مقتل حمزة بن لادن «ضربة رمزية» لـ«القاعدة»... لكن تأثيرها محدود

التنظيم توسع في آسيا وغرب أفريقيا لملء فراغ تفكك «داعش»

حمزة بن لادن (أ.ف.ب)
حمزة بن لادن (أ.ف.ب)
TT

مقتل حمزة بن لادن «ضربة رمزية» لـ«القاعدة»... لكن تأثيرها محدود

حمزة بن لادن (أ.ف.ب)
حمزة بن لادن (أ.ف.ب)

قال خبراء بأن مقتل حمزة بن لادن نجل مؤسس تنظيم القاعدة وزعيمها السابق، والذي أعلنته وسائل إعلام أميركية، لا يشكل ضربة مؤثرة للتنظيم لأنه لعب دورا محدودا فيه ووفاته لا تمس قيادة القاعدة. وأوضح الخبراء أن مقتله قد وجه ضربة رمزية لتنظيم القاعدة، ينهي معها آمال المجموعة التي كانت تقود في السابق أكثر الجماعات الإرهابية شهرة في العالم، لكن مقتله له تأثير ضئيل للغاية على مستقبل التنظيم وعلى الحرب على الإرهاب.
وقال باراك مندلسون الأستاذ في جامعة هارفارد في ولاية بنسلفانيا «يبدو أن «القاعدة» وضعته في قلب عملها الدعائي في انتظار أن يتمكن من الوصول إلى قيادة التنظيم. لكن ليس من المؤكد أنه مطلع على مهام عملانية جوهرية».
وقتل حمزة بن لادن الذي كان يقدم باعتباره خليفة والده مؤسس «القاعدة»، في غارة جوية، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، لكن ملابسات مقتله ودور واشنطن ظلا غامضين. وبحسب ما نشر، فقد قتل في العامين الأخيرين وأقام في أفغانستان في ماض قريب.
ويعتقد أن حمزة كان يجري إعداده لقيادة تنظيم القاعدة وتولي قيادة الأجيال الجديدة من الشباب ولم يعط المسؤولون الأميركيون سوى القليل من التفاصيل عن وفاته قائلين بأنه قتل خلال أول عامين من إدارة الرئيس دونالد ترمب. وقال مصدر مسؤول بأن الأدلة الأميركية على وفاته موثقة للغاية.
وتعتبر الأمم المتحدة والحكومة الأميركية حمزة بن لادن عنصرا خطرا بإمكانه المشاركة في إعادة بناء المنظمة التي أضعفتها حرب واشنطن على الإرهاب بعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. ونافسها في السنوات الأخيرة تنظيم داعش. ورصدت واشنطن في فبراير (شباط) 2019 مكافأة تصل إلى مليون دولار لمن يقدم معلومات تتيح العثور على حمزة بن لادن. كما أضافت لجنة عقوبات الأمم المتحدة ضد القاعدة وتنظيم داعش، اسم «حمزة أسامة محمد بن لادن» المولود في 9 مايو (أيار) 1989 في جدة، إلى لائحة الخاضعين لتجميد الأرصدة ومنع السفر.
وقالت الأمم المتحدة في فبراير بأنه «عين» في أغسطس (آب) 2015 من الظواهري «رسميا في تنظيم القاعدة» و«اعتبر الأقرب إلى خلافته». ولم يصدر عن القاعدة رد فعل على الإعلان عن مقتل حمزة.
ويؤكد الخبراء أنه من غير الواضح ما إذا كان حمزة ورث أيا من رؤية والده أو قدراته وأنه لم يتمكن من تحقيق أي نجاحات للمتطرفين. واعتبر بروس هوفمان خبير مكافحة الإرهاب في مجلس العلاقات الخارجية، أن القاعدة لن تتأثر بغياب نجل مؤسسها.
ووفقا للرسائل والتسجيلات التي حصلت عليها الاستخبارات الأميركية بعد عملية قتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن عام 2011 أن بن لادن صاغ خطابات تصف المنهج الذي كان يجب على ابنه حمزة اتباعه والصفات التي يجب أن يزرعها وإجراءات السلامة التي يجب عليه اتباعها.
وفي إحدى الرسائل نصحه بالسفر في يوم غائم حيث سيكون من الصعب على طائرة بدون طيار تعقبه وفي رسالة أخرى دعا ابنه إلى تبديل السيارات داخل النفق لخداع المراقبة العلوية. وعثر في أرشيف أسامة بن لادن في باكستان، على شريط فيديو لزواج حمزة في إيران على ما يبدو.
ووفقا لهذه الخطابات أشار الخبراء إلى أن تلك الرعاية لم تكن مجرد رعاية أب لابنه وإنما تبدو أنها محاولة من أسامة بن لادن لتأمين إرثه. ويعتقد المحللون أنه منذ عام 2010 كانت القاعدة تعد حمزة بن لادن سرا لتولي التنظيم ويبدو أنها خطوة قد تم إحباطها.
وكان حمزة قد أرسل إلى إيران بعد اعتداءات 11 سبتمبر، لحمايته. وأمضى هناك عشر سنوات تحت مسؤولية سيف العدل القيادي في القاعدة، بحسب ما ذكر علي صوفان العميل السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي والذي أصبح خبيرا في مكافحة الإرهاب وألف سيرة حمزة بن لادن.
ويرى صوفان أن شبكة القاعدة قامت تحت إشراف الظواهري بعملية إعادة بناء طويلة من خلال توسعها في آسيا وغرب أفريقيا لملء الفراغ الذي أحدثه تفكك تنظيم داعش.
ورأت كاترين زيمرمان الخبيرة في الإرهاب أنه «يتعين انتظار تأبين «القاعدة». من النادر جدا ألا تؤبن قياديا راحلا». وأضافت أن حمزة «بات بمعنى ما صوتا لقيادة «القاعدة»، وكان يتحدث عن التطرف العالمي وما يجب على المسلمين فعله لدعم هذه المعركة».
وقال الخبير الأمني الباكستاني رحيم الله بوسفزاي أحد الصحافيين القلائل الذين قابلوا أسامة بن لادن وجها لوجه «أعتقد أن مقتل حمزة خسارة كبيرة للقاعدة لأنهم كانوا بحاجة إلى شخص أصغر سنا وأكثر نشاطا وكان لدى حمزة هذه الصفات وكان مقبولا في المرتبة ليكون الخليفة الطبيعي لوالده».
وأكد خبراء أنه لا يوجد ما يثبت أن حمزة الذي كان يعده والده أسامة بن لادن ليكون خليفة له، وصل إلى مهام أعلى لاستمالة أجيال جديدة من المجندين وسط أجواء من التنافس مع تنظيم داعش. وقال مصدر بالإدارة الأميركية «لم يكن هناك دليل على أنه كان العقل المدبر الاستراتيجي لأي شيء يشبه والده».
واعتبر بروس هوفمان خبير مكافحة الإرهاب في منظمة «مجلس العلاقات الخارجية» الأميركية، أن «القاعدة» لن تتأثر بغياب نجل مؤسسها، مشيرا إلى أن حمزة «كان شخصا مهما بنسبه العائلي وسنه» لكن «القاعدة تجاوزت مقتل والده، ويمكنها الاستمرار بعد وفاة الابن».
ومع وفاته، توقع رافايلو بانتوتشي مدير دراسات الأمن الدولي بالمعهد الملكي البريطاني أنه من المحتمل أن تبحث القاعدة عن قائد جديد من إحدى المجموعات الإقليمية القوية في الشبكة.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.