تركيا تبحث التحضيرات لعملية في شرق الفرات بعد فشل زيارة جيفري

أكار اجتمع مع مسؤولين عسكريين... واستمرار المباحثات مع واشنطن حول المنطقة الآمنة

TT

تركيا تبحث التحضيرات لعملية في شرق الفرات بعد فشل زيارة جيفري

عقد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار اجتماعا مع مسؤولين عسكريين أمس (الخميس) لبحث عملية عسكرية تركية محتملة في منطقة شرق الفرات الخاضعة لسيطرة تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الذي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية قوامه الرئيسي، ذلك بعد يوم واحد من إعلان وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن بلاده ستتحرك إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن منطقة آمنة مقترحة في شمال شرقي سوريا.
وبحسب بيان لوزارة الدفاع التركية قال أكار حلال الاجتماع: «نقلنا آراءنا وطلباتنا إلى الوفد الذي جاءنا (في إشارة إلى الوفد الأميركي الذي ترأسه المبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري وأجرى مباحثات معه ومع مسؤولين آخرين بدأت الاثنين واختتمت أول من أمس الأربعاء)... نتوقع منهم تقييمها والرد علينا فورا».
وأضاف أكار: «أكدنا لهم من جديد أننا لن نتغاضى عن أي تأخير، وأننا سنبادر بالفعل إذا اقتضت الضرورة».
وخلال زيارة جيفري أجرى وفدان عسكريان؛ تركي وأميركي، مباحثات بشأن منطقة آمنة اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عقب قراره سحب القوات الأميركية من سوريا، إلى جانب خريطة الطريق التركية الأميركية المتعثرة في منبج.
وقال وزير الخارجية التركي أول من أمس تعليقا على مباحثات جيفري والوفد المرافق له في أنقرة، إن صبر بلاده نفد وإن الولايات المتحدة تتعمد المماطلة فيما يتعلق بتحديد أبعاد وعمق المنطقة الآمنة ومن سيتولى السيطرة عليها وإخراج وحدات حماية الشعب الكردية منها.
وأضاف أن واشنطن تعرقل التقدم مثلما فعلت مع خريطة طريق متفق عليها لتطهير مدينة منبج من وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة «منظمة إرهابية» وتدعمها واشنطن لكونها حليفا لها في الحرب على «داعش».
وقال مسؤولون في الجيش التركي، أمس، إن مسؤولين من تركيا والولايات المتحدة سيواصلون إجراء محادثات بشأن المنطقة الآمنة المقترحة في شمال سوريا. وذكر المسؤولون أن نحو ألف من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية ما زالوا في منبج على الرغم من الاتفاق مع واشنطن (خريطة الطريق) على تطهير المنطقة. وأضافوا أن ما كانت تنتظره تركيا لم يتحقق.
من جهتها، أعلنت السفارة الأميركية على موقعها في «فيسبوك» أمس أن جيفري «عقد سلسلة اجتماعات في أنقرة مع مسؤولين أتراك رفيعي المستوى، بما في ذلك المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين ووزير الدفاع خلوصي أكار ونائب وزير الخارجية سيدات أونال».
وقاد السفير جيفري وفدا مشتركاً من دوائر حكومية أميركية وانضم إلى نظرائه الأتراك في اجتماع لمجموعة العمل رفيعة المستوى بشأن سوريا، وهو الاجتماع الخامس للمجموعة منذ تشكيلها الصيف الماضي. وأضاف البيان: «شهد اجتماع مجموعة العمل نقاشا عاما بشأن سوريا وشمال شرقي البلاد على وجه التحديد، والتزم الطرفان بتحقيق تقدم سريع وملموس بشأن خريطة طريق منبج وناقشا اقتراحات مفصلة لتعزيز أمن تركيا على طول الحدود التركية في شمال شرقي سوريا». وكانت النقاشات، بحسب البيان الأميركي: «صريحة وإيجابية ومثمرة وتواصل الولايات المتحدة وتركيا تبادل وجهات النظر بشأن بواعث القلق المشتركة في سوريا ونتطلع قدما لمواصلة هذه النقاشات، بما في ذلك من خلال المشاورات العسكرية بين الطرفين». وكشفت أنقرة، أول من أمس، عن فشل جولة المباحثات التي قام بها جيفري والوفد المرافق له على مدى 3 أيام في إحراز أي تقدم فيما يتعلق بالاتفاق على حدود وعمق المنطقة الآمنة المقترحة في شمال شرقي سوريا أو إخراج وحدات حماية الشعب الكردية منها أو لمن تكون السيطرة عليها.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن الاقتراحات الأميركية الجديدة المتعلقة بالمنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا لا ترضي تركيا، متهما الجانب الأميركي بالمماطلة.
