أربيل تعد لحوار مع بغداد حول تعويضات الأنفال والبارزانيين

رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني
رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني
TT

أربيل تعد لحوار مع بغداد حول تعويضات الأنفال والبارزانيين

رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني
رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني

أكد رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، أن تعويض ضحايا الأنفال والبارزانيين، بعد 36 عاماً على وقوع تلك المجزرة، سوف يكون أحد أهم محاور الحوار مع بغداد. وبينما شكلت حكومة كردستان وفداً لتحديد ملفات الحوار القادم مع الحكومة الاتحادية، أعلن الاتحاد الوطني الكردستاني دعمه لأسس الحوار.
يأتي ذلك غداة قرار مثير للجدل اتخذته المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اعتبرت فيه أن المادة 140 من الدستور العراقي لا تزال سارية المفعول، رغم تحديد سقف زمني لتنفيذها، وهو نهاية عام 2007. وفي بيان له لمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين لعمليات الأنفال، قال بارزاني في بيان، إن «الإبادة الجماعية التي مورست بحق 8 آلاف من البارزانيين وأنفال كرميان، وقصف حلبجة بالأسلحة الكيميائية، لم تثن عزيمة شعبنا؛ بل زادت من صموده وكفاحه من أجل نيل حقوقه».
وأضاف أن «تلك الجريمة كانت بداية لموجة من التعصب القومي البعثي ضد شعب كردستان، والتي طالت فيما بعد مناطق كرميان وبادينان، وقصف حلبجة بالغازات الكيمياوية ومناطق كردستانية أخرى». وأشار بارزاني إلى أن «حكومة إقليم كردستان ستستمر وعبر وزارة الشهداء والمؤنفلين، في السعي لتحصيل حقوق ذوي الضحايا»، وأكد أن «تعويض ذوي الضحايا مادياً ومعنوياً سيكون أحد أهم النقاط الرئيسية في المحادثات مع الحكومة العراقية».
إلى ذلك، شكلت حكومة إقليم كردستان لجاناً للتفاوض مع بغداد، بشأن ثلاث نقاط خلافية، وهي النفط والغاز والموازنة والمناطق المتنازع عليها، وذلك بالتزامن مع قرار المحكمة الاتحادية ببقاء سريان المادة 140 من الدستور العراقي، التي تضع آليات لحل الخلافات بشأن مناطق مختلف عليها بين بغداد وأربيل. وطبقاً لمصادر كردية مطلعة، فإن وفداً كردياً سيزور بغداد قريباً، لاستكمال وتهيئة أجواء الحوار.
إلى ذلك، أعلن الاتحاد الوطني الكردستاني دعمه للحوار مع بغداد. وقال نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني كوسرت رسول، لدى استقباله القنصل الإيطالي العام في إقليم كردستان سيرينا موروني، والوفد المرافق لها، إنه تم التأكيد على دعم الاتحاد الوطني الكردستاني للحوار والتفاهم بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية.
في سياق ذلك، رحبت كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي، بالقرار الصادر أول من أمس الثلاثاء عن المحكمة الاتحادية، بسريان المادة 140 من الدستور العراقي.
وقالت رئيسة الكتلة الدكتورة فيان صبري، في بيان لها أمس الأربعاء، إن «قرار المحكمة الاتحادية بأن المادة 140 سارية المفعول، هو قرار ملزم وواجب التطبيق بناء على المادة 93 من الدستور»، وبينت أن «المادة 140 تتضمن ثلاث مراحل، هي التطبيع والإحصاء والاستفتاء».
وأضافت صبري أن «السلطتين التشريعية والتنفيذية مطالبتان بتنفيذ هذا القرار، من خلال تفعيل اللجنتين المتعلقتين بهذا الملف في مجلسي الوزراء والنواب، واللتين تم تعطيلهما منذ فترة طويلة»، لافتة إلى أن «هذا القرار مهم جداً من أجل التطبيع، ليس فقط في كركوك؛ بل في كافة المناطق المتنازع عليها».
ورأى صلاح الجبوري، الرئيس السابق لكتلة تحالف القوى العراقية في البرلمان العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «سكان المناطق المتنازع عليها، بما فيها كركوك وكذلك الشريط الحدودي الممتد من سنجار إلى مندلي، يعتقدون أن المادة 140 هي مادة دستورية حقاً؛ لكنها فقدت صلاحيتها بتاريخ محدد ضمن الدستور، ولذلك فإنه ما دام لم يتم تنفيذ هذه المادة ضمن السقف الزمني المحدد لها، فإنها من وجهة نظرنا أصبحت مادة منتهية الصلاحية».
وأضاف أن «سكان هذه المناطق ملتزمون بالمادة 143 من الدستور، التي تحدد حدود إقليم كردستان وفق هذه المادة بأنها جميع الأراضي التي كانت تابعة لإقليم كردستان إلى يوم 19-3- 2003، وبالتالي فإننا نرى أن قرار المحكمة الاتحادية إنما هو في الواقع قرار مجاملة، وربما سيخلق مشكلة أكبر مما سبق».
أما برهان المعموري، عضو البرلمان العراقي عن محافظة ديالى، فيقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «المادة 140 سارية المفعول لحين حسم الأراضي المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم. وبما أن الموضوع دستوري، فإن المحكمة أنهت الجدل، وعلى الحكومة تشكيل لجان للتفاوض وإنهاء هذا الملف؛ لأننا نعتقد أن هناك كثيراً من المواطنين ممن يسكنون في الأراضي المتنازع عليها، ويعانون كثيراً من المشكلات».
وبشأن مطالبة كردستان بتعويضات الأنفال، يقول المعموري إنه «بما أن النظام السياسي الحالي وأكثر من خمس عشرة سنة، وجميع المكونات والقوميات مشتركة في هذا النظام، فإنه لم يعد ممكناً المطالبة بتعويضات مسؤول عنها النظام السابق، الذي عمل الجميع على إسقاطه والخلاص منه».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.