ترمب يهاجم الصين بالتزامن مع بدء المحادثات التجارية

ضباط شرطة المرور الصينيون يسيرون بجوار العلم الأميركي على سيارة السفارة خارج فندق في شنغهاي (أ.ب)
ضباط شرطة المرور الصينيون يسيرون بجوار العلم الأميركي على سيارة السفارة خارج فندق في شنغهاي (أ.ب)
TT

ترمب يهاجم الصين بالتزامن مع بدء المحادثات التجارية

ضباط شرطة المرور الصينيون يسيرون بجوار العلم الأميركي على سيارة السفارة خارج فندق في شنغهاي (أ.ب)
ضباط شرطة المرور الصينيون يسيرون بجوار العلم الأميركي على سيارة السفارة خارج فندق في شنغهاي (أ.ب)

هاجم الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم (الثلاثاء) الصين، وذلك بالتزامن مع بدء محادثات تجارية بين ممثلين عن الجانبين في شنغهاي.
وكتب ترمب، على موقع «تويتر»: «دائما ما يغيّرون الاتفاق في النهاية لصالحهم. ربما يكونون ينتظرون انتخاباتنا لرؤية ما إذا كان لدينا (رئيس) ديمقراطي مثل (جو النائم)»، في إشارة للمرشح الديمقراطي جو بايدن.
ويلتقي المفاوضون الصينيون والأميركيون في شنغهاي لإجراء محادثات جديدة بشأن الحرب التجارية بينهما، لكن بكين وواشنطن لا تتوقعان الكثير بشأن فرص التوصل إلى اتفاق، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وستعقد الاجتماعات الثلاثاء والأربعاء في العاصمة الاقتصادية للصين. وستكون الأولى وجها لوجه بين الطرفين منذ فشل المفاوضات في مايو (أيار) الماضي عندما اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب بكين بعدم الوفاء بالتزاماتها.
ويجري المفاوضات عن الجانب الأميركي الممثل الأميركي للتجارة روبرت لايتهايزر ووزير الخزانة ستيفن منوتشين.
وتخوض الصين والولايات المتحدة منذ العام الماضي مواجهة تجارية تتمثل بتبادل فرض رسوم جمركية على سلع تتجاوز قيمتها 360 مليار دولار من المبادلات السنوية.
وامتد الخلاف إلى قطاع التكنولوجيا مع إدراج المجموعة الصينية العملاقة للاتصالات هواوي في مايو على لائحة سوداء للإدارة الأميركية لأسباب أمنية.
وتجري المفاوضات في أجواء معقدة للصين التي تواجه منذ أسابيع مظاهرات كبيرة وبعضها عنيفة في هونغ كونغ، وعداء شديدا من الولايات المتحدة.
وهدد ترمب بمنح صفة الدول النامية لبعض البلدان الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، في خطوة تستهدف الصين أولا. وفي رد قاس الاثنين، أدانت بكين «وقاحة وأنانية» الولايات المتحدة.
ولمح ترمب الجمعة إلى أن الصين يمكن أن تتعمد إطالة أمد المفاوضات حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في 2020 على أمل وصول رئيس يمكن التعامل معه بسهولة.
واعترفت وكالة أنباء الصين الجديدة الثلاثاء في تعليق بأن، العلاقات بين بكين وواشنطن «متوترة» ودعت الولايات المتحدة إلى «التعامل مع الصين بكل الاحترام الواجب» إذا أرادت التوصل إلى اتفاق.
ويشكل استئناف المفاوضات بحد ذاته خطوة إيجابية بعد الهدنة في الحرب التجارية التي اتفق عليها الرئيس الأميركي ونظيره الصيني شي جينبينغ خلال قمة مجموعة العشرين في اليابان.
وقال جيك باركر من غرفة التجارة الأميركية لوكالة الصحافة الفرنسية إن «هذه الجولة من المحادثات تهدف إلى توضيح مواقف الطرفين بعد تهدئة نسبية». وأضاف أنه سيكون على بكين وواشنطن «إعادة الثقة التي كانت قائمة في أبريل (نيسان) وتبددت منذ ذلك الحين».
ويشير عقد المحادثات في شنغهاي أيضا إلى فترة تحسنت فيها العلاقات بين البلدين، كما يثبت بيان شنغهاي الذي صدر في 1972 وكان مرحلة مهمة في إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين.
لكن بكين وواشنطن تبديان تفاؤلا حذرا في فرص التوصل إلى اتفاق.
لكن حدة الخطاب لم تتراجع في وسائل الإعلام التي تسيطر عليها السلطات الصينية. فقد نصحت الصحيفة الناطقة بالإنجليزية «تشاينا ديلي» الثلاثاء الولايات المتحدة «بالتخلي عن تكتيك الضغوط القصوى الذي تتبعه»، مؤكدا أنه «ليس فعالا ضد الصين».
وفي مؤشر إلى غياب الثقة بين القوتين الكبريين، يمكن أن يلعب وزير التجارة الصيني جونغ شان الذي يعتبر متشددا، دورا أكبر في هذه المفاوضات إلى جانب نائب رئيس الوزراء ليو هي القريب جدا من الرئيس شي جينبينغ.
ورأى ستيفن إينيس المحلل في مجموعة «فانغارد ماركيتس» أنه ستكون هناك على الأرجح «بعض التنازلات البسيطة ولكن بحدود».
إلا أنه أشار إلى أن «اتفاقا على أي شيء سيكون إيجابيا» بعد أشهر من التوتر المتصاعد.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.