حرب التجارة تشتعل مجدداً بين الصين والولايات المتحدة

بكين تهدد بـ«الانتقام» بعد قرار ترمب المفاجئ... وتوقعات بانهيار المفاوضات

يتوقع مراقبون انهيار مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين بعد التصعيد الأميركي الأخير (أ.ب)
يتوقع مراقبون انهيار مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين بعد التصعيد الأميركي الأخير (أ.ب)
TT

حرب التجارة تشتعل مجدداً بين الصين والولايات المتحدة

يتوقع مراقبون انهيار مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين بعد التصعيد الأميركي الأخير (أ.ب)
يتوقع مراقبون انهيار مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين بعد التصعيد الأميركي الأخير (أ.ب)

سارعت الصين بالإعلان أنها «لن تخضع للابتزاز»، رداً على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، توسيع نطاق فرض الرسوم الجمركية العقابية، لتطال كل الواردات من الصين، مهددة، الجمعة، باتخاذ «تدابير مضادة انتقامية» ضدّ واشنطن، التي وضعت حداً للهدنة بين القوتين.
كان ترمب أعلن في سلسلة تغريدات مساء الخميس، أن إدارته ستفرض اعتباراً من أول سبتمبر (أيلول) المقبل رسوماً جمركية بنسبة 10 في المائة على ما قيمته 300 مليار دولار من الواردات الصينية، ما لم تكن مشمولة مسبقاً بهذا الإجراء.
وبعد تقارير متباينة، أمس، تحاشى المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كودلو، الإجابة على سؤال عما إذا كان الرئيس الأميركي سيؤجل، أو يوقف، فرض رسوم جمركية على بضائع صينية بقيمة 300 مليار دولار، إذا اتخذت بكين بعض الإجراءات الإيجابية. وأبلغ كودلو شبكة «فوكس بيزنس»، أمس: «لم أسمع عن أي شيء محدد». وأضاف قائلاً: «الرئيس غير راض عن التقدم نحو اتفاق للتجارة».
من جانبها، حذرت الحكومة الصينية من أنه لن يكون أمامها خيار آخر سوى اتخاذ تدابير مضادة إذا نفذ ترمب تهديداته. ولم تحدد بكين طبيعة هذه الإجراءات المضادة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشون يينغ، الجمعة، إن بكين لن تقبل ممارسة الضغط الشديد عليها بأي شكل من الأشكال، وستتخذ التدابير المضادة اللازمة إذا فرضت الولايات المتحدة تعريفات إضافية على السلع الصينية.
وأضافت أن «الصين غير راضية، وتعارض بشدة ما تردد حول عزم الجانب الأميركي فرض تعريفات إضافية بنسبة 10 في المائة على واردات صينية بقيمة 300 مليار دولار»، معربة عن أملها أن تتمكن الولايات المتحدة من العودة إلى المسار الصحيح، قائلة: «لقد حان الوقت للجانب الأميركي لإظهار مدى صدقه».
واتهم وزير التجارة الصيني، في بيان، الولايات المتحدة، بانتهاك «التوافق» الذي توصل إليه ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ في يونيو (حزيران) الماضي، على هامش قمة العشرين، حول إعادة إطلاق المفاوضات.
وتابع بيان وزارة التجارة أن «تحرك الجانب الأميركي لتصعيد الاحتكاكات الجمركية والتعريفات التجارية لا يتفق مع مصالح البلدين والعالم بأسره، وسيكون له تأثير تقشعر له الأبدان على الاقتصاد العالمي».
وحسب البيان، فإن الجانب الصيني «يعتقد دائماً أنه لا يوجد فائز في الحرب التجارية. الصين لا تريد القتال، لكنها ليست خائفة من القتال، لكنها ستقاتل إذا لزم الأمر. ونأمل أن تصحح الولايات المتحدة أخطاءها في الوقت المناسب، وأن تحل المشكلات على أساس المساواة والاحترام المتبادل، وأن تعود إلى المسار الصحيح».
