أسواق فيينا تدخل المنافسة السياحية

ما بين مجمعات أنيقة وأسواق شعبية غنية

من المجمعات العصرية
من المجمعات العصرية
TT

أسواق فيينا تدخل المنافسة السياحية

من المجمعات العصرية
من المجمعات العصرية

ما أحلى التسوق في فيينا، فهو متعة لا تضاهى، لا لثراء الأسواق وتنوعها وأمنها، فحسب وإنما لأن معظم الأسواق الكبيرة موجودة بداخل أحيائها القديمة بقلب البلد. فمعظم المتاجر الكبيرة تتعمد أن تكون لها أفرع في كل مجمعات وشوارع بمناطق المدينة، وهي 23 منطقة. وحتى وإن بعدت المتاجر فالمدينة تربطها شبكة مواصلات عمومية مريحة وسريعة، من قطارات أنفاق أو حافلات أو «ترامواي»، إضافة إلى سيارات الأجرة.
لهذا يمكن برمجة التسوق في فيينا كالتالي:

ماريا هليلفر اشتراسا
يعتبر Mariahilfer Strasse أهم شارع تسوق في فيينا، وهو شارع تاريخي شهد تحولات وتغييرات جذرية. ومما يقال إن الإمبراطور فرانز جوزيف كان يقطعه وهو في طريقه من قصر الشونبرون إلى قصر الهوفبورغ.
ولا نستبعد أن زوجته الإمبراطورة إليزابيث، أو سيسي كما يدللونها، كانت من عشاق هذه السوق.
تتراص المحلات على جانبي الجزء الداخلي من ماريا هيلفر، فيما تزيده «بوتيكات» صغيرة تنوعا. والجدير بالذكر أنه منذ أغسطس (آب) 2013 أصبح في معظمه منطقة مشاة ما زاد من متعة التسوق فيه.
مثله مثل معظم مناطق التسوق بكبريات المدن يزخر ماريا هيلفر بالأسماء العالمية، لكنه أيضا يحتضن متاجر نمساوية توفر كل شيء من بيع إبر الحياكة إلى قطع الأثاث والديكورات.
ما بين المتاجر، على طول ماريا هيلفر، توجد الكثير من الفنادق والمطاعم والصيدليات والعيادات ودور السينما.

كيرنتنر اشتراسا
يمثل الشارع ضلعا من مثلث هو الأشهر بقلب المدينة الإمبراطورية القديمة يضم ما يعرف بـ«القرابن» وساحة القديس ستيفان. يشتهر Kärntner Strasse المخصص للمشاة، بأنه نخبوي للأثرياء فقط بمتاجره ومقاهيه العامرة صيفا.
يضم «كيرنتنر اشتراسا» والقرابن وساحة القديس ستيفان وما حولها من شوارع جانبية الكثير من المتاجر الراقية والأسماء اللامعة على المستويين المحلي والعالمي، كما تحيط بالمنطقة مزارات سياحية ذات أهمية بالغة كقصر الهوفبورغ وكاتدرائية القديس ستيفان ومدرسة الفروسية الإسبانية وخيولها التي ترقص على أنغام الموسيقى، والمكتبة الوطنية، ومتحف الألبرتينا، ودار الأوبرا
.
المربع الذهبي
يتكون Goldenes Quartier من متاجر فاخرة، مثل لويس فويتون وشانيل وبرادا وميو ميو وفالنتينو وجيمي شو وهلم جرا. ويجمع الكثيرون أن هذا المربع ارتقى بمدينة فيينا لمصاف مدن الموضة العالمية مثل باريس وميلانو ولندن ونيويورك وروما، لما اعتمدته من أساليب معمارية تثير الانتباه جمعت بين ما تتميز به فيينا كالباروك والآرت نوفو والانفصالي، بجانب ما تتفنن فيه هذه المحال من طرق عرض وفق طراز رفيع. أضف إلى ذلك أن هذه المتاجر تقع مجاورة لمثلث كيرنتنر كما تحيطها أربعة شوارع من أفخم شوارع فيينا وأرقاها هي Tuchlauben وBongergasse وSteitzergasse وAmHof .
وبالجوار يوجد متجر صغير لبيع المثلجات بشارع Tuchlauben يقدم أطيب أنواع «الآيس كريم» بمختلف النكهات والأطعمة سواء كامل الدسم مع الكريمة أو «سوربي». يفتح أبوابه في موسم الصيف فقط ويعمل حتى الساعة 23:00 ما قبل منتصف الليل يومياً.

مراكز تسوق مسقوفة
ليس بعيدا عن مقر منظمة الأمم المتحدة ومنظماتها العاملة في فيينا، وما شيد حولها من مبان شاهقة بطوابق تتعدى الـ50 طابقا وهذا نمط معمار لا تعرفه المدينة القديمة، يتمدد «مركز تسوق الدانوب» بجزأيه القديم والجديد والجسر الذي يربطهما مما يجعله أكبر مجمعات التسوق المسقوفة في فيينا، وملاذ من يخشون البرد والمطر ويفضلون خدماته المتشعبة بما في ذلك مرافقه الترفيهية. يربط قطار الأنفاق رقم 1 هذا المركز الحي بوسط المدينة.

أسواق شعبية
بجانب تلك الأسواق الفخمة هناك أسواق شعبية لها أجواؤها الخاصة. من أشهرها، السوق الكبيرة للمشاة بمنطقة رويمان بلاتز، وجارتها كبلر بلاتز، بالمنطقة العاشرة حيث يسكن كذلك قطاع من النمساويين اليمينيين المتشددين، متوسطي الحال. لهذا يحرص حزب الحرية المتشدد المناهض للهجرة وللجوء على إقامة فعاليات سياسية وسط هذه السوق التي يطلق عليه البعض اسم «إسطنبول» لكثرة سكانه ومتاجره التركية.
ومما يشتهر به رويمان بلاتز شارع يخصص للفلاحين والمنتجات الزراعية التي تصل من المزارع طازجة صباح كل يوم عدا يوم الأحد.
يعمل بهذه السوق شباب عرب ينادون على الخضراوات والفاكهة بأصوات عالية كما في أسواقنا العربية، وهو ما يميزه عن الأسواق النمساوية الهادئة ويُكسبه حيوية تزيد مع الازدحام. هذا بجانب متعة الجلوس في المطاعم المجاورة أو المحيطة به، والآخذة في الانتشار لما تُقدمه من أطعمة نمساوية وأجنبية من بينها الشاورما والفلافل والبيتزا والسوشي.

أسواق خارج فيينا
على بُعد بضعة كيلومترات خارج فيينا تتوفر بعض المراكز أو مجمعات التسوق المسقوفة التي يسهل الوصول إليها بالمواصلات العامة. من هذه المراكز «شوبنق سيتي سود» أو مركز المدنية الجنوبية، ويمكن الوصول إليه بقطار مدينة بادن الذي يتحرك من قلب فيينا من محطة كارلس بلاتز.
هذا، فيما يعتبر مجمع ((جي 3)) الأحدث، وأكثر ما يميزه متجر «برايمارك» الآيرلندي المشهور بأسعاره الرخيصة. يمكن الوصول إليه بحافلة عمومية مجانا من محطة فلورزدورف.
أما إذا كان المتسوق يبحث عن مجمع للمتاجر والعلامات التجارية العالمية المعروفة، وما تُقدمه من خصومات تصل أحيانا إلى 70 في المائة، فهناك مركز باندورف الذي تم تشييده على الطريقة الأميركية على مساحة واسعة ويعرف بالـ OUTLET وله حافلة عمومية تنطلق من أمام دار الأوبرا على رأس كل ساعة من 10 إلى 4 ببطاقة ثمنها 15 يورو مع زجاجة عصير. يبعد «آوتليت باندورف» هذا عن فيينا بنحو 40 دقيقة.

أسواق موسمية
ينشط في فيينا صباح كل سبت سوق مميزة «فلو ماركت» لبيع الأنتيك والأشياء المستعملة و«الرببيكا» تخصص له مساحة شاسعة مجاورة لسوق الناشمارك ويتطلب للبيع فيه رخص معينة. يقصد البعض هذه السوق بحثا عن أشياء نادرة. فقد يحصلون على لوحة قد تكون ثروة أو كتابا قيما. في هذه السوق يمكن المساومة بشأن الأسعار.

الدروثيم
الـDorotheum هي دار عرض يرجع تاريخها للعام 1070 تتيح فرصا للحصول على قطع نادرة عن طريق المزاد أو الشراء المباشر. يعرض فيها السجاد والتحف والمجوهرات والأواني من الصيني والفضة ولوحات يعود بعضها لقرون مضت وكتب ومخطوطات نادرة منها ما تم بيعه في مزادات بمئات الآلاف من اليوروات. للدروثيم أكثر من فرع أهمها قصر فخم بالمنطقة الأولى يعتبر مزارا سياحيا عنوانه 17Dorotheergasse wien 1010



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».