غضب بالشارع السني في لبنان من استهداف «الطائف»

اعتراضات رؤساء الحكومة السابقين تؤسس لحركة معارضة

TT

غضب بالشارع السني في لبنان من استهداف «الطائف»

عزّزت رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون، التي وجَّهها للبرلمان اللبناني، وطلب فيها تفسير المادة 95 من الدستور وتوضيح معنى المناصفة في الوظائف العامة، مخاوف الشارع الإسلامي، خصوصاً الطائفة السنية، من محاولة تعديل «اتفاق الطائف» ومن «ممارسات رئيس التيار الوطني الحرّ وزير الخارجية جبران باسيل، التي تؤدي إلى شلّ مجلس الوزراء، أو عبر قضم صلاحيات رئيس الحكومة»، كما يقول أحد معارضي باسيل.
حركة الاعتراض بلغت ذروتها بين القيادات السنّية الغاضبة من هذا النهج، لا سيما لدى رؤساء الحكومات السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، وتجلّى ذلك في البيان عالي السقف الذي أصدره سلام، واعتبر فيه أن «لبنان يشهد منذ ثلاثة أعوام مساراً انحدارياً مولّداً للأزمات، بات يستوجب من كل صاحب ضمير وطني حي وقفة جدية للتنبيه من تبعات هذا الواقع ومخاطره». وقال: «نعيش حالة من الفوضى السياسية المنظّمة والمدروسة، التي ترمي إلى ضرب الإطار الذي أنهى الحرب الأهلية ووضع قواعد جديدة للحكم في لبنان»، محذراً من أن «الدستور يتعرّض لسلسة من الاعتداءات بهدف فرض وقائع وأعراف جديدة واختراع مفاهيم تخل بجوهر النظام السياسي».
موقف سلام الذي سبقه كلام مشابه لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، بدأ «يؤسس لمعارضة حقيقية لعهد الرئيس ميشال عون»، على حدّ تعبير المستشار السياسي لميقاتي، خلدون الشريف، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «مواقف رؤساء الحكومات السابقين تدقّ ناقوس الخطر، حيال التمادي في هذه السياسة، التي تضرب صيغة لبنان»، لافتاً إلى أن «رؤساء الحكومات يمثلون مرآة شارع بكامله، وقد يتحوّل إلى معارضة حقيقية للعهد، ولو أن أحداً لا يرغب في خوض هذه التجربة إلا بالإكراه». ونبّه الشريف إلى أن «هذه الممارسات تقلق شريحة كبيرة من اللبنانيين الذين يشعرون بأن هناك تماهياً كبيراً بين مواقف رئيس الجمهورية وتكتل لبنان القوي (الذي يرأسه جبران باسيل)، ما قد يؤثر على صورة الحَكَم، التي يجب أن تميز أداء الرئيس، وأظن أن الأمر قابل للتوضيح والتصحيح إذا صلحت النيات».
ويشهد لبنان في هذه المرحلة خطاباً طائفياً لم يعرفه منذ انتهاء الحرب الأهلية، خصوصاً لجهة تكرار «التيار الوطني الحرّ» ورئيسه جبران باسيل، الحديث عن استعادة حقوق المسيحيين، ورأى القيادي في تيّار «المستقبل» مصطفى علوش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يحاول فعله رئيس الجمهورية وفريقه هو الاستفادة من كلّ الضمانات التي أعطاها (اتفاق الطائف) للمسيحيين، وانتقاء المواد التي تشكّل ضمانة للآخرين لتعديلها»، مشيراً إلى أن «التلاعب بهذه الطريقة يرفع القلق لدى المكوّن السنّي، سواء عبر الممارسات غير المقبولة أو محاولات التعدّي على صلاحيات رئيس الحكومة». وقال: «(اتفاق الطائف) أتى بضمانات للمسيحيين، ومنها التأكيد على المناصفة في المجلس النيابي ومجلس الوزراء، والوظائف الأساسية التي يتمتع بها المسيحيون». وأضاف علوش: «إذا أرادوا الذهاب إلى تقاسم الوظائف مناصفةً بدءاً من الحاجب، فهذا سيفتح شهية الجميع على إعادة النظر بـ(اتفاق الطائف)، وسيكون المكوّن المسيحي هو الخاسر الوحيد، لأن تعديل (الطائف) سيعيد رسم السلطة وفق الواقع الديموغرافي في لبنان».
ولم يخفِ خلدون الشريف أن «القلق ينتاب الشارع السني، كما الشارع الشيعي والدرزي، وجزءاً كبيراً من المسيحيين، إزاء الضغوط التي يمارسها التيار الوطني الحرّ وتكتل (لبنان القوي)». ونبّه إلى «محاولات هذا الفريق تأجيج العصبيات، سواء بالتصريحات أو بالممارسات، ولعل المثال الأخير الصارخ كان عقد اجتماع وزاري في مقر رسمي، هو وزارة الخارجية، بدعوة من الوزير جبران باسيل، في الوقت نفسه الذي دعا فيه رئيس الحكومة سعد الحريري لجلسة لمجلس الوزراء، ما شكّل سابقة وتحدياً لرئاسة الحكومة، رغم محاولة التصحيح في اللحظات الأخيرة».
وقال الشريف إن «إصرار (التيار الحرّ) على المناصفة في كلّ الفئات الوظيفية يستحيل تحقيقه، في ظلّ التفاوت الديموغرافي الكبير».
بدوره، أقرّ الكاتب والمفكّر اللبناني الدكتور رضوان السيد، بأن «هناك مخاوف كبيرة لدى الفريق السيادي والاستقلالي، ولدى كلّ المهتمين بحكم القانون، من ممارسات سياسية يستدعي متابعتها وتصحيحها». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المخاوف من ضرب الدستور والنيل من الصيغة اللبنانية يبددها إلى حدّ ما خطاب رئيس الجمهورية الذي ألقاه في عيد الجيش (أمس)، وأكد فيه أنه مؤتمن على (الطائف) والدستور». وفي الوقت نفسه اعترف السيد «بوجود تناقض بين التطمينات التي قدمها الرئيس عون في خطابه، والرسالة التي وجهها إلى المجلس النيابي لتفسير المادة 95 من الدستور»، مؤكداً أن «مَن يلتزم بتطبيق (الطائف) نصّاً وروحاً لا يلجأ إلى التفسير والتعديل، لأن النصوص الدستورية واضحة جداً».
ولم يخف السيّد، وهو مدير المعهد العالي للدراسات الإسلامية، الخوف الحقيقي من محاولات قضم صلاحيات رئيس الحكومة، وشدد على أن «الإخلال بالممارسات أثار بلا شكّ حساسية كبيرة لدى الطائفة السنيّة، لكن ذلك سيؤدي إلى اختلال وطني، لأن ضرب أي مؤسسة دستورية سواء رئاسة الجمهورية أو رئاسة مجلس النواب أو رئاسة الحكومة، سيضرب التركيبة اللبنانية برمتها».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.