وترغب تركيا في الانفراد بالسيطرة على المنطقة الآمنة وأن تكون على عمق 30 إلى 40 كيلومترا من حدودها الجنوبية مع سوريا وأن تخلو من أي وجود لمسلحي الوحدات الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الحليف لواشنطن في الحرب على «داعش»، بينما تتمسك الولايات المتحدة بضمانات لحمايتها وبأن تخضع المنطقة لسيطرة قوات غربية من دول التحالف الدولي للحرب على «داعش» بقيادتها، كما ترى أن مساحة المنطقة يجب أن تقتصر على ما يضمن إزالة مخاوف تركيا الأمنية.
وقال جاويش أوغلو: «يجب أن نتوصل إلى تفاهم مع واشنطن بشأن المنطقة الآمنة بسوريا في أقرب وقت. صبرنا نفد»، واصفا المقترحات الجديدة التي قدمتها الولايات المتحدة حول المنطقة الآمنة، عبر جيفري خلال مباحثاته في أنقرة، بأنها «ليست بمستوى يرضي تركيا».
وأضاف أن تركيا تشعر بوجود «نوع من المماطلة في المقترحات الأميركية الجديدة»، كالتي حصلت في خريطة الطريق في مدينة منبج. مشيرا إلى أن تركيا تتعرض لتهديدات من الجانب السوري من الحدود دفعتها إلى الاستعداد لعملية عسكرية في شرق الفرات. وأجرى جيفري والوفد الأميركي مباحثات مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ونائب وزير الخارجية التركي لشؤون الشرق الأوسط سادات أونال، والمتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين. وكان جاويش أوغلو هدد بشن عملية عسكرية في شرق الفرات إذا لم يتم تأسيس المنطقة الآمنة كما هو مخطط لها. وجاء التصعيد الأخير بعد تصريحات أطلقها إردوغان حين أعلن عن «خطوات مرتقبة» لبلاده في تل أبيض وتل رفعت بهدف إقامة «منطقة آمنة» تصل إلى عمق 30 إلى 40 كيلومترا داخل الأراضي السورية انطلاقا من الحدود التركية.
وتجمعت في الفترة الأخيرة مؤشرات على حراك تركي - أميركي بشأن سوريا، عبّر عنها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في تصريحات يوم الأحد قبل الماضي، وأشار فيها إلى أن مسؤولين من الجانبين سيبحثون الملف السوري، ولا سيما فيما يتعلق بالانسحاب الأميركي من سوريا والمنطقة الأمنية ومنبج، مشيراً إلى تحضيرات تركية لعمليات في تل أبيض وتل رفعت شرق الفرات من أجل القضاء على الحزام الإرهابي (يقصد مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية الحليفة لواشنطن) وإعادة السكان الأصليين إلى مناطقهم.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة قررت الإبقاء على بعض قواتها في سوريا، لكنها لم تتقدم خطوة بشأن المنطقة الأمنية وعرضت على كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا إرسال قوات إلى المنطقة المقترحة، لكن الإجابة جاءت بالرفض، وتركيا ستقوم بخطواتها إذا لم تتحرك أميركا. وتحدثت تقارير ومصادر متعددة في الأيام الأخيرة عن استعداد تركي للقيام بعملية في منبج لإخراج الوحدات الكردية، وعمليات في تل أبيض وتل رفعت شرق الفرات، ووضع الفصائل السورية المسلحة لها في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون في الشمال السوري في حالة تأهب.
وأشارت المصادر إلى قصف تركي في محيط البلدتين (تل أبيض وتل رفعت) وفتح الحاجز الحدودي مقابل تل أبيض في مؤشر على ما يبدو للتأهب لتحرك محتمل في أي وقت.
كما قصفت تركيا 7 مواقع في الجانب السوري ردا على سقوط قذيفتين على منزلين في شانلي أورفا جنوب شرقي تركيا، المقابلة لمدينة تل أبيض، تسببت في إصابة 6 أشخاص.
وقام وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ورئيس أركان الجيش التركي وقادة القوات المسلحة الأحد الماضي بتفقد الوحدات العسكرية التركية والقوات المنتشرة بطول الحدود مع سوريا، والتأكد من جاهزيتها بعد أن دفع الجيش بتعزيزات مكثفة من الجنود والآليات على مدى الأسابيع الأخيرة تصاعدت بعد تصريحات إردوغان عن تحضيرات لعملية في شرق الفرات.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.