عشرات القتلى والجرحى في تفجيرات هزت كابل

قوات أفغانية خاصة أعلنت مقتل 11 من مقاتلي «طالبان»

أفغان يتفقدون ما بقي من ممتلكاتهم بعد انفجار عنيف بكابل أمس (رويترز)
أفغان يتفقدون ما بقي من ممتلكاتهم بعد انفجار عنيف بكابل أمس (رويترز)
TT

عشرات القتلى والجرحى في تفجيرات هزت كابل

أفغان يتفقدون ما بقي من ممتلكاتهم بعد انفجار عنيف بكابل أمس (رويترز)
أفغان يتفقدون ما بقي من ممتلكاتهم بعد انفجار عنيف بكابل أمس (رويترز)

هزّت ثلاثة انفجارات عنيفة العاصمة الأفغانية كابل، موقعة 56 بين قتيل وجريح رغم التفاؤل الذي ساد في أفغانستان بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب الدائرة فيها.
وأعلنت «طالبان» مسؤوليتها عن إحدى الهجمات في العاصمة كابل، فيما لم تتبنَّ أي جماعة التفجيرين الآخرين. وجاءت التفجيرات أثناء زيارة اثنين من كبار المسؤولين الأميركيين للعاصمة، كابل، وبعد يوم من تفجير استهدف القوات الأجنبية في العاصمة راح ضحيته جندي كرواتي، إضافة إلى إصابة ثلاثة آخرين من الجنود الكروات. إلا أن «طالبان» قالت إن الهجوم استهدف مجموعة من ضباط الاستخبارات المركزية الأميركية.
وأكد نصرت رحيمي، الناطق باسم الداخلية الأفغانية، أن ضحايا تفجير حافلة تقل موظفين في وزارة المناجم والمعادن الأفغانية وصل إلى 45. بينهم 11 قتيلاً. وكان الانفجار الأول عبارة عن هجوم انتحاري قام به شخص كان على دراجة نارية استهدف الحافلة، فيما استخدمت قنابل في التفجير الثاني استهدفت القادمين إلى مكان الانفجار، حسب الناطق باسم الداخلية الأفغانية.
وقد تم تفجير سيارة مفخخة على بعد عدة أميال من الانفجارين الأولين، وأكّد نصرت رحيمي أن جميع الضحايا في الانفجارات هم من المدنيين، وبينهم أطفال ونساء.
وقالت «طالبان» في بيان لها إنها مسؤولة عن التفجير الثالث بالقول إنه استهدف القوات الأجنبية في أفغانستان، نافيةً في الوقت نفسه صلتها بالتفجيرين الأولين اللذين استهدفا حافلة نقل لموظفي وزارة المناجم، ومن جاءوا لتفقد الانفجار فيما بعد. لكن الناطق باسم الداخلية الأفغانية قال إن الحكومة تُحمّل «طالبان» مسؤولية التفجيرات الثلاثة.
وكان انفجار آخر في ولاية ننغرهار أدّى إلى مقتل 14 شخصاً حين مرت سيارة مدنية فوق لغم أرضي مزروع على طرف الطريق حسب قول الناطق باسم حاكم ولاية ننغرهار، مضيفاً أن الضحايا كانوا جزءاً من عائلة ذاهبة إلى حضور حفل زفاف.
وذكر بيان صادر عن حاكم ننغرهار أن الانفجار أدى إلى إصابة خمسة مدنيين بينهم امرأة وطفلان، وأن الضحايا كانوا في طريقهم لحضور حفل زفاف حينما انفجر لغم على جانب الطريق بحافلتهم. ولم تتبنّ التفجير أي من الجماعات المناهضة للحكومة الأفغانية.
وقال وحيد الله ميار، الناطق باسم وزارة الصحة الأفغانية، إن من بين القتلى خمس نساء وطفلاً واحداً. وكانت قوات «طالبان» هاجمت مراكز للشرطة الحكومية في ولاية تاخار الشمالية، مما أدى إلى مقتل 35 ضابطاً في الشرطة، حسب المصادر الرسمية. كما أصيب في الاشتباكات 12 آخرون، بينهم ستة من رجال الشرطة بعد معركة واشتباكات استمرت عدة ساعات في منطقة أشكامش، حسب قول حاكم الولاية السابق سيد محراب الدين. وأكد رئيس مجلس ولاية تاخار، وفي الله أمين، هجمات «طالبان» على مراكز الشرطة في أشكامش منتصف الليلة قبل الماضية، مضيفاً أن 37 من قوات الشرطة لقوا مصرعهم في هجوم «طالبان»، وأن الشرطة في المنطقة أرسلت قوات إمداد ومساندة مما مكّنها من استعادة المراكز من قوات «طالبان» بعد إصابة 6 من رجال الشرطة، وفقدان عدد غير محدد من رجال الشرطة لم يُعرَف مصيرهم.
وعزا رئيس المجلس الإقليمي للولاية الخسائر الجمة في صفوف الشرطة إلى عدم استعدادها، وافتقارها إلى التنسيق مما أوقع خسائر كبيرة في صفوفها.
على صعيد متصل، ذكر «فيلق الرعد 203» التابع للجيش الأفغاني أن القوات الأميركية قصفت بالطائرات مواقع لقوات «طالبان» في ولاية غزني، مما أوقع 8 قتلى من قوات «طالبان» في منطقة أحد وباشي في مديرية أندار بولاية غزني، كما دمّرت الغارة الجوية سيارة جيب تابعة لقوات «طالبان». فيما قال مسؤولون محليون إن الغارة الأميركية أصابت سيارة شحن مدنية، لكن مكتب حاكم ولاية غزني قال إن الغارة الجوية أدت إلى مقتل ثلاثة انتحاريين من قوات «طالبان» وتدمير ناقلة شحن مليئة بالمتفجرات.
وأعلنت القوات الخاصة الأفغانية مقتل 11 من قوات «طالبان»، وتدمير مخزن ضخم للأسلحة والذخيرة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وقال مسؤول في القوات الخاصة إن 11 من قوات «طالبان» لقوا مصرعهم في منطقة شاران في ولاية بكتيكا، كما أغارت القوات الخاصة على منطقة نهر سراج في ولاية هلمند حيث تمكنت من اعتقال أربعة من مقاتلي «طالبان»، ودمرت معملاً لتصنيع المواد المتفجرة التي تستخدمها «طالبان» في صناعة الألغام الأرضية، إضافة لشنها غارة على مخزن ومعمل للمتفجرات في ولاية أروزجان وسط أفغانستان.
إلى ذلك، أعلن المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد أن محادثاته مع الرئيس الأفغاني أشرف غني ورئيس السلطة التنفيذية عبد الله عبد الله، ووزير الخارجية صلاح الدين رباني، كانت إيجابية، وتركزت على الخطوات المقبلة، وتشكيل وفد الحكومة للسلام في أفغانستان. فيما أعلن سهيل شاهين، المتحدث باسم المكتب السياسي لـ«طالبان»، أن «طالبان» سترسل قريباً وفداً إلى إسلام آباد للقاء رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان وكبار المسؤولين هناك.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.