واشنطن تطلب تفاصيل حول تحقيقات الفساد داخل «أونروا»

TT

واشنطن تطلب تفاصيل حول تحقيقات الفساد داخل «أونروا»

أرسلت الولايات المتحدة الأميركية رسالة إلى الأمم المتحدة طلبت فيها توضيحات حول تحقيقات الفساد التي انطلقت داخل المنظمة حول فساد في وكالة تشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين «أونروا».
وأثارت الرسالة الموقعة باسم المبعوث الأميركي الخاص لـ«الشرق الأوسط» جيسون غرينبلات، مخاوف إدارته من أن الأموال التي تبرعت بها واشنطن في الماضي إلى الوكالة استغلت بطريقة مسيئة. وطلبت الرسالة تفاصيل حول التحقيقات ونتائجها.
وقالت القناة الإسرائيلية الثانية إن غرينبلات الذي طالما هاجم فساد أونروا، أوضح في رسالته أن الإدارة الأميركية دفعت في السنوات الـ10 الأخيرة نحو ثلاثة مليارات دولار لأونروا، ولذلك فإنها تطالب بالاطلاع من قرب على التفاصيل، والوصول إلى طواقم التحقيق حول ما يجري. وتحدث تقرير لمكتب الأخلاقيات التابع للأمم المتحدة قبل أيام عن سوء إدارة واستغلال سلطة من قبل مسؤولين على أعلى مستوى في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» التي تواجه أزمة مالية غير مسبوقة بعد قطع التمويل الأميركي عنها. وجاءت اتهامات الفساد في أسوأ وقت بالنسبة لأونروا التي تناضل من أجل البقاء في وجه خطة أميركية لشطبها. وأشار تقرير الأمم المتحدة صراحة إلى تورط مسؤولين كبار في وكالة «الأونروا» في انتهاكات أخلاقية يندرج فيها «سلوك جنسي غير لائق ومحاباة وتمييز وغيرها من ممارسات استغلال السلطة».
وينظر محققو الأمم المتحدة حاليا في الاتهامات الواردة في التقرير السري لمكتب الأخلاقيات الذي يتحدث عن انتهاكات خطيرة للأخلاقيات «ذات مصداقية» يطال بعضها المدير العام للوكالة بيير كرينبول. وبحسب أونروا، فإن مسؤولا فيها ورد اسمه في التقرير استقال بسبب «سلوك غير لائق» على صلة بالتحقيق، كما استقالت مسؤولة أخرى «لأسباب شخصية».
وأُرسل تقرير لجنة الأخلاقيات إلى الأمين العام للأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول)، ومن حينها زار محققو المنظمة الدولية مكاتب الوكالة في القدس وعمان لجمع المعلومات المتعلقة بهذه الاتهامات.
وعزز التقرير اتهامات الولايات المتحدة لأونروا بالفساد. وكانت الإدارة الأميركية قطعت العام الماضي مساعدات للوكالة بقيمة 300 مليون دولار سنويا؛ مما أدخل الوكالة في أزمة مالية معقدة.
وتقول واشنطن إن أونروا، إضافة إلى أنها فاسدة، فهي تديم أمد الصراع، كما ترفض واشنطن الاعتراف بأرقام أونروا حول عدد اللاجئين الفلسطينيين.
وأكد غرينبلات ضرورة إجراء «تحقيق كامل وشفاف من جانب الأمم المتحدة». فيما أكدت الأونروا أنه لا يمكنها التعليق على الملف حتى انتهاء التحقيق فيه.
ويندد تقرير لجنة الأخلاقيات بعدد صغير من كبار المسؤولين، معظمهم من الأجانب «تتمركز السلطة والنفوذ بأيديهم تمكنوا من الالتفاف على ضوابط الأمم المتحدة».
ويقول التقرير إن كرينبول نفسه متورط عاطفيا مع زميلة تم تعيينها في عام 2015، واستحدث لها وظيفة «كبيرة المستشارين» بعد أن طلب «إجراءات سريعة» للغاية لتوظيفها. وقد سافرت معه في رحلات درجة رجال الأعمال في جميع أنحاء العالم، وفقًا للتقرير.
وأثر التقرير على وضع أونروا الحالي بعدما قررت سويسرا وهولندا تعليق مساعداتهما للوكالة مؤقتا إلى أن يكشف تحقيق داخلي قضية الاتهامات بسوء الإدارة واستغلال السلطة في هذه المنظمة.
وتراجعت المساعدات لأونروا أصلا بعد مقاطعة الولايات المتحدة لها. وبعد بدء الأزمة المالية أنشأ كرينبول وحدة لجمع الأموال خارج الآليات التقليدية. وأوضح التقرير أنه «لم يجمع سوى مبالغ بسيطة، لكن ذلك مكنه في الوقت نفسه من مواصلة السفر مع شريكته».
ويتهم التقرير أيضا بشكل منفصل مساعدة كرينبول بالتلاعب وأنها خلقت وظيفة لزوجها بأجر مرتفع وذلك خلال الأزمة المالية عام 2018.
ويؤكد التقرير أن أسلوب إدارتها كان متسلطا، وقد أبعدت أولئك الذين لم يحظوا بإعجابها عن صناعة القرارات، وتجنبت الضوابط والتوازنات.
ويصف التقرير مسؤولا كبيرا آخر بأنه متسلط على الموظفين ويتصرف وكأنه «رجل عصابات» و«بلطجي». وأكدت الوكالة «فصل هذا المسؤول مؤخرا عن الوكالة بسبب سلوكه غير اللائق». وعقب السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون على رسالة غرينبلات بقوله: «نرحب بالسياسة الأميركية الثابتة حيال أونروا. هذه خطوة إضافية تساهم بكشف الحقيقة التي تحدث في الوكالة القائمة على الكذب. يجب على الأمم المتحدة أن تجري تحقيقا معمقا وأن تتأكد أن الوكالة لم يتم توجيهها إلى نظام فساد ولذلك يجب على باقي الدول المانحة الانضمام إلى سويسرا وهولندا وتعليق تمويل الوكالة فورا حتى انتهاء التحقيقات».


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».