وفاة الدكتور عبد الرحمن الشبيلي أحد رموز الإعلام السعودي

سقطت به شرفة منزله في باريس بعد 8 أشهر من استعراضه سيرته العريقة

الدكتور عبد الرحمن الشبيلي خلال تقديمه برنامج «شريط الذكريات» (أرشيفية - التلفزيون السعودي)
الدكتور عبد الرحمن الشبيلي خلال تقديمه برنامج «شريط الذكريات» (أرشيفية - التلفزيون السعودي)
TT

وفاة الدكتور عبد الرحمن الشبيلي أحد رموز الإعلام السعودي

الدكتور عبد الرحمن الشبيلي خلال تقديمه برنامج «شريط الذكريات» (أرشيفية - التلفزيون السعودي)
الدكتور عبد الرحمن الشبيلي خلال تقديمه برنامج «شريط الذكريات» (أرشيفية - التلفزيون السعودي)

توفي الإعلامي والباحث السعودي الدكتور عبد الرحمن بن صالح الشبيلي، مساء اليوم (الثلاثاء)، عن عمر يقارب الـ75 عاماً، بعد تعرضه لحادث عارض في العاصمة الفرنسية مؤخراً.
وأفاد مقربون من الشبيلي بأنه أصيب جرّاء سقوط شرفة منزله في باريس أثناء وجوده بها خلال الأيام القليلة الماضية، قبل أن يُنقل إلى أحد مستشفيات العاصمة السعودية الرياض عبر الإخلاء الطبي.
وسيُصلى على فقيد الإعلام السعودي بعد صلاة عصر غدٍ (الأربعاء) في جامع الجوهرة البابطين بالرياض، وسيُوارى جثمانه الثرى في مقبرة الشمال، كما يتقبل ذووه العزاء بمنزله في حي المحمدية.
وعبّر إعلاميون ومثقفون وأكاديميون سعوديون عن بالغ حزنهم وصادق مواساتهم لذوي الرمز القدير عبد الرحمن الشبيلي، مستعرضين عبر تغريدات على «تويتر» مآثره وذكرياتهم معه ومسيرته الحافلة والمميزة التي امتدت لعقود.
وللشبيلي رحلة طويلة مع الإعلام المسموع والمرئي والمقروء، أثمرت عشرات الكتب والمحاضرات المطبوعة في تاريخ الإعلام وسير الأعلام بالسعودية. ومن أبرز مؤلفاته: «نحو إعلام أفضل»، «الإعلام في المملكة العربية السعودية»، «إعلام وأعلام»، «الملك عبد العزيز والإعلام».
وعمل الراحل مديراً عاماً للتلفزيون السعودي، ووكيلاً لوزارة الإعلام، وأستاذاً في جامعة الملك سعود. كما كان عضواً لسنوات في مجلس الشورى، والمجلس الأعلى للإعلام.
وتولى الفقيد رئاسة مجلس أمناء الشركة السعودية للأبحاث والنشر، ومجلس إدارة مؤسسة الجزيرة الصحافية. وأسهم في تأسيس إذاعة وتلفزيون الرياض عام 1965م.
وحاز جائزتي الملك سلمان لخدمة التاريخ الشفوي وتوثيقه وبحوث الجزيرة العربية، ونال وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى في الدورة الحادية والثلاثين للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية).
وكان آخر مقال كتبه الراحل عبد الرحمن الشبيلي، في صحيفة «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي بعنوان: «طارق عبد الرحمن المؤيّد وزير الإعلام البحريني الأسبق»، والذي استعرض فيه «شخصية المقال» المتوفى عام 1999، عاداً إياه من «أمْيَز وزراء الإعلام في العالم العربي، وفي منطقة الخليج خصوصاً».
وأشار الشبيلي إلى أنه عرف الأستاذ المؤيّد عام 1974 «عندما استضافت البحرين ثالث اجتماع للتنسيق التلفزيوني لدول الخليج، وتوثّقت العلاقة معه بأكثر من ذكرى».
وتابع: «طارق المؤيّد في أثناء تولّيه مسؤوليّة الإعلام عمليّاً، يمثّل حراكاً ميدانيّاً، ومثالاً على الدماثة في تعامله مع الإعلاميين وحملة القلم، ورمزاً من رموز الحكومة البحرينيّة الذين استمرّوا مدداً طويلة فيها (...) كانوا من القامات، ووجوهاً لبلد صغير في حجمه، كبير بتاريخه، يُضرب المثل بثقافته النوعيّة، وبتواضع إنسانه من ذكور ونساء».
ووثّق الدكتور عبد الرحمن الشبيلي قبل وفاته بنحو 8 أشهر، سيرته العريقة في كتاب أصدره في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الذي حمل عنوان: «مشيناها... حكايات ذات»، بعد أن استغرق إنجازه عاماً ونصف العام، مُعرباً عن أمله في أن تؤدي هذه الذكريات غرضها، دون مغالاة أو ترميم، وأن يجد النشء في مضمونها فائدة مضافة.
ولحق الشبيلي بزميله في التلفزيون السعودي سابقاً المذيع محمد الرشيد، الذي وافته المنية ليلة البارحة، وصُلي عليه عصر اليوم (الثلاثاء)، في جامع الراجحي بمدينة الرياض.
ويعد الرشيد من الرعيل الأول في التلفزيون السعودي، وامتد عطاؤه في العمل الإذاعي والتلفزيوني لأكثر من ثلاثة عقود، وتميز لسنوات طويلة بتقديم النشرات الإخبارية وعدد من البرامج الخاصة بالمناسبات.
ويعد صاحب أشهر برنامج إذاعي يُعنى بالمواهب الفنية، حيث ارتبط اسمه ببرنامج «استديو رقم 1»، الذي أسهم من خلاله في تقديم عدد من المواهب. كما قدّم برنامج «عالم الرياضة والشباب».
وذكرت وزارة الإعلام السعودية في تغريدة على «تويتر» نعت فيها الرشيد، أنه «مزج خلال عمله الإعلامي بين المهنية والعفوية، والخبرة مع البساطة».



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض