«رالف أند روسو» عيونها على الصغار... بعدما كسبت الكبار

استثمار جديد بـ50 مليون دولار يُدخلها أسواقاً جديدة

من عرض «رالف آند روسو»
من عرض «رالف آند روسو»
TT

«رالف أند روسو» عيونها على الصغار... بعدما كسبت الكبار

من عرض «رالف آند روسو»
من عرض «رالف آند روسو»

«رالف أند روسو» دار أزياء حققت في فترة وجيزة ما لم تحققه بيوت أزياء عريقة. فإلى جانب أنها أصبحت وجهاً مألوفاً في عروض الأزياء العالمية، هي أيضاً مطلب سيدات المجتمع المخملي ونجمات هوليوود كلما أردن التألق بأزياء تميل إلى الفخامة في المناسبات المهمة. مكمن قوتها، كان ولا يزال هو تحريك العواطف وإثارة الأحلام، كما أن المصممة تمارا رالف وشريكها مايكل روسو شكلا منذ البداية ثنائياً ناجحاً شبيهاً بالثنائي إيف سان لوران وبيير بيرجيه تقريباً. تركز هي على نسج الأحلام بخيوط مترفة، بينما يُركز هو على الجوانب اللوجيستية.
منذ أسابيع قليلة، أعلنت الدار أن مجموعة «لابيرلا فاشن انفستمنت بي في» ضختها بـ50 مليون دولار أميركي، أي ما يعادل 40 مليون جنيه إسترليني، وهو ما يعتبره مايكل روسو خطوة لتحقيق «أحلام كبيرة ستشمل توسعات جديدة، من دون أن يؤثر الأمر على الجانب الإبداعي».
قال هذا وهو يلمح إلى أن الدار لا تزال تملك أغلبية الأسهم، وبالتالي ستظل تتحكم في الجانب الفني والإبداعي من دون أي تدخلات. لم يُخف أيضاً أن أحلامهما، هو وتامارا، للتوسع والتحليق عالمياً كانت دائماً بلا حدود، لكن ما حققاها في فترة وجيزة جعلهما يفكران جدياً في استثمار خارجي. يشرح مايكل «لقد شهدت الدار نمواً سريعاً لم نكن نتوقعه؛ ما جعل الحاجة إلى استثمار خارجي ضرورة للانتقال إلى المرحلة الثانية»، موضحاً أنهما، وطوال السنوات العشر الماضية، تلقيا الكثير من العروض «لكن التوقيت لم يكن مناسباً، كما كنا نبحث عن مستثمر يفهم جينات الدار ويحترمها حتى تكون العلاقة عُضوية».
ولا شك أن هذه الخطوة مهمة للدار التي تجذب الطبقات المرفهة كما النجمات من مثيلات ميغان ماركل، ريهانا، جينفر لوبيز، غوينيث بالترو وأنجلينا جولي وهلمّ جرا، كما هي مهمة للجيل الصاعد، المتعطش للفخامة الحالمة، وصفة الدار الناجحة.
في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» لم تُنكر تمارا أن أحد أهم أهدافها كان منذ البداية «أن أحيي الحلم الذي بدأ قطاع الهوت كوتير يفتقده في العقود الأخيرة». وهذا ما أثار انتباه غرفة الموضة الفرنسية «لاشومبر سانديكال» المسؤولة عن قطاع الـ«هوت كوتير» وحمايته من الدخلاء. ففي عام 2014 وبعد أربع سنوات فقط على تأسيسها، تلقت اتصالاً من رئيس «لاشومبر سانديكال» آنذاك، ديدييه غامبراش، يدعوها فيه للانضمام إلى البرنامج الباريسي الرسمي، كأول دار بريطانية منذ أكثر من قرن. كانت آخر مشاركة بريطانية في عام 1915 مع دار «لوسيل» التي أسستها لايدي داف غوردن، أول مصممة بريطانية تدخل العالمية. بين ليلة وضحاها، تردد اسم «رالف أند روسو» عالمياً، وزاد الإقبال عليها؛ ما شجعها على خوض مجال الأزياء الجاهزة والإكسسوارات. الآن، وبعد حصولها على الاستثمار الأخير، فهي تنوي تحقيق حلمها الخاص بأن يُصبح اسمها مرادفاً لأسلوب حياة، يشمل الديكور ومنتجات التجميل وكل ما تحتاجه المرأة العصرية.
فبينما تجذب الـ«هوت كوتير» الطبقات النخبوية، فإن الأزياء الجاهزة والإكسسوارات وغيرها، تستقطب شريحة شابة، قالت الدار إن أعمارها تتباين بين 18 و25 سنة. ربما لا يهمها فستان سهرة طويل، وربما تجده بعيد المنال مادياً، لكن تهمها قطعة منفصلة عبارة عن قميص أو «تي - شيرتا» تنسقه مع بنطلون جينز من «زارا» أو تنورة من ماركة أخرى.
وإذا كان تاريخ الدار القصير يؤكد على شيء، فإنه يؤكد بأن كل من تمارا ومايكل يعرفان سوقهما ومفاتيحها. الدليل أن أعينهما مفتوحة على أسواق بعيدة متعطشة للترف. كان هذا واضحاً في عرضها الأخير لخريف وشتاء 2020، أقامته في حديقة السفارة البريطانية بباريس في الهواء الطلق، وقالت الدار إنه لم يتم اختيار المكان صُدفة، بل لأنه بمعماره الباروكي وحديقته الشاسعة مناسب لـ«حفلة مسائية من الثلاثينات في الهواء الطلق». نصبت وسط الحديقة ممشى يبلغ طوله 90 متراً تهادت عليها العارضات بأزياء تقطر بريقاً، بعضها عبارة عن أحجار كريستال وبعضها الأخرى من اللؤلؤ. كان من الممكن أن يشعر الناظر ببعض المبالغة في تطريزاتها السخية، لكن الرسالة كانت واضحة، وهي أننا في موسم الـ«هوت كوتير» الذي لا يعترف بأنصاف الأمور، وهو ما انعكس أيضاً على الأقمشة التي لم يغب فيها الفرو ولا ريش النعام أو الحرير والموسلين.
تم تقسيم التشكيلة إلى مجموعات حسب الألوان، حيث كانت البداية هادئة بدرجات خفيفة وتفاصيل ناعمة تبدو من بعيد وكأنها لوحات من الفن الانطباعي، تلتها ألوان ساطعة تضج بالحياة.
التشكيلة كما قالت المصممة مستوحاة من أعمال الفنان الروسي رومان دو تيرتوف المعروف بالحرفين الأولين من اسمه «إيرتي»، وهو ما يفسر تأثير «الآرت ديكو» عليها. لكن كان جلياً أن العودة إلى فن الباروك وحقبة الثلاثينات كانت مجرد نقطة انطلاق؛ لأن كل ما فيها كان موجهاً لامرأة معاصرة وشابة. فالجيل الجديد هو الذي تُعول عليه الموضة عموماً و«الهوت كوتور» خصوصاً. وهذا الجيل يُتقن فنون تطويع الموضة لصالحه وحسب متطلباته. فحياته لا تتمحور على السهرات والحفلات الكبيرة، بل على تجارب يومية لا يريد أن يتنازل فيها عن الأناقة.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.