واشنطن ترحب بوقف النار... وتشدد على إنهاء «الهجمات على المدنيين» في سوريا

قذائف قرب القرداحة... والجولاني يرفض الانسحاب من إدلب

صورة من الجو لبلدة خان شيخون بمحافظة إدلب تبين حجم الدمار الذي طالها (أ.ف.ب)
صورة من الجو لبلدة خان شيخون بمحافظة إدلب تبين حجم الدمار الذي طالها (أ.ف.ب)
TT

واشنطن ترحب بوقف النار... وتشدد على إنهاء «الهجمات على المدنيين» في سوريا

صورة من الجو لبلدة خان شيخون بمحافظة إدلب تبين حجم الدمار الذي طالها (أ.ف.ب)
صورة من الجو لبلدة خان شيخون بمحافظة إدلب تبين حجم الدمار الذي طالها (أ.ف.ب)

رحبت الولايات المتحدة، بحذر، بوقف إطلاق النار بمنطقة إدلب بشمال غربي سوريا، مشددة في الوقت ذاته على ضرورة إنهاء «الهجمات على المدنيين»، مع تواصل الهدوء النسبي ضمن منطقة «خفض التصعيد» مع دخول تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الجديد يومه الثالث، أمس، رغم استهداف قوات النظام ريفي حماة وإدلب بأكثر من 175 قذيفة وصاروخاً.
وقالت مورغن أورتاغوس المتحدثة باسم الخارجية الأميركية في بيان على هامش زيارة لوزير الخارجية مايك بومبيو لأستراليا، أمس، إن «ما يهم بالفعل هو أن الهجمات على المدنيين والبنى التحتية المدنية يجب أن تتوقف. سنُقدّر كل الجهود المبذولة لتحقيق هذا الهدف المهم».
وأضافت أورتاغوس، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية: «نحيي جهود تركيا وروسيا اللتين عملتا معاً لإعادة فرض وقف النار الذي تم التوصل إليه» في سبتمبر (أيلول)، شاكرة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جهوده الشخصية في ملف إدلب. وأكدت واشنطن من جديد أن «لا حل عسكرياً للصراع السوري». وقالت أورتاغوس: «وحده الحل السياسي بإمكانه ضمان مستقبل مستقر وآمن لجميع السوريين».
وشددت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية على أن «المسار الوحيد الممكن لحل سياسي هو العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف، بما في ذلك إصلاح دستوري وانتخابات تشرف عليها المنظمة الدولية».
وكانت الخارجية الأميركية قد أفادت بأن الولايات المتحدة ستدعم عمل مبعوث الأمم المتحدة الخاص غير بيدرسون والأمم المتحدة لدفع عملية يقودها السوريون من شأنها أن توجد نهاية سلمية وسياسية للصراع. والمنطقة، التي تشمل محافظة إدلب وأجزاء من محافظة حماة القريبة، هي آخر معقل كبير للمعارضة المسلحة لرئيس النظام السوري بشار الأسد الذي تعهد باستعادة جميع مناطق سوريا.
من جهته، أحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مواصلة الهدوء النسبي والحذر مع دخول تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الجديد يومه الثالث على التوالي، حيث لا تزال طائرات النظام و«الضامن» الروسي تغيب عن الأجواء منذ قبيل البدء بتطبيق الاتفاق وحتى الأمس، لافتاً إلى أنها المرة الأولى التي يتوقف فيها القصف الجوي لأكثر من 48 ساعة منذ بدء التصعيد الأعنف.
غير أن الهدوء المستمر في اليوم الثالث تخللته قذائف مدفعية أطلقتها قوات النظام بعد منتصف ليل السبت/ الأحد، على أماكن في الزكاة وكفرزيتا بريف حماة الشمالي، التي تشهد قصفاً متواصلاً بشكل متقطع منذ اليوم الأول لتطبيق الاتفاق.
وأعلن القائد العام لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) أبو محمد الجولاني، السبت، أن فصيله لن ينسحب من المنطقة منزوعة السلاح في شمال غربي سوريا. وجاءت تصريحات الجولاني خلال لقاء نظمته هيئة تحرير الشام مع صحافيين في منطقة إدلب. ولم يسمح للصحافيين بالتصوير.
وبعد أشهر من التصعيد العسكري، بدأ منذ منتصف ليل الخميس/ الجمعة، سريان اتفاق لوقف إطلاق نار في منطقة إدلب أعلنت دمشق «الموافقة» عليه واشترطت لاستمراره انسحاب المجموعات الجهادية من المنطقة منزوعة السلاح، بحسب ما ينص اتفاق روسي - تركي منذ سبتمبر.
وقال الجولاني: «ما لم يأخذه النظام عسكرياً وبالقوة فلن يحصل عليه سلمياً بالمفاوضات والسياسة (...) نحن لن ننسحب من المنطقة أبداً». وأكد: «لن نتموضع لا على طلب الأصدقاء ولا الأعداء»، مشدداً على رفض فصيله دخول قوات مراقبة روسية إلى المنطقة العازلة كما ينص الاتفاق. واعتبر الجولاني أن قوات النظام «استنزفت» خلال العمليات العسكرية.
وحذّرت الهيئة في بيان الجمعة، من أن أي قصف على مناطق سيطرتها سيؤدي إلى عدم التزامها بوقف إطلاق النار.
وتحدثت وكالة «سانا» الرسمية، أمس، عن سقوط بعض الصواريخ في بلدة بشلاما جنوب شرقي مدينة القرداحة، أدت إلى مقتل شخص وإصابة 3 آخرين بجراح، إضافة إلى خسائر مادية في الممتلكات.
وتعرضت محافظة إدلب ومناطق مجاورة، حيث يعيش نحو 3 ملايين نسمة، لقصف شبه يومي من طائرات سورية وأخرى روسية منذ نهاية أبريل (نيسان)، لم يستثنِ المستشفيات والمدارس والأسواق، وترافق مع معارك عنيفة في ريف حماة الشمالي.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.