العام الحالي الأكثر دموية بين المدنيين الأفغان

مقتل جنديين أميركيين في قندهار

رجال الإغاثة يعاينون حجم الدمار والخراب الناتج من التفجير الإرهابي بالعاصمة كابل الأحد الماضي (إ.ب.أ)
رجال الإغاثة يعاينون حجم الدمار والخراب الناتج من التفجير الإرهابي بالعاصمة كابل الأحد الماضي (إ.ب.أ)
TT

العام الحالي الأكثر دموية بين المدنيين الأفغان

رجال الإغاثة يعاينون حجم الدمار والخراب الناتج من التفجير الإرهابي بالعاصمة كابل الأحد الماضي (إ.ب.أ)
رجال الإغاثة يعاينون حجم الدمار والخراب الناتج من التفجير الإرهابي بالعاصمة كابل الأحد الماضي (إ.ب.أ)

لقي جنديان أميركيان مصرعهما برصاص جندي أفغاني في ولاية قندهار جنوب أفغانستان، دون أن تذكر المصادر العسكرية سبب إقدام الجندي على إطلاق النار. وقال المتحدث باسم «فيلق أتال 205» في قندهار، إن جندياً أفغانياً فتح النار على أميركيين داخل قاعدة عسكرية في منطقة شاه والي كوت، وأن الجندي الأفغاني أصيب في الواقعة، ويتلقى العلاج حالياً، وقالت مصادر أميركية في أفغانستان، إن الجنديين الأميركيين من قوات المظليين.
وأكد بهير أحمدي، الناطق باسم حاكم قندهار، أن الحادث وقع في قاعدة عسكرية أفغانية.
وفي رسالة لوكالة الصحافة الفرنسية، عبر الناطق باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد عن سروره «لإطلاق جندي أفغاني النار» على الجنود الأميركيين. لكنه أوضح أن هذا الجندي لم يكن عنصراً مندساً من «طالبان». وتشكل الهجمات «من الداخل» التي ينفذها جندي مندس، تهديداً قائماً في أفغانستان للقوات الدولية والأفغانية.
وكان جندي أفغاني آخر قتل بالرصاص في 17 يوليو (تموز) ضابطاً كبيراً برتبة كولونيل في الجيش الأفغاني خلال قيامه بزيارة لتقييم الوضع في ولاية غزني (شرق). وتبنت حركة «طالبان» الهجوم. وبذلك، يرتفع إلى 12 عدد الجنود الأميركيين الذين قتلوا أثناء القتال منذ بداية العام الحالي، بينما تجري واشنطن حواراً مباشراً غير مسبوق مع «طالبان» للتوصل إلى اتفاق سلام يسمح ببدء الانسحاب من أفغانستان. وحسب الإحصائيات الأميركية، قُتل نحو 2300 عسكري أميركي وجرح أكثر من عشرين ألفاً و400 آخرين في أفغانستان منذ نهاية 2001 عندما قام تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة بغزو أفغانستان وطرد «طالبان» من السلطة.
لكن عدد القتلى في صفوف الأميركيين تراجع إلى حد كبير بعد 2014 عندما لم تعد بعثة الحلف الأطلسي مهمة قتالية. وأعرب الرئيس دونالد ترمب مجدداً عن رغبته في وضع حد «للحروب التي لا تنتهي» لطي صفحة التدخلات العسكرية المكلفة في الخارج.
وأوقع انفجار مروع 26 من المدنيين بين قتيل وجريح في بلدة سبين بولدك على الحدود مع باكستان في ولاية قندهار، وقالت الشرطة، إن سبب الانفجار لغم على جانب الطريق. وحسب الشرطة، فإن ثلاثة أطفال قتلوا وجرح 23 آخرون، وقالت الشرطة، إن اللغم كان موضوعاً على دراجة نارية في منطقة غانج المكتظة، ولم تتبن أي جماعة مسلحة التفجير، في حين قالت بعثة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في أفغانستان، إن 3812 مدنياً قتلوا أو جرحوا خلال النصف الأول من العام الحالي. وحسب تقرير الأمم المتحدة، فإن عدد الضحايا المدنيين هذا العام تزايد بشكل مرعب، وتشمل هذه الأرقام الضحايا الذين سقطوا برصاص «طالبان» والقوات الأميركية والأفغانية على حد سواء. واتهم تقرير الأمم المتحدة «طالبان» وتنظيم «داعش» بتعمد