«الإرهاب الأبيض» يهدد أميركا... وترمب مُتهم بتغذيته

أعمال العنف التي ارتكبها اليمين المتطرف أوقعت ضحايا أكثر من الهجمات الإسلامية المتطرفة

الزهور لتأبين الضحايا في موقع إطلاق النار في إل باسو (رويترز)
الزهور لتأبين الضحايا في موقع إطلاق النار في إل باسو (رويترز)
TT

«الإرهاب الأبيض» يهدد أميركا... وترمب مُتهم بتغذيته

الزهور لتأبين الضحايا في موقع إطلاق النار في إل باسو (رويترز)
الزهور لتأبين الضحايا في موقع إطلاق النار في إل باسو (رويترز)

ارتفعت كثير من الأصوات، اليوم (الأحد)، في الولايات المتحدة الأميركية مطالبة السلطات بالتعاطي بجدية مع التهديد الذي بات يمثله «الإرهاب الأبيض»، وذلك بعد حادثتي إطلاق نار داميتين في البلاد، في حين اتهم الديمقراطيون الرئيس دونالد ترمب بتغذيته من خلال تصريحاته المتفلتة.
وقال بيت بوتاجاج، المرشح للانتخابات التمهيدية الديمقراطية، في تصريح (الأحد): «بات واضحاً أن الأرواح التي زهقت في شارلستون وسان دييغو وبيتسبرغ، وعلى الأرجح أيضاً في إل باسو، هي من نتاج إرهاب قومي أبيض»، مشيراً في كلامه إلى هجمات استهدفت في السابق كنيسة للسود ومعبدين يهوديين، وأخيراً الاعتداء الذي استهدف مركزاً تجارياً في إل باسو في ولاية تكساس، أمس (السبت).
وتقع مدينة إل باسو على الحدود مع المكسيك، ويشكل الناطقون بالإسبانية نحو 85 في المائة من سكانها. أما مطلق النار، فهو شاب أبيض في الحادية والعشرين من العمر، قاد سيارته لمدة 9 ساعات من إحدى ضواحي مدينة دالاس ليرتكب مجزرة في ساعة ذروة داخل مركز تجاري في إل باسو.
وأطلق الشاب النار من بندقية هجومية، وقتل 20 شخصاً وأصاب 26 آخرين، قبل أن يستسلم إلى الشرطة التي تشتبه بدوافع عنصرية دفعته للقيام بفعلته.
ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي كلاماً منسوباً للجاني، يندد فيه بـ«الاجتياح اللاتيني لتكساس»، ويتطرق إلى المجزرة التي ارتكبها عنصري أبيض يؤمن بتفوق العرق الأبيض، والتي استهدفت مسجدين في كرايست تشيرش في نيوزيلندا في الخامس عشر من مارس (آذار) الماضي، مما أدى إلى مقتل 51 شخصاً.
وبعد 13 ساعة على مجزرة إل باسو، زرع مسلح الرعب في أحد أحياء مدينة دايتون في ولاية أوهايو، عندما أطلق النار على المارة، مُردياً 9 أشخاص في أقل من دقيقة. وأكد الشهود أنه رجل أبيض، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعاد المرشح الديمقراطي في السباق إلى البيت الأبيض بيت بوتاجاج، في تصريح لشبكة «فوكس نيوز»، ما حصل إلى «ضعف سياسات ضبط سوق السلاح من جهة، وارتفاع وتيرة إرهاب محلي تحركه نوازع قومية بيضاء من جهة ثانية».
وتابع بوتاجاج الذي يترأس بلدية مدينة ساوث بند في ولاية إنديانا: «لن نتمكن من حماية أميركا من هذا الخطر ما لم نكن مستعدين لتسميته مباشرة»، مضيفاً: «على الحكومة أن تتوقف عن اعتبار ما حصل مجرد صدفة، وأنه لا مجال للقيام بأي شيء لمنعه».
ووصف الرئيس ترمب مجزرة إل باسو بـ«العمل الجبان»، من دون أن يتطرق إلى الدوافع المحتملة للجاني، في حين عمل رئيس بلدية المدينة الجمهوري على التقليل من خطورة الاعتداء، ووصف الجاني بـ«الرجل المختل الشيطاني التوجه»، إلا أن هذا التفسير لا يرضي كثيرين، ولا حتى بعض الجمهوريين.
فقد غرد المسؤول الجمهوري في ولاية تكساس جورج ب. بوش، وهو شقيق الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، قائلاً: «إن مكافحة الإرهاب هي أصلاً أولوية، لكنني أعتقد أنه بات من الواجب حالياً أن تتضمن أيضاً الوقوف بحزم بوجه هذا الإرهاب الأبيض»، مضيفاً: «إنه تهديد فعلي، علينا التنديد به والعمل على القضاء عليه».
وتفيد أرقام قدمها مركز أبحاث «نيو أميركا» بأن أعمال العنف التي ارتكبها اليمين المتطرف أوقعت من الضحايا أكثر مما أوقعته الهجمات الإسلامية المتطرفة في الولايات المتحدة.
ويعتبر روبرت ماكنزي، المسؤول في هذا المركز، أن السلطات تأخرت في التحرك لمواجهته. وكتب في مطلع السنة الحالية: «حتى في عهد الديمقراطي باراك أوباما، تجاهلت أجهزة الاستخبارات مراراً تهديدات مصدرها اليمين المتطرف لأسباب سياسية».
لكن ما تغير منذ انتخاب دونالد ترمب عام 2016 هو نوعية النقاش العام.
فالرئيس بات يتكلم بشكل مفتوح عن «اجتياح» المهاجرين، ورفض إدانة مظاهرات اليمين المتطرف في شارلوتسفيل في أغسطس (آب) 2017، ودعا أخيراً نواباً في المعارضة من الأقليات إلى العودة إلى بلدانهم.
وذهبت إليزابيث وارن، المرشحة في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، الأحد، إلى حد القول إن «الرئيس يحض شخصياً على العنصرية، وعلى تفوق العرق الأبيض»، في حين ذهب المرشح الديمقراطي الثالث بيتو أوروركي إلى أبعد من ذلك، عندما اعتبر أن دونالد ترمب «لا يحض على الخطابات العنصرية فحسب، بل يحض على العنف الذي يليها أيضاً».
لكنه تابع قائلاً: «هذا لا يأتي منه فحسب»، مندداً أيضا بشبكة «فوكس نيوز»، وبالدعاية العنصرية التي تنتشر على الإنترنت، وبتزايد نسبة التسامح مع العنصرية لدى الأميركيين.


مقالات ذات صلة

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».