الأمم المتحدة تحذر من تعثر أهداف التنمية المستدامة

آشين شتاينير المسؤول عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال افتتاح المركز الأفريقي  للتغير المناخي والتنمية في روما الشهر الماضي (أ.ب)
آشين شتاينير المسؤول عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال افتتاح المركز الأفريقي للتغير المناخي والتنمية في روما الشهر الماضي (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تحذر من تعثر أهداف التنمية المستدامة

آشين شتاينير المسؤول عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال افتتاح المركز الأفريقي  للتغير المناخي والتنمية في روما الشهر الماضي (أ.ب)
آشين شتاينير المسؤول عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال افتتاح المركز الأفريقي للتغير المناخي والتنمية في روما الشهر الماضي (أ.ب)

حذّرت الأمم المتحدة من أن التعثّر الذي تشهده مناطق عديدة في العالم بالنسبة لتحقيق بعض أهداف التنمية المستدامة، وبخاصة تلك التي تتعلّق بتغيّر المناخ ومكافحة الجوع ورعاية الطفولة، من شأنه أن يقضي على العديد من الإنجازات التي تحققت خلال العقود الأخيرة في مجالات إنمائية أخرى بكلفة عالية ونتيجة جهود وتضحيات كبرى.
وقد جاء التحذير هذه المرّة على لسان آشين شتاينير المسؤول عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهو الذراع التنفيذية الكبرى للمنظمة الدولية في مجال التنمية، الذي قال «إن تداعيات تغيّر المناخ تُلحق أكبر الأضرار بالبلدان التي تساهم أقلّ من غيرها في حدوثه، لكن الدول الغنيّة أيضاً ستدفع ثمناً باهظاً إذا لم تسارع إلى وضع السياسات واتخاذ التدابير اللازمة لمعالجته». وجاءت تصريحات شتاينير بالتزامن مع المرحلة الانتقالية الحاسمة التي تشهدها الأمم المتحدة في مجال الأنشطة الإنمائية، حيث لم يعد البرنامج الإنمائي مسـؤولاً عن التنسيق بين مختلف وكالات وبرامج التنمية كما كان منذ العام ١٩٩٥، بعد أن قرّر الأمين العام أنطونيو غوتيرّيش إناطة هذه المسؤولية بمكتب تنسيق التنمية الذي استحدثه مؤخراً في إطار عملية إصلاح واسعة داخل المنظمة الدولية بهدف تحقيق المزيد من الفعالية.
ويقول مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال تقديمه التقرير الأخير لمنظمته التي لها مكاتب موزّعة على أكثر من ١٧٠ دولة وتلعب الدور الأساسي في دفع عملية تحقيق أهداف التنمية المستدامة «منذ أربع سنوات وضعت الأسرة الدولية خارطة طريق نحو عالم أكثر عدالة وسلاماً واستدامة على الصعيد البيئي بحلول العام ٢٠٣٠، لكن الجهود المبذولة حتى الآن لا تكفي لمواجهة التحديات الواردة ضمن أهداف التنمية السبعة عشر، مثل استئصال الفقر المدقع والجوع وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل وتوفير التعليم والعناية الصحية للجميع».
ويفيد التقرير أنه رغم التعثّر الذي تشهده عملية تحقيق هذه الأهداف في مناطق عديدة، إلا أن بعض البلدان نجحت مثلاً في خفض معدلّات الفقر من ٣٦ في المائة إلى ٨ في المائة، مما يدلّ على نجاعة البرامج المعتمدة ويفترض أن يحفزّ البلدان الأخرى. وبعد أن يؤكد شتاينير أن الجهود المبذولة حاليا على الصعيد الدولي غير كافية، يقول «أوروبا تعهدّت خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة ٤٠ في المائة وأنا على ثقة بأنها ستفي بهذا التعهّد. ومنذ عشر سنوات كان العالم يشير بالبنان إلى الصين والهند بوصفهما دولتين تقفان عائقاً في وجه التقدّم نحو إطار عالمي للعمل في مجل تغيّر المناخ، لكن الوضع تغيّر الآن حيث نلاحظ أن الصين تنشط لتنويع مصادر طاقتها بهدف خفض الانبعاثات، وهناك أمثلة أخرى»، ثم يضيف «لكن المشكلة هي أن النظام الراهن قائم منذ ٢٠٠ عام، والعالم يضيّع وقتاً ثميناً لتغيير منظومة الطاقة والمواصلات والأنشطة الزراعية. دخلنا مرحلة الطوارئ ولم يعد أمامنا مفرّ من العمل بأقصى سرعة ممكنة».