استهداف 985 مدنياً، بينهم مسؤولون حكوميون وزعماء قبائل وموظفو إغاثة، في حين قال التقرير، إن القوات الموالية للحكومة قتلت 717 أفغانياً وأصابت 680 منذ بداية العام الحالي، وهو ما يزيد على عدد القتلى الذين ذكر التقرير أن «طالبان» وتنظيم الدولة تسببوا بقتلهم، وبزيادة 31 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي. وحسب تقرير الأمم المتحدة، فإن 144 امرأة و327 طفلاً قتلوا على الأقل كما أصيب أكثر من ألف طفل وامرأة في أنحاء البلاد. وتسبب القصف الجوي الأميركي والأفغاني بقتل 519 مدنياً بينهم 150 طفلاً. وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان ريتشارد بينيت «أطراف الصراع ربما تقدم تفسيرات مختلفة للتوجهات الأخيرة، كل منها لتبرير تكتيكاتها العسكرية». وأضاف: «تظل الحقيقة تتمثل في أن الجهد المخلص لتجنب تضرر المدنيين، ليس فقط بالالتزام بالقانون الإنساني الدولي، بل وبالحد من كثافة القتال، هو السبيل الوحيد لتقليل معاناة المدنيين الأفغان».
ورفض الكولونيل سوني لجيت، المتحدث باسم القوات الأميركية في أفغانستان، نهج بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان والنتائج التي توصلت لها. لكن لجيت لم يكشف عن أي أرقام للجيش الأميركي عن الضحايا المدنيين، واكتفى بقول إن القوات الأميركية عملت بشكل وثيق مع قوات الأمن الأفغانية على تفادي المدنيين. وتسيطر «طالبان» على نصف أفغانستان، لكنها ترفض دعوات وقف إطلاق النار قبل أن تغادر كل القوات الأجنبية البلاد. ولم يتسن الحصول على تعليق على تقرير بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان من الحكومة الأفغانية أو «طالبان».
إلى ذلك، قالت القوات الأفغانية، إنها قتلت 20 من كتيبة القناصة في «طالبان» في ولاية بغلان. وأصدر «فيلق بامير 217» التابع للجيش الأفغاني بياناً، قال فيه، إن مقاتلة لسلاح الجو الأفغاني قصفت منطقة تابا قرغان في ولاية بغلان، وقُتل 30 مسلحاً على الأقل من بينهم عشرون من وحدة القناصة التابعة لـ«طالبان»، في حين قال «فيلق شاهين» في الشمال الأفغاني، إن قواته قتلت 52 من مقاتلي «طالبان» وجرحت 33 آخرين في معارك واشتباكات في ولاية بغلان. وقال البيان، إن القوات البرية بدعم من سلاح الجو هاجمت مواقع وقواعد لقوات «طالبان» في الولاية، وتمكنت من السيطرة على أسلحة خفيفة ومتوسطة من قوات «طالبان».
وأعلنت القوات الخاصة الأفغانية في ولاية فراه غرب أفغانستان مقتل وإصابة ما لا يقل عن 50 من قوات «طالبان» في عمليات في منطقة غورزيوان في الولاية الواقعة على الحدود مع إيران.
من جانبها، قالت قوات «طالبان»، إنها قتلت ثلاثة من أفراد القوات الحكومية في مديرية شاوليكوت في ولاية قندهار وجرحت آخرين بعد تفجير لغم في دورية للقوات الحكومية. كما تمكن قناص من قوات «طالبان» في ولاية هلمند من قتل اثنين من رجال الميليشيا الموالية للحكومة الأفغانية في منطقة جريشك.
وكانت قوات «طالبان» نصبت كميناً للقوات الأفغانية في قرية سبين مسجد في مديرية جريشك - ولاية هلمند؛ مما أدى إلى مقتل أربعة من الجنود الحكوميين. وشهدت ولاية زابل جنوب شرقي أفغانستان معارك واشتباكات بين قوات «طالبان» والقوات الحكومية، بعد هجوم شنته قوات «طالبان» على منطقة ميزانا، حيث قتل أو أصيب ما لا يقل عن 17 جندياً حكومياً، في حين جرح ثلاثة من مقاتلي «طالبان» في العملية.


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.