فتحت الإدارة الأميركية رسمياً تحقيقاً واسعاً لبحث ما إذا كانت مجموعات شبكات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث والتجارة الإلكترونية، أصبحت تتمتع بنفوذ لا يمكن تجاوزه في الأسواق، وتحديد ما إذا «خنقت» الابتكار أو حدّت من المنافسة.
وكانت هذه الشركات قد شهدت قضايا تتعلق باحترام الحياة الخاصة والبيانات الشخصية. لكن هذه المجموعات الهائلة في «سيليكون فالي» تتهم بأنها أصبحت شبه احتكارية على حساب مستخدميها.
ويشير الإعلان الصادر عن وزارة العدل إلى إطلاق تحقيق شامل بحق شركات الإنترنت الكبرى المهيمنة على قطاعات السوق الرئيسية، مثل البحث على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية.
ولم يسم البيان الصادر مساء الثلاثاء أي شركة مستهدفة بهذه الإجراءات، لكن يبدو أن المجموعات المستهدفة هي «غوغل» و«تويتر» و«فيسبوك» و«أمازون»، التي تهيمن كل منها على سوقها. ومع تخصصها في بيع الهواتف الخليوية «آي - فون» وغيرها من الأجهزة الإلكترونية، يمكن أن تكون مجموعة «آبل» مستهدفة أيضاً؛ لأنها تدير المتجر الإلكتروني «آب ستور». وقال بيان إن قسم مكافحة الاحتكار يجري مراجعة «حول ما إذا كانت منصات الإنترنت الرائدة قد اكتسبت قوة سوقية، وما إذا كانت منخرطة في ممارسات حدّت من المنافسة وخنقت الابتكار، أو أضرت بالمستهلكين، وكيفية حصول ذلك».
ويسعى البرلمانيون وسلطة ضبط المنافسة في الولايات المتحدة منذ أشهر، إلى التصدي لشركات التكنولوجيا الكبرى. ويشتبه مثلاً بأن «غوغل» ترجح في نتائج البحث التي تعرضها خدماتها الخاصة على حساب منافسيها. وأطلقت اللجنة القضائية في مجلس النواب في يونيو (حزيران) تحقيقاً حول «المنافسة في السوق الرقمية»، مؤكدة أن «عدداً قليلاً من منصات مهيمنة، ولا تخضع لسلطة ضبط الأسواق، تملك سلطة استثنائية في التجارة والاتصال والمعلومات على الإنترنت». وتجري الوكالة المكلفة حماية المستهلكين أيضاً تحقيقات. وتقول السلطات في بيانها إنها تريد أن «تأخذ في الاعتبار المخاوف المنتشرة بين المستهلكين والشركات والمتعهدين» الذين «عبروا عن مخاوف من خدمات البحث على شبكات التواصل الاجتماعي ومنصات التجارة الإلكترونية».
وقال ماكن ديلرحيم، المكلف قضايا مكافحة الاحتكار في وزارة العدل الأميركية، في الوثيقة: «من دون انضباط منافسة كبيرة، يمكن للمنصات الرقمية استخدام وسائل لا تلبي مطالب المستهلكين».
والسلطات الأميركية ليست الوحيدة التي تنتقد ممارسات شركات الإنترنت الكبرى. فقد فرضت المفوضية الأوروبية ثلاث غرامات قاسية على «ألفابيت» المجموعة الأم لـ«غوغل» بعدما اتهمتها بمخالفة قواعد المنافسة، وأعلنت الأسبوع الماضي فتح «تحقيق معمق» حول «أمازون»، الموقع المتهم باستخدام بيانات من بائعي تجزئة مستقلين يستخدمونه، لمصلحته.
أما السلطات الأميركية لضبط الأسواق فلا تقتصر الصلاحية التي تملكها على فرض غرامات في حال عدم احترام قواعد المنافسة؛ بل تشمل أيضاً إصدار أوامر بإجراء علاجات «بنيوية» لضمان مزيد من التنافسية في الأسواق، بما في ذلك عمليات تفكيك للمجموعات. وقال المحلل دان إيف من مجموعة «ويدبوس سيكيوريتيز»، إن عقوبات كهذه تبدو غير مرجحة. وكتب في مذكرة أن «معارك العمالقة هذه بين واشنطن وشركات التكنولوجيا تثير ضجة أكثر مما تسبب أضراراً» للقطاع، وستؤدي «على الأرجح إلى بعض التعديلات في النموذج الاقتصادي؛ لكن ليس إلى حل قسري للنشاطات». وعبر باتريك مورهيد، مؤسس مكتب «مور إينسايتس آند استراتيجي» عن الرأي نفسه. وقال: «لا أعتقد أن الولايات المتحدة تميل إلى تفكيك هذه الشركات؛ لأنها تخشى أن تكبر بذلك الشركات الصينية».
ولم تدل «آبل» و«تويتر» بأي تعليق. أما «غوغل» فقد أرسلت الأسبوع الماضي إلى جلسة استماع في الكونغرس مديرها للشؤون الاقتصادية آدم كوهين، الذي أكد أن محرك البحث «ساعد في فرض خفض الأسعار وزيادة خيارات المستهلكين والتجار في الولايات المتحدة والعالم بأسره».
وشركة «فيسبوك» متّهمة بالاستحواذ - أو تقليد جميع منافسيها - لتحقيق الهيمنة في مجال وسائل التواصل الاجتماعي، ما يجعل المستثمرين مترددين في دعم أي منافسين لها؛ لأنهم يدركون أنهم لن يتمكنوا من الصمود لفترة طويلة.
وكان أحد مؤسسيها قد دعا في مايو (أيار) الماضي إلى تفكيك عملاق وسائل التواصل الاجتماعي، محذراً من أن نفوذ رئيس الشركة مارك زوكربيرغ قد فاق الحد. وبالإضافة إلى «فيسبوك»، يسيطر زوكربيرغ على منصتي «إنستغرام» و«واتساب».
«نفوذ» عمالقة الإنترنت موضع تحقيق أميركي موسع
«نفوذ» عمالقة الإنترنت موضع تحقيق أميركي موسع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة