم مقاتلين جدد (إعلام حوثي)

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن قيادات في الجماعة تأكيدها أن الدورة ركزت على الجانب التعبوي والقتالي، استجابةً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي؛ استعداداً لما يسميه «مواجهة الأعداء وتحرير الأقصى».

يتزامن هذا التحرك الانقلابي مع استمرار معاناة عشرات الآلاف من المعلمين والتربويين في كافة المناطق تحت سيطرة الجماعة؛ بسبب انقطاع رواتبهم منذ عدة سنوات، مضافاً إليها ارتكاب الجماعة سلسلة لا حصر لها من الانتهاكات التي أدت إلى تعطيل العملية التعليمة بعموم مناطق سيطرتها.

وكانت الجماعة الحوثية أخضعت في أواخر أغسطس (آب) الماضي، أكثر من 80 معلماً وتربوياً في مديرية الصافية في صنعاء لدورات تعبوية وقتالية، كما أرغمت المدارس الأهلية في صنعاء، في حينها، على إحياء مناسبات ذات منحى طائفي، تُضاف إلى أنشطة تعبوية سابقة تستهدف أدمغة وعقول الطلبة بهدف تحشيدهم إلى الجبهات.

وتتهم عدة تقارير محلية وأخرى دولية جماعة الحوثي بأنها لم تكتفِ بتدمير قطاع التعليم في مناطق سيطرتها، من خلال نهب مرتبات المعلمين واستهداف وتفجير المدارس وإغلاق بعضها وتحويل أخرى لثكنات عسكرية، بل سعت بكل طاقتها لإحلال تعليم طائفي بديل يحرض على العنف والقتل والكراهية.