موسكو «لا تخشى سباق تسلح» وتحمل واشنطن مسؤولية تأجيج الوضع

بوتين يتعهد بتطوير صواريخ نووية قصيرة ومتوسطة ويحذر من تقويض «ستارت»

بوتين لدى ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن القومي في مقر إقامته خارج موسكو أمس (رويترز)
بوتين لدى ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن القومي في مقر إقامته خارج موسكو أمس (رويترز)
TT

موسكو «لا تخشى سباق تسلح» وتحمل واشنطن مسؤولية تأجيج الوضع

بوتين لدى ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن القومي في مقر إقامته خارج موسكو أمس (رويترز)
بوتين لدى ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن القومي في مقر إقامته خارج موسكو أمس (رويترز)

لوح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، بقدرة بلاده على تطوير قدرات صاروخية متطورة، رداً على إعلان واشنطن رسمياً، نهاية الأسبوع الماضي، إنهاء العمل بمعاهدة الحد من الصواريخ النووية المتوسطة وقصيرة المدى، وقال إن موسكو ستعمل لمواجهة الموقف الجديد «بكل طاقاتها الإنتاجية للصواريخ»، محذراً من أن قيام واشنطن بنشر منظومات من هذه الطرازات سوف يقابل بنشر صواريخ روسية لمواجهتها.
وبعد مرور يومين على القرار الأميركي الذي وقع عملياً شهادة وفاة المعاهدة التي ساعدت منذ عام 1987 على تقليص تطوير ونشر الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى في أوروبا، جاء الرد الروسي موافقاً للتوقعات، إذ دعا بوتين مجلس الأمن القومي للانعقاد لبحث آليات الرد على الخطوة، وأصدرت الرئاسة الروسية بياناً حمل توقيع بوتين، في ختام الاجتماع الذي ناقش الوضع الناشئ بعد انهيار المعاهدة، وصادق على قرارات أساسية لمواجهته.
ونص البيان الرئاسي الروسي على أن موسكو تجد نفسها مضطرة لمواجهة التحديات الجديدة، وأنها ستعمل بـ«كل طاقتها» على تطوير صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، فور تأكدها من شروع واشنطن بتطوير صواريخ مماثلة.
وقال بوتين في بيانه إنه «مع انسحاب أحد الطرفين الموقعين على المعاهدة، يتوقف سريانها تلقائياً. وتعد الاتفاقية منتهية المفعول اعتباراً من الثاني من أغسطس (آب) 2019، وبذلك تمت إحالتها إلى الأرشيف من قبل زملائنا الأميركيين، لتغدو وثيقة محفوظة في أدراج التاريخ فقط».
وأعرب عن أسف بسبب «الانسحاب الأحادي غير المبرر من المعاهدة التي تشكل إحدى الركائز الأساسية في مجال الرقابة على انتشار الأسلحة في العالم»، لافتاً إلى أن التطور «زاد الوضع العالمي تعقيداً، وخلق مخاطر جوهرية لكل الأطراف»، محملاً واشنطن مسؤولية تداعيات هذا الوضع.
وذكر بوتين، في بيانه، أنه «بدلاً من الانخراط في النقاش العميق لمواجهة المشكلات القائمة أمام الأمن الدولي، شطبت الولايات المتحدة ببساطة كل الجهود المبذولة لمدة طويلة من أجل خفض احتمال نشوب صراع عسكري على نطاق واسع، بما في ذلك استخدام الأسلحة النووية». وقال إن بلاده «لا يمكنها تجاهل الوضع الناشئ، والاطمئنان إلى التصريحات الصادرة عن زملائنا الأميركيين وحلفائهم التي تتحدث عن سعيهم للسلام، من دون أن تكون مدعومة بتصرفات ملموسة».
وأكد بوتين أنه «في ظل المخاطر، أوعزت إلى وزارتي الدفاع والخارجية وجهاز الاستخبارات الخارجية للقيام بعمل دقيق في مراقبة الخطوات الأميركية لإنتاج ونشر الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى».
وزاد أنه «في حال تلقينا معلومات مؤكدة بأن الولايات المتحدة أكملت عمليات تطوير الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى وشرعت في إنتاجها، فستضطر روسيا إلى البدء بالتطوير الشامل للصواريخ المماثلة».
لكن الخطوات الجوابية التي أوضحها بوتين لن تقتصر على انتظار تأكيد المعطيات الواردة من واشنطن، إذ لوّح بالقدرات الصاروخية الكبرى لموسكو، وقال إنه «حتى قبل تسلم الجيش الروسي منظومات صاروخية كهذه، سيتم التصدي للتهديدات العملية التي يمكن أن تواجهها روسيا على خلفية انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك عبر استخدام صواريخ من طرازات (إكس 101) و(كنجال) و(كاليبر)، والمنظومات العسكرية الواعدة، مثل المنظومة الفرط صوتية (تسيركون)».
ولفت إلى أن «كل خطوات روسيا ستكون جوابية ومنسجمة مع الفعل الأميركي»، وهذا ينطبق على تطوير وإنتاج ونشر الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى التي تنطلق من الأرض، والتي كانت المعاهدة تحظرها، وزاد: «لن نقوم بنشرها في أي منطقة قبل نشر الصواريخ الأميركية المماثلة».
وفي تلويح هو الأخطر حول تأثير التطور على معاهدة تقليص الأسلحة النووية الهجومية «ستارت» التي ينتهي مفعولها بعد عامين، وكان يفترض أن يبدأ البلدان مفاوضات لتمديد فترة سريانها، قال بوتين إن «الإجراءات الأميركية التي أدت إلى انهيار معاهدة الصواريخ ستسفر حتماً عن زعزعة هيكلية الأمن العالمي بأكملها، فضلاً عن أنها تشكل تهديداً لمعاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية (ستارت 3)». ودعا واشنطن إلى بدء «حوار جدي موضوعي، ومن دون أي مواربة» مع موسكو بغية منع نشوب «سباق تسلح جديد منفلت، وذلك لتجنيب العالم فوضى لا تحكمها قواعد وقيود وقوانين».
وجاء موقف الكرملين القوي بعد تحذيرات مماثلة أطلقتها وزارة الخارجية الروسية، دعت من خلالها واشنطن للامتناع عن نشر صواريخ قصيرة ومتوسطة، مؤكدة استعدادها لمواصلة المحادثات حول الاستقرار الاستراتيجي، وعقد اتفاقات جديدة خاصة بالرقابة على التسلح. وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، إن بلاده «تدعو واشنطن إلى تحمل مسؤولياتها، والامتناع عن نشر الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى التي يعملون على إنتاجها، وفقاً لخطط كثر الحديث عنها في البنتاغون مؤخراً».
وزاد أن موسكو نبهت دائماً إلى ضرورة التفاهم على عدم نشر منصات الصواريـخ في الدول الأوروبية، لافتاً إلى أن بلاده لا تستبعد نصب صواريخ أميركية متوسطة المدى في اليابان، ولوح بأن موسكو مستعدة لنشر صواريخها في آسيا إذا قامت الولايات المتحدة بذلك.
كانت واشنطن قد قالت إن قرار الانسحاب من المعاهدة شكّل رداً على قيام موسكو بتجريب أنظمة صاروخية نووية متوسطة المدى، وهو أمر نفت موسكو صحته، وأطلقت اتهامات مماثلة ضد واشنطن. وقال ريابكوف، أمس، إن «روسـيا حافظت حتـى اللحظة الأخيرة على معاهدة إزالة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، ولم تجرب صاروخ (9 إم 729) للمدى المحظور بالمعاهدة الذي تحدثت عنه واشنطن»، واتهم الأميركيين بتسريع نشاطهم لـ«تفكيك نظام الرقابة على الأسلحة النووية الصاروخية، بهدف تقويض هذا النظام بأكمله».
وأضاف أن روسيا ستصر على إدراج الترسانات العسكرية لبريطانيا وفرنسا في الحساب لدى القيام بأي خطوات في مجال مناقشة إجراءات جديدة للرقابة على التسلح. وأكد ريابكوف أن روسيا «لن تخسر أبداً في سباق تسلح جديد بات يلوح في الأفق»، وعبر عن قناعة بأن «تصرفات واشنطن سوف تتسبب بإطلاق العنان لجولة جديدة من سباق التسلح، رغم تأكيد الرئيس (دونالد) ترمب على عدم جدوى سباق التسلح»، مشدداً على أن موسكو «لا تخشى خوض سباق تسلح؛ لقد أظهرنا بالفعل قدرتنا على إيجاد حلول ناجعة وفعالة من حيث التكلفة لمواجهة أي تحديات قائمة أمامنا، وبالتأكيد سنثبت قدراتنا مرة أخرى، بعد أن دمرت الولايات المتحدة معاهدة الصواريخ».
وحذر ريابكوف من تزايد عوامل الخطورة في العالم، مشبهاً الحالة الراهنة في مجال الحد من التسلح الدولي، ونزع السلاح وحظر الانتشار، بتلك التي تشكلت إبان «الحرب الباردة».
على صعيد آخر، دعت وزارة الخارجية الروسية المجتمع الدولي للتمسك بموقف موحد بشأن عدم نشر الأسلحة في الفضاء الخارجي، ودعم المبادرات السلمية في هذا المجال. وفي تعليق نشرته الخارجية الروسية، أمس، حول الاستراتيجية الوطنية الأخيرة للدفاع الفضائي في فرنسا، حذرت الخارجية من ظهور «أسئلة جدية حول بعض البنود، ينوي الجانب الروسي توجيهها إلى الشركاء الفرنسيين».
ولفتت إلى أن فرنسا أصبحت الدولة الثانية (بعد الولايات المتحدة) التي تتحدث رسمياً عن احتمال اندلاع نزاع مسلح في الفضاء الخارجي، وأنه «لا يستبعد الجانب الفرنسي احتمال اتخاذ تدابير جوابية رداً على الأعمال» غير الودية أو العدائية «ضد الأجسام الفضائية الفرنسية، وهو ما يعني - حسب فهمنا - استخدام القوة المسلحة».
وأشارت الخارجية الروسية إلى حدوث «تغيير في موقف باريس من المبادرة الروسية الخاصة بمنع عسكرة الفضاء الكوني».
وكان وزير الدفاع الفرنسي فلورنس بارلي قد أعلن، نهاية الشهر الماضي، استراتيجية الدفاع الفضائي لبلاده، التي تضمنت إنشاء قسم فضاء رئيسي، تحت قيادة القوات الجوية الفرنسية، وتخصيص 700 مليون يورو إضافية، بموجب قانون التخطيط العسكري لحماية الأقمار الاصطناعية الفرنسية.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.