«منظمة التحرير الفلسطينية» تطالب بتدخل دولي لحماية الأسرى

معتقلون مرضى يتعرضون لانتهاكات طبية في سجون الاحتلال

TT

«منظمة التحرير الفلسطينية» تطالب بتدخل دولي لحماية الأسرى

طالبت دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في «منظمة التحرير الفلسطينية»، الهيئات والمؤسسات الدولية، وفي مقدمتها «الصليب الأحمر»، بالتدخل الفوري لحماية الأسرى في سجون الاحتلال، مما يتعرضون له من «إجرام» على يد مصلحة السجون ومِن ورائها حكومة الاحتلال. وقالت الدائرة في بيان لها، أمس، إن «أجهزة قمع الاحتلال تتعامل مع الأسرى ضمن خطة منظمة ومعدة سلفاً تتلخص بسياسة الإهمال الطبي، حد القتل، مع مئات الأسرى الذين يعانون من أمراض مزمنة، والعديد منهم يعاني من أمراض خطيرة، كالسرطان والقلب وغيرهما. والهدف من وراء هذه السياسة إيصالهم إلى حالات صحية ميؤوس منها تؤدي بهم إلى الموت البطيء».
وحمَّلت سلطات الاحتلال «المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير بسام السايح الذي يعاني من وضع صحي خطير جداً نتيجة إصابته بسرطان الدم والعظام وضعف خطير بعمل عضلة القلب، وسط إهمال طبي تمارسه بحقه سلطات القمع بالسجون، مما يزيد من معاناته ومعاناة أهله». وأضافت أن المجتمع الدولي ومؤسساته يتحملون المسؤولية الكاملة عن هذه الممارسات التي تجاوزت بها سلطات الاحتلال جميع الخطوط الحمراء فيما يتعلق بحقوق الإنسان، خصوصاً الأسرى الذين تنطبق عليهم جميع القوانين والاتفاقيات والمعاهدات، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي الوقوف عند مسؤولياته وتطبيق هذه القوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وتوفير الحماية الدولية للأسرى في إطار توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني من بطش حكومة المستوطنين.
توصل الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال مع ما تُسمى بـ«إدارة مصلحة السجون» إلى اتفاق مبدئي بعد جلسة استمرت أكثر من ساعة. وتضمن الاتفاق وفقاً لما أعلنه الأسرى في معتقل عوفر أمس، إلى إعادة الأسرى الذين تم قمعهم ونقلهم إلى سجون «هشارون» و«هداريم» و«جلبوع». وأيضاً، نقل 6 منهم إلى معتقل «النقب الصحراوي»، إلى حين العمل على إعادتهم مجدداً إلى معتقل «عوفر». وأوضح نادي الأسير أن الأسرى أبلغوا الإدارة أن إغلاق الأقسام سيستمر يوم الجمعة، ويوم عيد الأضحى، وذلك لضمان تنفيذ ما اتفق عليه مبدئياً، وإعادة الأوضاع داخل المعتقل إلى ما كانت عليه قبل عملية القمع.
وكانت القوات التابعة لإدارة معتقلات الاحتلال (المتساد)، قد «اقتحمت قسم (20) وقسم (19) الذي يضم الأسرى الأطفال والأشبال، وفي 4 من الشهر الحالي، حيث نفذت عملية قمع وحشية، وتم الاعتداء على الأسرى، ورشُّهُم بالغاز، وتقييد الأسرى الأطفال ونقلهم إلى الزنازين، وعزل ونقل أسرى آخرين، وواجه الأسرى عملية القمع بخطوات مبدئية تمثلت في إرجاع وجبات الطعام، وإغلاق الأقسام. وأعلن 6 أسرى، تم قمعهم ونقلهم من المعتقل، إضرابهم عن الطعام.
وفي السياق، كشفت الهيئة عن أصعب الحالات المرضية القابعة بما يُسمى عيادة معتقل الرملة، إحداها حالة الأسير المقعد ناهض الأقرع (51 عاماً) من سكان قطاع غزة، الذي يرقد بشكل دائم داخل عيادة الرملة، منذ اعتقاله خلال عام 2007. حيث بترت قدماه داخل السجن بسبب إصابته بالرصاص قبل الاعتقال، وخضع لعدّة عمليات بتر في ساقيه، بسبب الانتشار الشديد للالتهابات فيهما، ولم تُقدم له أي رعاية طبية لحالته الصحية المتردية، وما زال الأسير يعاني من آلام جسيمة مكان البتر لكن العيادة تكتفي بإعطائه المسكنات، يُذكر أن الأسير محكوم بالسجن لثلاثة مؤبدات، وهو أب لأربعة أبناء.
بينما يعاني الأسير رائد بلاونة (44 عاماً) من سكان مدينة طولكرم، من البواسير منذ أكثر من 11 عاماً، كما أنه يعاني من التهابات حادة في المعدة، وهو بحاجة إلى إجراء عملية جراحية بأسرع وقت ممكن، لكن إدارة معتقل «ريمون» ما زالت تماطل في تحديد موعد لإجراء عملية له. أما الأسير أمير مقيد (34 عاماً) من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، القابع في معتقل «ريمون»، فهو يعاني من انزلاق غضروفي بسبب التنكيل به، وشبحه خلال استجوابه، ورغم معاناته تكتفي إدارة المعتقل بإعطائه أدوية مسكنة فقط.
في حين يمرّ الأسير طارق عاصي من مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس، بوضع صحي سيئ، فهو يشتكي من كسر في يده أُصيب به بعد الاعتداء عليه خلال عام 2014 أثناء وجوده بمعتقل «الجلبوع»، وهو بحاجة ماسَّة لإجراء عملية جراحية ليده بأسرع وقت ممكن.
وأُصيب الأسير عاصي بورم سرطاني في القولون خلال عام 2010 وقد تم استئصاله، وهو بحاجة لفحوصات دورية للاطمئنان على وضعه الصحي، لكن إدارة «نفحة» ترفض وتماطل بتحويله لإجراء الفحوصات وإجراء العملية ليده.
كما رصد تقرير الهيئة حالة كل من الأسيرة نسرين حسن (44 عاماً) سكان مدينة غزة، التي تعاني مؤخراً من إفرازات وكتل بالصدر، وهي بانتظار تحويلها لإجراء فحوصات طبية عاجلة لتشخيص حالتها المرضية. أما عن الأسيرة روان عنبر (23 عاماً) من سكان مخيم «الجلزون»، شمال مدينة رام الله، فهي تعاني من ارتفاع في ضغط الدم، وبحاجة إلى متابعة طبية لحالتها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».