السودان: «تجمع المهنيين» يدعو لمليونية اليوم... والوساطة الأفريقية تحذّر

تأجيل أولى جلسات محاكمة البشير إلى منتصف الشهر لأسباب أمنية وإنسانية

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع الأبيض أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

السودان: «تجمع المهنيين» يدعو لمليونية اليوم... والوساطة الأفريقية تحذّر

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع الأبيض أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع الأبيض أمس (أ.ف.ب)

أجّلت، أمس، محكمة سودانية أولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول عمر البشير إلى منتصف شهر أغسطس (آب) الجاري لأسباب أمنية وإنسانية، بطلب من هيئة الدفاع عنه. وفي غضون ذلك دعا تجمع المهنيين لمسيرة مليونية، اليوم، بالتزامن مع توقعات بانخراط الفرقاء السودانيين في تفاوض مباشر على وثيقة دستورية، تمهّد لتكوين حكومة مدنية، وإعلان الحزب الشيوعي انسحابه من التفاوض والمشاركة في الحكومة الانتقالية.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن المحكمة استجابت لطلب هيئة الدفاع عن البشير، الذي يواجه اتهامات فساد وحيازة عملات أجنبية، عُثر عليها في مسكنه الرئاسي قبل الإطاحة بحكمه، بتأجيل بدء محاكمته حتى منتصف الشهر الجاري، استناداً إلى الأوضاع النفسية، وظرفه الإنساني المتمثل في وفاة والدته قبل يومين.
وشوهد أكثر من 10 محامين حضروا إلى المحكمة للترافع عن البشير، من بين عشرات المحامين الذين أعلنوا تكوين هيئة دفاع عنه، برئاسة رئيس البرلمان المنحل أحمد إبراهيم الطاهر. ولم يمْثل البشير أمام المحكمة لأن سلطات السجن لم تنقله إلى المكان، في وقت أعلن فيه أن المحكمة ستكون علنية ويُسمح للجميع بحضورها، وربما تُبث على وسائل الإعلام.
ويواجه البشير اتهامات فساد مالي وغسل أموال والتعامل بالنقد الأجنبي، وتحريز مبالغ ضخمة من العملات الأجنبية في مكان سكنه الرئاسي، إضافة إلى تهمة الثراء الحرام والمشبوه.
ويرى معارضون أن الجرائم الموجهة إلى البشير في القضية المعروضة أمام المحكمة هي «أهون» الاتهامات التي ارتكبها البشير إبان حكمه للسودان بالحديد والنار طوال 30 سنة.
ويواجه البشير تهماً أخرى، تتضمن التحريض على قتل المتظاهرين، وتدبير انقلاب عسكري ضد حكومة مدنية منتخبة، وتقويض الدستور، وارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقد أطيح بالبشير من الحكم في 11 أبريل (نيسان) الماضي بثورة شعبية، وانقلبت عليه «لجنته الأمنية» التي كوّنها لقمع المحتجين، وأنهت حكمه وأودعته السجن منذ ذلك الوقت.
من جهة أخرى، حذّرت الوساطة الأفريقية من أي تباطؤ أو تلكؤ في عودة قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي للتفاوض، وتسريع إقرار الإعلان الدستوري لمنع البلاد من الانزلاق في الفوضى، ونددت بشدة بقتل تلاميذ في مدينة الأبيض (غرب) الاثنين الماضي، وطالبت بـ«إلحاح شديد، بإيقاف الجناة سريعاً، وتقديمهم للمحاكمة لينالوا العقاب المستحق».
وقال وسيط الاتحاد الأفريقي الموريتاني محمد الحسن ولد لبات، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن التلكؤ في التوصل إلى اتفاق وتكوين حكومة مدنية يهدد الأمن والاستقرار في البلاد، وأضاف محذراً: «الوساطة لن تقبل أي ذريعة أو محاولة تلكؤ... وأي تباطؤ قد ينجم عنه ليس الاحتقان فقط، بل قد يلحق أضراراً كبيرة بالبلد والثورة والمنطقة والقارة الأفريقية».
