مصر: عطل فني خلال بث صلاة الجمعة من مسجد «الحسين»

TT

مصر: عطل فني خلال بث صلاة الجمعة من مسجد «الحسين»

تسبب قطع مفاجئ للإرسال التلفزيوني لشعائر صلاة الجمعة من مسجد «الحسين» بوسط القاهرة، أمس، في إثارة علامات استفهام؛ خصوصاً بعد أن تردد بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي، أن «متشدداً» اقتحم المسجد وتهجم على وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، الذي كان يلقي خطبة الجمعة.
ورغم نفي جهات رسمية مصرية كثيرة للواقعة بشكل رسمي أمس؛ إلا أن بعض شهود العيان وصفحات مواقع التواصل أكدتها.
ونفت وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، صحة الواقعة. وقال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، إن «كل ما تردد في بعض وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن اقتحام شخص (متشدد ملتحٍ) للمسجد، أثناء أداء وزير الأوقاف الخطبة في مسجد (الحسين)، وتوجيه السباب للوزير، غير صحيح بالمرة»، مؤكداً في تصريح صحافي له، أن «شعائر الصلاة جرت بشكل كامل في المسجد دون أي مشكلة».
وتعرضت شاشة القناة الأولى المصرية للتسويد، بشكل مفاجئ خلال نقل شعائر صلاة الجمعة، وانقطع الإرسال أثناء الخطبة بمسجد «الحسين»، ما دعا لنقل شعائر الصلاة من مسجد التلفزيون «ماسبيرو».
وتضاربت الآراء حول أسباب قطع الإرسال والبث. وأصدرت الهيئة الوطنية للإعلام (ماسبيرو) بياناً صحافياً أمس، بعد انقطاع البث عن صلاة الجمعة في التلفزيون المصري بمسجد «الحسين». وقالت الهيئة إنه «أثناء نقل شعائر صلاة الجمعة حدث عطل مفاجئ بمفتاح الكهرباء الرئيسي الخاص بسيارة الإذاعة الخارجية، وعلى الفور تم تحويل نقل شعائر صلاة الجمعة ليكون من مسجد التلفزيون بمبنى (ماسبيرو)».
ونفى مصدر أمني بوزارة الداخلية في تصريح صحافي أمس: «ما تردد حول اقتحام (ملتحٍ) للمسجد»، مؤكداً أن «الصلاة كانت تسير بشكل طبيعي قبل وبعد انقطاع البث، ولم يتعرض أحد من المصلين لمكروه، أو تهديد داخل المسجد أو خارجه».
لكن شاهد عيان من داخل المسجد، فضل عدم ذكر اسمه، ذكر لـ«الشرق الأوسط»، أن «أحد المصلين (الذي وصفه بالملتحي) وقف بشكل مفاجئ بين صفوف المصلين أثناء خطبة الجمعة، وهاجم وزير الأوقاف بصوت عالٍ، ما أثار الفوضى داخل المسجد، وأدى إلى انقطاع البث المباشر للصلاة». شاهد العيان، بحسب روايته، أكد أنه «لم يصب أحد بأذى داخل المسجد، والأمور سارت بشكل طبيعي حتى انتهاء الصلاة».
يأتي هذا في وقت نفت فيه «الأوقاف» أمس، ما تردد حول إلزام المصلين بدفع فواتير الكهرباء والمياه الخاصة بالمساجد. وقالت الوزارة إن «مصروفات الكهرباء والمياه في المساجد تتحملها الوزارة بالكامل، ولن يتم تحصيلها من المصلين في المساجد بأي حال من الأحوال».
وشددت «الأوقاف» على أن كل ما يُثار حول هذا الموضوع مجرد «إشاعات» تستهدف إثارة البلبلة وغضب المواطنين، مشيرة إلى أنه «في إطار سعيها لترشيد استهلاك الكهرباء في المساجد، فقد قامت بالاتفاق مع وزارة الكهرباء لتركيب عدادات ذكية مُسبقة الدفع بالمساجد، على أن يتم شحن الكروت الخاصة بها بموجب خطابات من إدارات الأوقاف بالمحافظات بشكل دوري».
في السياق نفسه، وفي تحرك مصري رسمي، واجهت الحكومة المصرية أمس «شائعة» قالت إنها «ترددت عبر بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، وأثارت بلبلة في الشارع». ونفت الحكومة اعتزامها تسريح 25 في المائة من العاملين بالجهاز الإداري بعد إجراء تحليل المخدرات لهم. وقال «المركز الإعلامي لمجلس الوزراء» أمس، إنه تواصل مع صندوق «مكافحة الإدمان والتعاطي»، الذي أفاد بأن «نسبة من ثبت تعاطيهم للمخدرات من موظفي الجهاز الإداري الذين تم إجراء التحاليل لهم لا تتجاوز 2 في المائة، وتمت إحالتهم إلى النيابة الإدارية لاتخاذ الإجراءات القانونية المتبعة في هذا الصدد، وأن كل ما يتردد في هذا الشأن مجرد (إشاعات) تستهدف إثارة غضب العاملين بالجهاز الإداري للدولة».
وطبقت الحكومة المصرية في مارس (آذار) الماضي، إجراءات مكثفة لمكافحة المخدرات، عبر إجراء تحاليل لجميع موظفيها الرسميين بالدولة، متوعدة الممتنعين عن التحليل بالفصل من الوظيفة، مع السماح للموظفين في الوقت نفسه بالتقدم بطلب العلاج بشكل سري وبالمجان. وقال مصدر في إحدى الوزارات، إن «الهدف من التحاليل هو حماية المجتمع من شر المتعاطي».
وأكد «صندوق مكافحة الإدمان والتعاطي» أمس: «استمرار توفير التمويل اللازم لدعم مشروعات صغيرة للمتعافين من تعاطي المخدرات، من خلال مبادرة (بداية جديدة) لإقراض المتعافين من تعاطي وإدمان المواد المخدرة، لإنشاء مشروعات صغيرة تساعدهم على العودة إلى العمل والإنتاج مرة أخرى، مع تمكينهم من إيجاد مصدر رزق لهم يعينهم على أعباء الحياة، ويساعدهم في الإنفاق على أسرهم»، لافتاً إلى أنه «تم تسليم عدد من المتعافين من إدمان المخدرات شيكات بقيمة مليون و900 ألف جنيه؛ لدعم مشروعاتهم الصغيرة، ومساعدتهم على العودة إلى العمل والإنتاج مرة أخرى، وتمكينهم من إيجاد مصدر رزق جديد لهم».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.