«خداع الجيران»... حيلة سرطانية تؤدي لانتشار الأورام

توصل فريق بحثي من مؤسسة شامباليمود للأبحاث العلمية في البرتغال، إلى اكتشاف إحدى الحيل التي تستخدمها الخلايا السرطانية للانتشار في الجسم، وهي خداع جيرانها من الخلايا السليمة، باستخدام «بصمة اللياقة البدنية».
وخلال دراسة نشرت أول من أمس في دورية «نيتشر» وصف الفريق البحثي هذه الحيلة السرطانية، التي تعتمد بشكل أساسي على كون الخلايا السرطانية في الواقع خلايا بشرية، وبالتالي فهي تمتلك الآلية الفطرية، ليس فقط لخداع أنظمة الدفاع في الجسم، لكن لاختطافها أيضاً.
والآلية الفطرية التي تحدث في الجسم بشكل طبيعي، هو أن الخلايا المجاورة في الجسم تقيم باستمرار مستوى اللياقة لدى بعضها البعض باستخدام علامات خاصة تعرضها كل خلية على سطحها، سماها الفريق البحثي بـ«بصمة اللياقة البدنية».
ووجد الفريق البحثي أنّ هناك نوعين من البصمات، الأول سُمّي بـ«الرابح» ويشير إلى أنّ الخلية صغيرة وصحية، والثاني «خاسر» ويعني أنّ الخلية قديمة أو تالفة، وما يحدث بشكل طبيعي، هو أنّه إذا كانت الخلية أقل ملاءمة من جيرانها، مما يعني أنّ لديها بصمة «خاسر» أو حتى «رابح»؛ ولكن بشكل أقل من جيرانها يتم القضاء عليها، مما يضمن صحة وسلامة الأنسجة ككل.
وهذه الآلية مهمة لصحة الجسم، وتجديد الأنسجة بعد الإصابة ومنع الشيخوخة المبكرة؛ لكنّ الخلايا السرطانية، تختطف تلك الآلية لصالح نمو الورم، إذ كشفت الدراسة أنّها تستخدم بصمات اللياقة البدنية بشكل مخادع لتخفي نفسها كخلايا فائقة الملاءمة تحتوي على بصمة «رابح» بشكل أكبر من جيرانها، فتنجح في خداع جيرانها الأصحاء وتؤدي إلى موتهم، وبالتالي تدمر الأنسجة وتفسح المجال لتوسع الورم.
كانت الخطوة التالية التي عمل عليها الفريق البحثي بعد هذا الكشف، هي محاولة السعي لإبطال هذه الحيلة، ونجح في تحديد الجين الذي يرمز لبصمات اللياقة في الجينوم البشري، وبمجرد التعرف عليه، رأى رموزا لأربعة أنواع مختلفة من بصمات اللياقة، حيث يوجد نوعان من بصمات «رابح»، ونوعان من بصمة «خاسر».
وكشفت النتائج التي توصل إليها الفريق البحثي بعد فحص بعض الأورام أنّ التعبير العالي عن بصمات «رابح» في الورم، بالترافق مع تعبير مرتفع عن «خاسر» في الأنسجة المحيطة به، هو شرط أساسي لنمو الورم، لذلك قرر اختبار تأثير حجب هذه الآلية.
للقيام بذلك، زرع الطعوم من الأورام البشرية في الفئران بعد أن تلاعب في هذه البصمات، فوجد أنّ هذا التلاعب قلّل بشكل كبير من حجم الأورام، مما يدل على أنّه يقلّل من القوة التدميرية للورم ضد النسيج المضيف.
ويقول إدواردو مورينو، الباحث الرئيسي في الدراسة بتقرير نشره موقع مؤسسة شامباليمود بالتزامن مع نشرها: «من المهم التأكيد على أنّ هذا النهج وحده لا يلغي الخلايا السرطانية، بل يؤدي إلى بطء التقدم، لذلك قمنا بالجمع بين حجب تعبير بصمات اللياقة البدنية والعلاج الكيميائي كآلية علاجية»، مضيفاً: «لقد كان هذا النهج ذو الشقين ناجحاً للغاية، فلقد تمكنا من التقليل أكثر، وفي بعض الحالات تم القضاء تماماً على الأورام السرطانية».