ودعا لبات وشريكه الوسيط الإثيوبي محمود درير، المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير إلى تسريع إكمال توقيع الإعلان الدستوري تحقيقاً للمصلحة الوطنية. كما توقع لبات أن يعود الطرفان إلى مائدة التفاوض في أقرب وقت بعد إكمال اللجنة القانونية الفنية لمناقشة وثيقة «الإعلان الدستوري»، والمصادقة عليها في أقرب وقت، وأضاف موضحاً: «نعتبر استكمال المصادقة على المرسوم الدستوري أكثر الاستعجالات إلحاحاً، ونهيب بالأطراف والشعب والنخب أن يعوا هذا الاستعجال، وأن يتصرفوا وفقاً له، لأنه يخدم المصالح الوطنية».
من جهته، أعلن الحزب الشيوعي السوداني، أحد مكونات تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، انسحابه من التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي، وتعهد بالعمل على إسقاطه باعتباره امتداداً لنظام المعزول عمر البشير.
وقال السكرتير العام للحزب محمد مختار الخطيب، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أمس، إن أعضاء المجلس العسكري الانتقالي هم اللجنة الأمنية لنظام الإنقاذ، وقد انقلبوا على ثورة الشعب. مضيفاً: «إنهم يمثلون مصالح الرأسمالية الطفيلية التي كانت تحكم البلاد، ويمارسون القمع نفسه لأنهم تربوا على كراهية الشعب السوداني واستباحة دمه».
وتمسك الخطيب بحل جهاز الأمن، وقصر صلاحياته على جمع المعلومات وتحليلها، مع حل الميليشيات كافة، وفق ترتيبات أمنية، بما في ذلك قوات الدعم السريع المنشأة بقانون خاص.
كما شدد الخطيب على أهمية تسليم البشير وآخرين للمحكمة الجنائية الدولية لتثبيت مبدأ «عدم الإفلات من العقاب»، وإقامة العدالة ومحاكمة كل «من أضر بالشعب والوطن من رموز النظام والفاسدين»، وذلك لقطع الطريق أمام الثورة المضادة. قاطعاً بعدم مشاركة حزبه في المفاوضات الجارية، وعدم المشاركة في أيٍّ من مستويات السلطة خلال الفترة الانتقالية، كما تعهد بالعمل مع الشارع لـ«تحقيق أطماح الجماهير في التغيير الجذري، وإتاحة الحريات العامة والديمقراطية»، وإسقاط حكم المجلس العسكري الانتقالي.
وأوضح المتحدث باسم الحزب وممثله في فريق التفاوض صديق يوسف، أن حزبه لن يغادر تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، على الرغم من انسحابه ورفضه مواصلة التفاوض.
كما أوضح يوسف أنهم متمسكون بالمواثيق الموقّعة بينهم والممثلة في قوى إعلان الحرية والتغيير، وأنهم سيتحولون لحزب معارض حال توقيع اتفاق مع المجلس العسكري الانتقالي، والتخلي عن تنفيذ بنود «إعلان الحرية والتغيير»، الموقع بينه وبين التحالف الذي يقود الحراك السوداني.
من جهته، انتقد القيادي في الحزب صالح محمود، أداء الوسيط الأفريقي محمد الحسن ولد لبات، وقال إنه خالف المهمة الموكلة إليه من الاتحاد الأفريقي، والممثلة في الإشراف على نقل السلطة للمدنيين، وأصبح وسيطاً بين الطرفين، ودعاه للعودة لممارسة مهمته الأساسية، موضحاً أنهم سيطلبون من مفوضية الاتحاد الأفريقية إبعاده.
في السياق ذاته، رفض تجمع المهنيين السودانيين تكوين لجنة من قِبل المجلس العسكري الانتقالي، للتحقيق في مقتل التلاميذ في مدينة الأبيض، وطالب حاكم الولاية بالقبض على المجرمين مباشرةً لأنهم معروفون.
وانتقد التجمع الذي يعد من أهم مكونات قوى الحرية والتغيير، ما أطلق عليه «تواطؤ المسؤولين» تجاه حماية الشعب، على الرغم من سلمية ثورته، معتبراً المظاهرات والاحتجاجات والمواكب حقاً دستورياً. كما تعهد التجمع بمواصلة المظاهرات والمواكب والاحتجاجات، وعدم توقفها حتى بعد الدخول في المرحلة الانتقالية، ورفض اتخاذها ذريعة لقتل المدنيين السلميين، محملاً «العسكري» المسؤولية عن سفك الدماء ودعاه للبحث عن طرق لحماية المحتجين بدلاً عن قتلهم.
كما دعا التجمع لتسيير مواكب مليونية، اليوم (الخميس)، تحت شعار «القصاص العادل»، وطالب الأجهزة الأمنية والمجلس العسكري الانتقالي بتوفير الحماية لها، مؤكداً حق الطلاب في التظاهر.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.