يتوقع خبير استراتيجي أميركي تحويل فكرة حلف دولي لتأمين الملاحة البحرية في الخليج، إلى «واقع لا مناص منه»، فيما يرى آخر روسي أن «عسكرة المنطقة ستزيد من التوترات، وتمهد لحرب مقبلة».
وقال لـ«الشرق الأوسط» كبير المستشارين في «تحليلات دول الخليج» في واشنطن، ثيودور كاراسيك، تعليقاً على طرح بريطانيا اقتراح تشكيل قوة «مراقبة» في الخليج، إن «الفكرة تتمثل هنا في إعادة هيكلة الأمن البحري في شبه الجزيرة العربية وحولها، بحيث يكون هناك ممر واضح ومُحدد وآمن وخالٍ من أي مضايقة أو تدخل أو قرصنة إيرانية». وأضاف: «ينتظر العالم ليرى كيف تتعامل الحكومة البريطانية مع احتجاز إيران الناقلة التي تحمل العلم البريطاني (ستينا إمبيرو)، مع رئيس وزراء بريطانيا الجديد بوريس جونسون. هناك كثير من المتغيرات غير المعروفة في المعادلة». وتابع: «لقد عبر جونسون مراراً عن تصميمه على تجنب التصعيد مع إيران، ومع ذلك؛ فهو يفضل خطاب ترمب وأميركا على الخطاب الأوروبي».
ويرى كاراسيك، أن جونسون «سيقود سياسة لندن الخارجية في الشرق الأوسط وخارجه بطريقة ربما ستربط الولايات المتحدة بالبر الرئيسي الأوروبي فيما يتعلق بقضية الأمن البحري. نحتاج أن نتذكر أن المملكة المتحدة مؤهلة من الناحية التشغيلية؛ خصوصاً من القواعد في الخليج».
علاوة على ذلك، وفق كاراسيك، فإن «خطوط التقسيم التي أوجدتها النزاعات حول الاتفاق النووي المنهكة الآن من المرجح أن ينتهي بها الأمر لصالح الولايات المتحدة بسبب متطلبات الارتباط معاً لحماية الخطوط اللوجيستية المهمة»، منوها بأن الأمن البحري في الخليج هو أحد العناصر التي يمكن تجميعها بناء على تجسيد سابق للتدريبات، خصوصاً تلك القائمة على تمارين إزالة الألغام البحرية». وتابع: «بشكل عام، حدث ذروة التعاون البحري في الفترة التي سبقت توقيع الاتفاق النووي. الآن بعد انتهاء الاتفاقية، سيتم العثور على تعاون عالمي لضمان ممرات بحرية مفتوحة؛ عاجلاً وليس آجلاً. هناك كثير من الخطابة الآن، لكن في نهاية المطاف، سيسود الأمن الخانق ضد أولئك الذين يسعون إلى تعطيل الشحن الدولي».
من جهته، قال الخبير الاستراتيجي الروسي آندريه أونتيكوف في اتصال من موسكو لـ«الشرق الأوسط» إن «المبادرة الروسية لتأمين الملاحة هي الأفضل لمنطقة آمنة للجميع، لأنها تشدد على عدم عسكرة المنطقة بقوات أجنبية»، مشيراً إلى أن الرؤية الأميركية كل هاجسها ممارسة مزيد من الضغط على إيران بزيادة التوتر بالخليج.
وبعكس الرؤيتين البريطانية والأميركية لتشكيل حلف لتأمين الملاحة البحرية في الخليج، فإن الرؤية الروسية، وفق أونتيكوف، التي قدمها سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، تستهدف الأمن للجميع بلا استثناء، وترتكز على نقطتين أساسيتين، لتأمين الملاحة بالخليج، لافتاً إلى أنه «رغم أن مضيق هرمز منطقة حيوية لكل العالم، فإن الأولى أن تعزز الأمن الخليجي أولاً»، منوها بأن أميركا تتمسك بسياسات «فرّق تسد»، وأنها تزرع الخلافات داخل العالم الإسلامي، «وهذا نجم عنه التوتر، بخلاف الرؤية الروسية التي تدعو العالم الإسلامي إلى أن يكون كتلة واحدة».
ويعتقد أونتيكوف أن الرؤية البريطانية لتشكيل حلف لتأمين الملاحة، تتنافى مع تصرفاتها؛ «هي من بدأت باحتجاز ناقلة إيرانية في جبل طارق، وبالتالي هي من تخرق وتعرقل حرية الملاحة»، مشيرا إلى أن «الفكرة البريطانية تلتقي مع الأميركية في أنها تستهدف عسكرة المنطقة».
ويرجح أونتيكوف أن تولد الرؤيتان البريطانية والأميركية نتائج أمنية خطيرة مستقبلاً، لأنهما تسعيان لعسكرة المنطقة بقوات وتعزيزات ستؤدي إلى مزيد من التوترات في المنطقة، وتزيد احتمالية اشتباكات بحرية؛ بل حتى نشوب حرب في المنطقة، مؤكداً أن المقترح البريطاني اقتراح غير بناء. ونوه بأن الاقتراحات الأميركية بشأن إنشاء حلف لمراقبة شواطئ المنطقة تستهدف إحياء فكرة فاشلة جربتها سابقاً لخلق تحالف، مبيناً أن الاستفزازات المتعلقة بملاحة النفط في المنطقة أساسها التصرفات الأميركية وانسحابها من الاتفاق النووي الإيراني، «حيث قبل ذلك لم تكن هناك أي إشكالات للملاحة البحرية في الخليج».
غير أنه يعتقد أن الرؤية السعودية تجاه ما يحدث في الخليج أمر منطقي للغاية، «خصوصاً لاستشعارها توتراً كبيراً في المنطقة، في الأسابيع الأخيرة، ولذلك لديها بعض المبادرات المهمة في هذا الشأن، غير أنه من الأهمية بمكان العمل على تعزيز حرية الملاحة البحرية في الخليج».
هيكلة عسكرية تؤسس لحلف دولي لتأمين الملاحة في الخليج
الرؤية الأميركية ـ البريطانية تتعارض مع الروسية
هيكلة عسكرية تؤسس لحلف دولي لتأمين الملاحة في الخليج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة