بعد مسيرة عامرة بالفن والموهبة قدم خلالها أكثر من 130 عملاً فنياً، وعقب فصول من الحياة لا تخلو من الأزمات أيضاً، خاض الفنان المصري فاروق الفيشاوي، فصله الأخير من حياته محارباً مرض السرطان الذي تمكن منه في النهاية.
في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلن الفيشاوي إصابته الخطيرة خلال تكريمه بمهرجان الإسكندرية السينمائي، قائلاً: «ترددت كثيراً قبل الإعلان عن ذلك حتى لا يقلق الجمهور».
وأضاف: «بعد فحوص طبية أخبرني الطبيب المعالج بأني مصاب بالسرطان، فقلت له، هذا صداع، فرد بنبرة حادة: قلت سرطان يا فاروق، فقلت له سأتعامل معه على أنه صداع».
وتدهورت حالته الصحية مؤخراً، وانتشرت دعوات زملائه الفنانين والمتابعين في الدعاء له بالشفاء ودعمه في معركته القاسية مع مرض السرطان، إلى أن تم نقله إلى المستشفى بعد أن دخل في غيبوبة كبدية، قبل يومين من وفاته.
وكان آخر ظهور له مطلع الشهر الجاري في عزاء الممثل الراحل عزت أبو عوف.
مسيرة حافلة
ولد الفيشاوي عام 1952 بمحافظة المنوفية وتخرج في كلية الآداب ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.
وبدأ مشواره الفني منتصف السبعينات قبل أن يبرز في مسلسل «أبنائي الأعزاء... شكراً» مع الممثل القدير عبد المنعم مدبولي والمخرج محمد فاضل.
انطلق بعد ذلك في السينما التي حققت له شهرة كبيرة وساعدته وسامته في الحصول على أدوار عديدة لكنه أثبت صدق موهبته بعد أن برع في الأدوار الجادة والكوميدية على حد سواء، وكانت البداية بعد ظهوره في فيلم المشبوه مع عادل إمام، في دور ضابط المباحث الذي يتعاطف مع اللص في النهاية ويعيد له طفله المخطوف.
وفي عام 1985 كانت بطولته لمسلسل «علي الزيبق» طريقاً للنجاح والشهرة، بعد أن قدم شخصية خيالية من التراث الشعبي المصري، لبطل فقد أباه طفلاً وتغربت أسرته بفعل حاكم فاسد ويكبر الطفل ويصبح شاباً قوياً ويقود فريقاً من أصحابه لينتقم ويعيد الحق إلى أصحابه.
ووقف الفيشاوي أمام عمالقة التمثيل في مصر وقدم مع الراحل فريد شوقي أفلاماً كثيرة منها «الباطنية» و«فتوة الجبل» و«وحوش المينا» و«عندما يبكي الرجال» و«الكف» و«الأستاذ يعرف أكثر» وغيرها.
وعلى المسرح قدم «الدنيا مقلوبة» و«البرنسيسة» و«اعقل يا دكتور» و«الناس اللي في التالت»، وكان آخر عمل مسرحي شارك فيه «الملك لير» مع الممثل يحيى الفخراني.
زيجات فنية
وتزوج الفيشاوي ثلاث مرات، من الفنانة سهير رمزي، والفنانة المصرية سمية الألفي وأنجب منها أحمد وعمر. ودخل أحمد مجال التمثيل أيضاً، وكانت آخر زيجاته من خارج الوسط الفني.
وعلى المستوى الشخصي، لم تكن حياته خالية من الدراما والأزمات، في يونيو (حزيران) الماضي، صدر ضده أمر استدعاء لإنهاء التسوية المالية بينه وبين مصلحة الضرائب المصرية، ودفع 160 ألف جنيه باقي مستحقات الضريبة من مبلغ 380 ألف جنيه تعويضاً عن تهربه من دفع ضرائب مستحقة عليه.
وفي منتصف التسعينات، تعرضت أسرة الفيشاوي إلى أزمة جديدة كان ابنه أحمد بطلها، بعد أن تحول زواجه العرفي إلى قضية رأي عام شغلت وسائل الإعلام المصرية لفترة، إلى أن قضت المحكمة في النهاية بثبوت نسب الطفلة «لينا» واعترفت العائلة بحفيدتها.
وفي ثمانيات القرن الماضي أعلن الفيشاوي إدمانه للهيروين في حوار مع إحدى المجلات المحلية، وكشف الجانب الآخر من مساعدة زوجته سمية الألفي في تخطي تلك الأزمة والتعافي.
وبالعودة إلى مسيرته الفنية، نال الفيشاوي العديد من الأوسمة والجوائز، فحصل على جائزة أفضل ممثل من الأكاديمية الأفريقية عام 2009. وجائزة المجلس القومي لحقوق الإنسان.
وكرم من مهرجان طنجة المغربي الدولي للفنون والموسيقى، ونال درع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي من الملتقي العربي للمنتجين العرب، وشهادة تقدير من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الحادية والثلاثين. وفي الأسبوع الماضي أعلن المهرجان القومي للمسرح أنه سيكرم الفيشاوي في دورته القادمة في شهر أغسطس (آب).
وتصدر هاشتاغ #فاروق_الفيشاوي قائمة موقع التغريدات «تويتر»، ونعاه الوسط الفني المصري والعربي، وكان من أشهرهم النجم المصري عادل إمام الذي نشر على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» صورته مع الفيشاوي وعلق قائلاً: «البقاء لله في وفاة الفنان الكبير فاروق الفيشاوي».
كما نعاه عدد كبير من الفنانين عبر وسائل التواصل الاجتماعي منهم صلاح عبد الله وأحمد السقا ومحمد عادل إمام وعمرو عبد الجليل والفنان حسين الجسمي ورانيا يوسف وإلهام شاهين وفيفي عبده ودنيا سمير غانم وإيمان العاصي.
ونعت نقابة المهن التمثيلية، الفنان الراحل قائلة في بيان لها: «كان رمزاً من رموز الفن المصري وسيظل. رحم الله الفقيد وألهم أهله وجمهوره الصبر والسلوان».