كما انتقد وزير الخارجية الصيني وانغ يي، الجمعة، قرار الرئيس الأميركي، قائلاً على هامش اجتماع وزاري في بانكوك، إنّ «فرض رسوم جمركية ليس بأي حال من الأحوال وسيلة بناءة لحل الخلافات الاقتصادية والتجارية».
وكان لإعلان ترمب أثر كبير على الأسواق، حيث تراجع سعر برميل النفط 8 في المائة في نيويورك، كما تراجعت المؤشرات الرئيسية في بورصة وول ستريت. وكانت ردة فعل الأسواق الآسيوية مماثلة عند افتتاحها، حيث خسرت بورصة طوكيو الجمعة أكثر من 2 في المائة نحو الساعة 01.30 بتوقيت غرينيتش، وبورصة شنغهاي 1.41 في المائة.
وقال ترمب للصحافيين لاحقاً «أنا غير قلق» من تراجع الأسواق، مضيفاً: «توقعت ذلك». واعتبر ترمب كذلك أن الرئيس الصيني يريد التوصل لاتفاق، لكنه «لا يعمل بالسرعة اللازمة» لتحقيق ذلك.
وحذر ترمب أيضاً من أنه قد يرفع من جديد الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية، ما لم تقبل الصين بالمطالب الأميركية. وأثار احتمال رفعها إلى «ما يزيد عن 25 في المائة». وإذا طبّقت الرسوم الجمركية الجديدة فعلياً، فهي ستطال كلّ الواردات القادمة من العملاق الآسيوي.
بالإضافة إلى ذلك، أكد ترمب، الذي لم يتوقف عن إعطاء مواقف متضاربة خلال هذا النزاع التجاري، أن المحادثات ستستأنف كما هو مقرر «مطلع سبتمبر». غير أن رئيس المجلس الاقتصادي الصيني - الأميركي كريغ آلن، يخشى من أن قرار ترمب قد يدفع الصينيين إلى الانسحاب من المفاوضات.
وبرر ترمب قراره المفاجئ بكون بكين لم تفِ، في رأيه، بالتزامين مهمين؛ الأول شراء كميات أكبر من المنتجات الزراعية الأميركية، والثاني وقف مبيعات «الفنتانيل»، وهو عقار مخدر شديد القوة منتشر في الولايات المتحدة، والصين من منتجيه الرئيسيين.
يأتي ذلك رغم تأكيد بكين، الخميس، أنها زادت مبيعاتها خلال الأسابيع الأخيرة من المنتجات الزراعية الأميركية، ورغم استئناف المفاوضات بين الطرفين بأجواء هادئة نسبياً هذا الأسبوع في شنغهاي.
والأربعاء، تحدّث الطرفان عن محادثات «مثمرة» لوضع حد لحرب تجارية أطلقت قبل أكثر من عام. وقال المحلل لدى «ميسكارت فاينانشل سرفيسز»، غريغوري فولوخين، إن خطوة ترمب لم تكن متوقعة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتفرض واشنطن أصلاً رسوماً جمركية إضافية بنسبة 25 في المائة على ما يساوي 250 مليار دولار من السلع الصينية. وردت بكين بفرض رسوم جمركية إضافية على ما يساوي نحو 110 مليارات دولار من السلع الأميركية.
وحتى الآن، لم تفرض الإدارة الأميركية رسوماً على السلع الأكثر استهلاكاً، بحيث يبقى الاقتصاد الأميركي، الذي يدعمه استهلاك الأسر، بمنأى نسبياً عن آثار الحرب التجارية.
لكن احتمال فرض رسوم جمركية على كلّ السلع أثار صدمة في الأسواق. وانخفضت أسهم مجموعة «بست باي» بنسبة 9 في المائة، وهي سلسلة متاجر للأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، مباشرة بعد إعلان ترمب. وحذر فولوخين من أن الرئيس الأميركي «يلعب بالنار».
وأطلق ترمب حرب رسوم جمركية ضد الصين، ليدفع السلطات الصينية إلى وضع حدّ للإعانات إلى الشركات الحكومية، ووقف النقل القسري للتقنيات المفروض على الشركات الأجنبية، وكذلك التوقف عن «سرقة» الملكية الفكرية الأميركية. وأكد أنه يريد «اتفاقاً جيداً» أو لا اتفاق على الإطلاق. وذهب الخميس إلى حد القول إنه يستطيع الاستغناء عن التجارة مع الصين.
واتهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الموجود في بانكوك، الصين، بـ«الحمائية»، وبأنها تعتمد «استراتيجية افتراسية». وقال: «الصين استفادت من المبادلات التجارية... آن الأوان لأن يتوقف ذلك».



