د. عبد المالك أشهبون: الأثر السحري لكتاب «حياتي» لأحمد أمين

د.عبد المالك أشهبون
د.عبد المالك أشهبون
TT

د. عبد المالك أشهبون: الأثر السحري لكتاب «حياتي» لأحمد أمين

د.عبد المالك أشهبون
د.عبد المالك أشهبون

من المؤكد أنه كلما زادت قراءة المرء اتسعت آفاق عقله وتفكيره من كثرة ما يتعلمه. وككل من كان لهم الكتاب خير جليس، لم تكن بدايات عهدي بالقراءة من دون منعرجات ومطبات وعراقيل، فلطالما كنت أشرع في تقليب صفحات كتاب بعينه، وأنا عازم على إنهائه، من البداية حتى النهاية؛ لكن لم يكن التوفيق يحالفني. ربما لأن تلك الكتب التي كنت أقبل عليها كانت خالية من دسم عناصر التشويق والإمتاع والإثارة، بقدر ما كانت مثقلة بما هو ممل وغير محفز أو غيره. من هنا كان أسلوب التنقل بين الكتب، وكل يوم تنقطع عن كتاب، وتنتقل لآخر، حتى وقع اختياري يومها، وأنا في مستهل التعليم الثانوي، على كتاب استثنائي بالنسبة إليَّ، وهو كتاب «حياتي» لأحمد أمين؛ لأنه كان بالنسبة إليَّ أول كتاب أواظب على قراءته من الصفحة الأولى حتى الأخيرة.
ويعتبر كتاب «حياتي» لأحمد أمين، من أشهر كتبه، وكتب الأدب الشخصي التي صدرت في العربية في القرن العشرين. ويقدم هذا الكتاب صورة واقعية لتلك الحياة التي أنتجت ذلك الكاتب. ولعل خير ما يمكن قوله عن «حياتي» هنا، هو ما قاله مؤلفه نفسه في تقديمه طبعته الأولى: «هذا الكتاب كنت فيه العارض والمعروض، والواصف والموصوف، والعين لا ترى نفسها إلا بمرآة، والشيء إذا زاد قربه صعبت رؤيته، والنفس لا ترى شخصها إلا من قول عدو أو صديق، أو بمحاولة للتجرد تم توزيعها على شخصيتين: ناظرة ومنظورة، وحاكمة ومحكومة، وما أشق ذلك وأضناه».
علمني هذا الكتاب الكثير والكثير يومها:
علمني ما معنى التعبير عن الذات، حين ضرب لي مثلاً رائعاً عن شخصية الكاتب المثابر والمنتج، الذي لا يعرف كللاً ولا مللاً، ولا ضعفاً ولا فتوراً، من أجل تحقيق طموحه في الحياة.
حفزني على محاكاته، وذلك بالشروع في كتابة شذرات من حياتي في دفتر ذكرياتي، آثرت تسميته «حياتي»، تيمناً وتأثراً بعنوان كتاب أحمد أمين، «حياتي».
ساعدني على تكوين شخصيتي في الكتابة، حين انبريت أكتب خواطري وتأملاتي وأشعاري وقصصي.
خفف هذا الكتاب من حدة ما كنت أعانيه من صعوبات ذاتية وموضوعية، وأنا في بدايات مشواري الدراسي في التعليم الثانوي؛ فكانت الكتابة عن حياتي فرصة للتعبير عن رغبات محبطة أو متاعب لا شعورية، كما كانت فرصة للتعبير عن لحظات الفرح الممتعة في سيرة حياتي المليئة بالمنعرجات والمطبات. إنه بالفعل نموذج الكتاب الذي يعرف في عالم التربية بـ«كتاب التعلم» (Livre d'apprentissage).


مقالات ذات صلة

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي

وسط اعتراض كتّاب ودور نشر… شركة ناشئة تسعى لإنتاج 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي

شركة ناشئة تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي (أرشيفية)
شركة ناشئة تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي (أرشيفية)
TT

وسط اعتراض كتّاب ودور نشر… شركة ناشئة تسعى لإنتاج 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي

شركة ناشئة تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي (أرشيفية)
شركة ناشئة تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي (أرشيفية)

ينتقد كتّاب وناشرون إحدى الشركات الأميركية الناشئة التي تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي.

ووفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية، ستفرض شركة «سباينز» على المؤلفين ما بين 1200 دولار و5000 دولار لتحرير كتبهم ومراجعتها وتنسيقها وتصميمها وتوزيعها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وبهذا الشأن، قالت دار النشر المستقلة «كونغيت»، على منصة «بلو سكاي»: «هؤلاء... لا يهتمون بالكتابة أو الكتب».

وتقول الكاتبة سويي ديفيز أوكونجبوا: «تفرض (سباينز) رسوماً على المؤلفين المحتملين لإتمام نشر كتبهم، بأقل قدر ممكن من الاهتمام أو الرعاية أو الحرفية، هؤلاء ليسوا أشخاصاً يهتمون بالكتب أو القراءة أو أي شيء مرتبط بها من قريب أو من بعيد... هؤلاء انتهازيون ورأسماليون استغلاليون».

وبهذا الشأن تقول «سباينز»، التي حصلت مؤخراً على 16 مليون دولار تمويلاً أولياً، إن المؤلفين سيحتفظون بنسبة 100 في المائة من حقوق الملكية الخاصة بهم.

وادعى المؤسس المشارك يهودا نيف، الذي كان يدير سابقاً شركة نشر وخدمات نشر في إسرائيل، أن الشركة «ليست شركة نشر ذاتي» بل «منصة نشر».

ومن جانبها، تقول آنا غانلي، الرئيسة التنفيذية لأكبر نقابة للكتاب والرسامين والمترجمين في المملكة المتحدة: «ننصح المؤلفين بالتفكير بعناية شديدة قبل الالتزام بأي عقد يتضمن دفع الكاتب مقابل نشر عمله».

وأضافت: «من غير المرجح أن يحقق النشر بهذه الطريقة ما يأمل المؤلف في تحقيقه، ومن غير المرجح أن يكون ذلك أفضل السبل أمامه، وإذا كان سيعتمد على أنظمة الذكاء الاصطناعي، فهناك مخاوف بشأن الافتقار إلى الأصالة وجودة الخدمة المقدمة حتى لو كانت هناك ضمانات بأن النظام المعني لم يتم تطويره باستخدام محتوى حقوق الطبع والنشر بشكل غير قانوني».

تقول «سباينز» إنها ستقلل الوقت المستغرق لنشر كتاب إلى فترة أقصاها 3 أسابيع.