إردوغان: سندمر «الممر الإرهابي» شرق الفرات أياً تكن نتائج المباحثات

طالب بـ«منطقة آمنة» تصل إلى عمق 35 كلم

TT

إردوغان: سندمر «الممر الإرهابي» شرق الفرات أياً تكن نتائج المباحثات

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن تركيا مصممة على تدمير ما سماه بـ«الممر الإرهابي» شرق الفرات في سوريا، مهما كانت نتيجة المحادثات مع الولايات المتحدة حول إنشاء منطقة آمنة مقترحة.
وأضاف إردوغان: «أياً كانت النتيجة، فنحن مصممون على تدمير (الممر الإرهابي) شرق الفرات بسوريا».
وتابع إردوغان، في كلمة له، أمس (الجمعة)، خلال اجتماع مع رؤساء فروع «حزب العدالة والتنمية» في الولايات التركية، بالعاصمة أنقرة: «من يمارسون البلطجة بالاعتماد على قوات أجنبية في المنطقة (في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية الحليفة لواشنطن)، إما أن يُدفنوا تحت التراب أو يقبلوا بالذل».
وقال الرئيس التركي إن بلاده أحبطت مشروع إنشاء «ممر إرهابي» على حدودها الجنوبية، مضيفاً: «ستستمر مثل هذه الهجمات (الإرهابية) داخل بلادنا وخارجها، ما لم نجتثَّ جذور حزب العمال الكردستاني في شمال العراق بشكل كامل... ورأينا يتطابق إلى حد كبير، مع إدارتي إيران والعراق بهذا الصدد».
وشدد على أن تركيا ستقطع ما سماه «ارتباط الإرهابيين» في شرق الفرات (في إشارة إلى الوحدات الكردية) مع شمال العراق، عبر عمليتي «المخلب 1» و«المخلب 2».
وعملية «المخلب» هي عملية عسكرية أطلقتها تركيا منذ أواخر مايو (أيار) الماضي في هاكورك شمال العراق، مستهدفة مواقع حزب العمال الكردستاني الذي تقول أنقرة إن وحدات حماية الشعب الكردية هي امتداده في سوريا.
وأضاف أن الهجوم على الدبلوماسي التركي، عثمان كوسا، في مدينة أربيل العراقية، الذي أدى إلى مقتله، الأسبوع الماضي، يؤيد صحة رؤية تركيا بشأن عملية «المخلب» التي أطلقتها في شمال العراق.
وأشار إردوغان إلى استمرار المحادثات مع الولايات المتحدة بخصوص إنشاء منطقة آمنة بعمق 35 كلم داخل حدود سوريا، لكنه قال إن تركيا ستدفن من يسعون لتشكيل ممر إرهابي على حدودها تحت التراب بغض النظر عن نتيجة المباحثات.
وجاءت تهديدات إردوغان غداة اجتماع عقده وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مع مسؤولين عسكريين أول من أمس (الخميس) لبحث عملية عسكرية تركية محتملة في منطقة شرق الفرات الخاضعة لسيطرة تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الذي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية قوامه الرئيسي، والذي جاء بعد يوم واحد من إعلان وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن بلاده ستتحرك إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن منطقة آمنة مقترحة في شمال شرقي سوريا.
وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري أجرى، ووفد أميركي، مباحثات في أنقرة امتدت من الاثنين إلى الأربعاء الماضيين ركزت على مقترح المنطقة الآمنة شمال شرقي سوريا، وتنفيذ خريطة الطريق التركية الأميركية في منبج. وقالت السفارة الأميركية في أنقرة، في بيان، إن جيفري «عقد سلسلة اجتماعات مع مسؤولين أتراك رفيعي المستوى، بما في ذلك المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، ووزير الدفاع خلوصي أكار، ونائب وزير الخارجية سادات أونال».
وترأس جيفري وفدا مشتركاً من دوائر حكومية أميركية، وانضمّ إلى نظرائه الأتراك في اجتماع لمجموعة العمل رفيعة المستوى بشأن سوريا، وهو الاجتماع الخامس للمجموعة منذ تشكيلها، الصيف الماضي، جرى خلاله نقاش عام بشأن سوريا وشمال شرقي البلاد على وجه التحديد، والتزم الطرفان بتحقيق تقدم سريع وملموس بشأن خريطة طريق منبج، وناقشا اقتراحات مفصلة لتعزيز أمن تركيا على طول الحدود التركية في شمال شرقي سوريا.
وكانت النقاشات، بحسب البيان الأميركي «صريحة وإيجابية ومثمرة، وتواصل الولايات المتحدة وتركيا تبادل وجهات النظر بشأن بواعث القلق المشتركة في سوريا، ونتطلع قدماً لمواصلة هذه النقاشات، بما في ذلك من خلال المشاورات العسكرية بين الطرفين».
لكن وزير الخارجية التركي قال تعليقاً على مباحثات جيفري والوفد المرافق له في أنقرة، إن الولايات المتحدة تتعمد المماطلة فيما يتعلق بتحديد أبعاد وعمق المنطقة الآمنة، ومَن سيتولى السيطرة عليها، وإخراج وحدات حماية الشعب الكردية منها، وإن صبر بلاده نفد.
وأضاف أن واشنطن تعرقل التقدم مثلما فعلت مع خريطة طريق متفَق عليها لتطهير مدينة منبج من وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة «منظمة إرهابية» وتدعمها واشنطن لكونها حليفاً لها في الحرب على «داعش».
وقال مسؤولون في الجيش التركي، أول من أمس، إن مسؤولين من تركيا والولايات المتحدة سيواصلون إجراء محادثات بشأن المنطقة الآمنة المقترحة في شمال سوريا. وذكر المسؤولون أن نحو ألف من مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية ما زالوا في منبج رغم الاتفاق مع واشنطن (خريطة الطريق) على تطهير المنطقة. وأضافوا أن ما كانت تنتظره تركيا لم يتحقق.
وترغب تركيا في الانفراد بالسيطرة على المنطقة الآمنة، وأن تكون على عمق 30 إلى 40 كيلومتراً من حدودها الجنوبية مع سوريا، وأن تخلو من أي وجود لمسلحي «الوحدات» الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الحليف لواشنطن في الحرب على «داعش»، بينما تتمسك الولايات المتحدة بضمانات لحمايتها وبأن تخضع المنطقة لسيطرة قوات غربية من دول التحالف الدولي للحرب على «داعش» بقيادتها، كما ترى أن مساحة المنطقة يجب أن تقتصر على ما يضمن إزالة مخاوف تركيا الأمنية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.