«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
TT

«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)

مع انطلاق «المسار البرتقالي»، اليوم (الأحد)، اكتمل تشغيل مسارات «قطار الرياض»، المشروع الأضخم من نوعه في العالم، وفق ما أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض.

وتأتي هذه الخطوة في إطار الخطة التوسعية للمشروع الذي تم تدشينه في ديسمبر (كانون الأول) 2024.

يربط «المسار البرتقالي - محور طريق المدينة المنورة» شرق الرياض بغربها، حيث يمتد من طريق جدة غرباً حتى الطريق الدائري الشرقي الثاني في منطقة خشم العان شرقاً، وذلك بطول إجمالي يبلغ 41 كيلومتراً. ويشمل المسار 5 محطات رئيسية هي: «طريق جدة»، و«طويق»، و«الدوح»، و«طريق هارون الرشيد»، و«النسيم» التي تعد محطة تحويل تربط بين المسار البرتقالي والمسار البنفسجي.

ويتميز هذا المسار بوجود أكبر عدد من مواقف السيارات مقارنة ببقية المسارات، حيث يصل إلى 3600 موقف، ما يعزز من سهولة الوصول إلى المحطات من قِبَل مستخدمي القطار. وفي خطوة موازية، بدأ تشغيل ثلاث محطات جديدة على «المسار الأزرق - محور طريق العليا البطحاء»، وهي محطات «المروج»، و«بنك البلاد»، و«مكتبة الملك فهد».

ويُعد «قطار الرياض» أضخم مشروعات النقل العام، حيث يغطي كامل مساحة العاصمة ضمن مرحلة واحدة. ويشمل شبكة متكاملة من 6 مسارات تمتد على طول 176 كيلومتراً، وتضم 85 محطة، من بينها 4 محطات رئيسية. ويتميز بكونه أطول شبكة قطار من دون سائق في العالم. ويحظى القطار بقدرة استيعابية تصل إلى 3.6 مليون راكب يومياً، مما يعزز الربط بين مختلف أجزاء العاصمة، ويسهم في تسهيل حركة التنقل للساكنين والزوار. وتستهدف الهيئة الملكية لمدينة الرياض من خلال هذا المشروع تحسين جودة الحياة، بما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030».

جانب من إحدى محطات «المسار البرتقالي» (واس)

الجدير ذكره أن تكلفة التنقل عبر «قطار الرياض» هي الأقل بين دول «مجموعة العشرين»، حيث يشكل تكاليف التنقل نحو 0.5 في المائة من دخل الفرد اليومي في السعودية، الذي يعادل 195 دولاراً (733 ريالاً).

وتبدأ ساعات تشغيل «قطار الرياض» من السادسة صباحاً حتى منتصف الليل، ويمكن للمستخدمين تحديد وجهاتهم وشراء التذاكر عبر تطبيق «درب»، أو من خلال مكاتب بيع التذاكر أو أجهزة الخدمة الذاتية في المحطات. كما يوفر القطار وسائل دفع رقمية متعددة عبر البطاقات المصرفية والائتمانية، وكذلك الهواتف الذكية.

تعد شبكة «قطار الرياض» جزءاً أساسياً من خطة المملكة لتطوير قطاع النقل العام في إطار «رؤية 2030». ومن خلال هذا المشروع، تسعى البلاد إلى تخفيف الازدحام المروري، وتعزيز الاستدامة البيئية، وتوفير وسائل نقل آمنة.