الحوثي يرهن صيانة «خزان صافر» ببيع النفط لمصلحة جماعته

TT

الحوثي يرهن صيانة «خزان صافر» ببيع النفط لمصلحة جماعته

عادت جماعة الحوثيين الموالية لإيران مجدداً للمساومة من أجل الحصول على ثمن أكثر من مليون برميل من النفط الخام في خزان «صافر» العائم بميناء رأس عيسى شمال مدينة الحديدة، مقابل السماح للفرق الأممية بمعاينة الخزان المتهالك وإجراء الصيانة له خشية تسرب النفط منه.
وجاءت المساومة الحوثية على لسان القيادي البارز في الجماعة ورئيس ما تسمي «اللجنة الثورية العليا» محمد علي الحوثي، خلال تغريدات له على «تويتر» زاعماً أن جماعته لا تمانع في صيانة الخزان لكنها تريد أن يتم بيع الكمية المخزنة المقدرة بأكثر من مليون برميل لمصلحة الجماعة.
ولوح الحوثي ضمناً بأن جماعته ستغض الطرف عن تسرب النفط في مياه البحر الأحمر وهو ما يهدد بكارثة بيئية كبيرة في المياه الإقليمية للدول المطلة على البحر الأحمر بما فيها اليمن والسعودية والسودان ومصر، في سياق عملية الابتزاز التي تقوم بها الجماعة.
وزعم القيادي الحوثي، الذي يعد الرجل الثالث في الجماعة، أن الميليشيات تريد أن تحصل على عائد بيع النفط المخزن في السفينة (الخزان العائم)، منذ انقلاب الجماعة على الشرعية في 2014، من أجل دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، محملاً الشرعية والتحالف مسؤولية أي تسرب للنفط.وتسعى الجماعة للحصول على أكثر من 60 مليون دولار على الأقل إذا وافقت الأمم المتحدة على ترتيب عملية لبيع النفط الخام لمصلحة الميليشيات التي حولت المسألة إلى عملية ابتزاز للشرعية والتحالف الداعم لها وللأمم المتحدة. وكانت السفينة «صافر» المملوكة للحكومة اليمنية عبارة عن خزان ضخم في ميناء رأس عيسى يستقبل النفط الخام الآتي من حقول الإنتاج في محافظة مأرب (شرق صنعاء)، إلا إن انقلاب الجماعة على الشرعية حال دون استئناف تصدير النفط، كما حال دون تصدير الكمية المخزنة، فضلاً عن تعذر عملية الصيانة للخزان بسبب سيطرة الميليشيات على الميناء.
وحذرت الحكومة الشرعية أكثر من مرة من كارثة بيئية محتملة في البحر الأحمر جراء إمكانية تسرب النفط، ووجهت خطابات متتابعة للأمم المتحدة خلال السنوات الماضية، لكن الميليشيات الحوثية حالت دون وصول الفرق الفنية لمعاينة السفينة العائمة وصيانتها.
وكان أحدث هذه التحذيرات نداء وجهه وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني أكد فيه أن استمرار تعنت الميليشيات ومنع فريق الأمم المتحدة المعني بالصيانة للناقلة من تأدية عمله، سيؤدي إلى حدوث كارثة محتملة إذا ما تسرب النفط في مياه البحر، قد تمتد إلى السعودية وإريتريا والسودان ومصر.
وقال الإرياني إن الميليشيات اشترطت على الأمم المتحدة الحصول «على ضمانات تمكنهم من الاستيلاء على عائدات بيع النفط المقدرة بـ80 مليون دولار»، مؤكداً أن «انفجار الناقلة أو تسرب حمولتها من النفط، سيخلفان واحداً من أكبر التسريبات النفطية في التاريخ، وتأثيراته الكارثية ستشمل الأحياء البحرية في البحر الأحمر وحركة الملاحة البحرية في مضيق باب المندب وقناة السويس، وهما من أهم الممرات المائية في العالم».
وأضاف الإرياني: «نحذر من كارثة بيئية وشيكة جراء منع الميليشيات الحوثية وصول فريق فني تابع للأمم المتحدة للقيام بأعمال الفحص الفني والصيانة للناقلة (صافر) التي ترسو في البحر الأحمر بالقرب من ميناء رأس عيسى شمال الحديدة منذ 4 سنوات، وتحوي أكثر من مليون برميل من النفط الخام مخزوناً للتصدير». ويؤكد مراقبون اقتصاديون أن تراجع عائدات الميليشيات الحوثية من الأرباح التي كانت تجنيها من النفط الإيراني المهرب دفعها للمساومة على النفط المخزن في السفينة العائمة للحصول على أموال لتغطية العجز والاستمرار في الإنفاق على تمويل جبهات القتال.
وفي حين تزعم الجماعة أنها تريد أن تستخدم هذه العائدات لصرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، كان مراقبون اقتصاديون كشفوا عن قيام الجماعة بجباية مبالغ ضخمة من الضرائب والإتاوات المختلفة المفروضة على التجار، إضافة إلى عائدات قطاعات الاتصالات والتبغ وموانئ الحديدة، وهي مبالغ تكفي لصرف رواتب الموظفين التي قطعتها الجماعة منذ 3 سنوات تحت ذريعة قيام الشرعية بنقل مقر البنك المركزي اليمني إلى العاصمة المؤقتة عدن.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.