لكن العبرة الصارخة في كلام شتاينير تأتي في تصريحه «إن الحقيقة المرّة تكمن في أن الأثرياء سوف يكونون قادرين على شراء مخرج من الكارثة. سيشترون الأراضي العالية، ويغادرون المناطق الجزرية التي ستغمرها مياه المحيطات، ويؤمّنون على ممتلكاتهم ضد الفيضانات ويجهّزون منازلهم بأدوات التبريد أو التدفئة. بعض الدول بدأت تستغلّ ذوبان الكتل الثلجية في القطب المتجمد لاستخدام طريق الشمال للملاحة البحرية لنقل الوقود الأحفوري. المفارقة الكبرى في بدايات القرن الحادي والعشرين هي أن تغيّر المناخ بات ظاهرة تعاقب تداعياتها أولئك الذين ساهموا أقلّ من غيرهم في حدوثها. لكن إذا استمرّ العالم على هذا المنوال، سيأتي يوم لن يكفي فيه كل مال الدنيا لشراء مستقبل آخر».
ويحذّر تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي سيكون الموضوع الرئيسي لمناقشات الجمعية العامة اعتباراً من الشهر القادم في نيويورك، من «أن عدم المساواة الذي باتت تعاني منه كل المجتمعات، المتطورة منها والنامية، هو السبب الرئيسي الذي أدّى إلى توتّر الأوضاع الاجتماعية والسياسية بعد عقود من تفضيل النمو الاقتصادي على أي اعتبار آخر، والمجتمعات لم تعد مستعدة للقبول بذلك بعد اليوم. ويشير التقرير أن الدول الغنيّة التي استفادت من هذا النظام الاقتصادي ليست مستعدة لتغييره أو حتى لمناقشته، ويفيد أن «المقصود بالمساواة هو أن يتساوى الجميع في الفرص وإمكانات النمو، ومن السذاجة الاعتقاد اليوم أن الناس ستقبل بغير ذلك». ويقول شتاينير «توجيه الانتقاد أو إلقاء اللوم على أصحاب الثروات الكبيرة ليس السبيل، فهي وليدة نظام يسمح بجمعها ويشجّع عليها. وقد استوقفني مؤخراً أن عدداً من كبار الأثرياء في الولايات المتحدة أعلنوا عن استعدادهم لدفع المزيد من الضرائب. فالناس لا تشعر بالأمان فيما كثيرون آخرون يعيشون في البؤس وأولادهم في ظروف قاسية. وما نسعى إليه في البرنامج اليوم هو النقاش حول المستوى الصحيح للضرائب ومجالات استثمارات عائداتها وكيف يجب أن توزَّع بين المدن والأرياف. لكن ليست الأمم المتحدة هي التي تقرر نتائج هذا النقاش وما ينبغي أن يتمخّض عنه من تدابير وقرارات».
وينهي تقرير برنامج الأمم المتحدة عرضه لمشهد التنمية في العالم وآفاقه بدعوة الدول الكبرى إلى المراهنة على التعاون الدولي الذي لا تزيد تكلفته عن ٩ في المائة من مجموع إنفاق هذه الدول على التسلّح، ويحذّر من «أن عالماً يضطر فيه ٧٠ مليون شخص لمغادرة بلدانهم هرباً من الحروب والفقر والاضطهاد، لا يمكن أن تزدهر فيه التنمية ويسوده الأمان».


مقالات ذات صلة

الجولاني يلتقي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا

المشرق العربي أبو محمد الجولاني (أ.ب)

الجولاني يلتقي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا

ناقش أحمد الشرع مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن ضرورة إعادة النظر في خريطة الطريق التي حددها مجلس الأمن الدولي في عام 2015.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.