عصر طائرات الركاب الأسرع من الصوت يقترب... والتكنولوجيا تنتصر على البيئة

قادرة على قطع مسافة 4600 ميل بسرعة تصل إلى 3300 ميل في الساعة

طائرة الركاب الأسرع من الصوت
طائرة الركاب الأسرع من الصوت
TT

عصر طائرات الركاب الأسرع من الصوت يقترب... والتكنولوجيا تنتصر على البيئة

طائرة الركاب الأسرع من الصوت
طائرة الركاب الأسرع من الصوت

عندما سافرت فيكتوريا بيكهام عن طريق الجو من لندن إلى نيويورك بطائرة من طراز كونكورد الأسرع من الصوت عام 1999 لشراء ثلاثة فساتين زفاف ولوازمها، كانت واحدة من اللحظات الفارقة في عالم الطيران في ذلك العقد من الزمان.
وباختصار وقت الرحلة الجوية ليكون ما يزيد قليلا على ثلاث ساعات، يكون من السهولة منح حياتك قدرا من التحسين والإثارة بقفزة سريعة عبر الأطلسي، ما دام بحوزتك عشرة آلاف دولار تدفعها مقابل تذكرة الطيران.
ولكن للأسف توقفت رحلات الطائرة الكونكورد عن العمل، غير أنه إذا نجحت شركة «هيرميوز» الناشئة - ومقرها أتلانتا أكبر مدن ولاية جورجيا الأميركية - ومضت في تنفيذ مشروعها، فلن يمر وقت طويل قبل أن تكون فترة الثلاث ساعات التي قطعتها الكونكورد في رحلتها تبدو كأنها خطوات الحلزون البطيئة، فيما يتعلق بالوقت الذي من المتوقع أن تقطعه الرحلات الجوية عبر الأطلسي، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وتعمل شركة هيرميوز حاليا على إنتاج طائرة «ماخ 5 -» أي أسرع من الصوت بخمس مرات، وتقول إنها ستكون قادرة على أن تقطع الرحلة من لندن إلى باريس في 90 دقيقة فقط. كما ستكون هذه الطائرة قادرة على قطع مسافة 4600 ميل بسرعة تصل إلى 3300 ميل في الساعة، وتقول هيرميوز إن هذه الطائرة لن تخفض فقط وقت السفر إلى حد كبير، وإنما أيضا ستزيد من عوامل السلامة. كما تعمل شركة «بووم سوبرسونيك» وهي شركة ناشئة أخرى مقرها ولاية كولورادو الأميركية على إعادة تنظيم الرحلات الجوية فائقة السرعة، ووعدت بتسيير رحلة جوية من لندن إلى نيويورك تستغرق ثلاث ساعات و15 دقيقة فقط، مما يعني العودة إلى أيام الكونكورد. ومن المقرر أن تدخل الطائرة (ماخ - 2 ر2) لشركة «بووم سوبرسونيك» الخدمة بحلول منتصف العقد القادم الذي يبدأ عام 2029. وتقول الشركة إنها تلقت بالفعل عشرات الطلبيات لشراء الطائرة. كما تقول الشركة إن هدفها يتمثل في «خفض أيام كاملة من جداول الرحلات الجوية التي تقوم بالذهاب والعودة»، مثل تخفيض وقت السفر من سان فرنسيسكو إلى طوكيو من 11 ساعة إلى خمس ساعات ونصف الساعة، بما يسمح للراكب أن «ينجز أعماله عبر العالم ويعود أدراجه قبل أن تتأثر الساعة البيولوجية داخل جسمه من جراء فارق التوقيت». ولكن - وهناك لكن في هذا المقام - فإن هذه الطائرات في حالة نجاح تطويرها وإنتاجها ليس من المحتمل أن تلتزم باللوائح الحالية بشأن التلوث السمعي والجوي.
وأشار تقرير نشر العام الماضي أعده المجلس الدولي للنقل النظيف إلى أن الطائرات الجديدة، لن تلبي المعايير الحالية وستتجاوز في النهاية الحدود المسموح لانبعاثات غاز أكسيد النيتروجين بنسبة 40 في المائة، وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 70 في المائة. كما أشار تقرير حول تقييم الضوضاء إلى أنه من المحتمل ألا تلتزم هذه الطائرات بالمعايير الحالية للضوضاء المنبعثة من عمليات الإقلاع والهبوط.
وبالإضافة إلى ذلك تم تقدير أن تستهلك الطائرات الأسرع من الصوت المخطط إنتاجها في المتوسط، كميات من الوقود بالنسبة لكل راكب تتجاوز من خمس إلى سبع مرات معدل استهلاك الطائرات العادية.
غير أنه قد لا يزال هناك أمل في هذه الشركات التي تتسم بالجرأة، حيث إن الأبحاث تجرى بالفعل حول خفض مستويات الضوضاء الناتجة عن الطائرات الأسرع من الصوت. وعلى سبيل المثال يقوم فريق من أعضاء هيئة التدريس والطلاب من قسم هندسة الفضاء بجامعة كنساس الأميركية، بتصميم واختبار تقنيات لخفض معدلات الضوضاء من الطائرات الحربية الأسرع من الصوت. ومن هنا لا يزال هناك بالتأكيد أمل في أن يصبح من الممكن في غضون بضع سنوات التوجه إلى نيويورك من أوروبا والعودة بأسرع من إمكانك الاستمتاع بوقتك على متن الطائرة.


مقالات ذات صلة

طائرة بريطانية تهبط اضطرارياً بعد «تهديد راكبة بطعن أحد أفراد الطاقم»

يوميات الشرق طائرة تابعة لشركة «إيزي جيت» البريطانية (رويترز)

طائرة بريطانية تهبط اضطرارياً بعد «تهديد راكبة بطعن أحد أفراد الطاقم»

اضطرت طائرة تابعة لشركة «إيزي جيت» البريطانية كانت في طريقها إلى لندن إلى تحويل مسارها لإيطاليا والهبوط اضطرارياً بعد أن هددت فتاة مراهقة طاقم الطائرة

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الحادثة تأتي بعد تحطم طائرة تابعة لشرك «جيجو إير» في كوريا الجنوبية (رويترز)

طائرة أميركية تُجبر على العودة إلى المطار بعد اصطدامها بنسر

اضطرت رحلة تابعة لشركة «هوريزون إير» إلى العودة والهبوط في المطار بعد اصطدامها بنسر، بحسب صحيفة «إندبندنت».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا فريق الطب الشرعي التابع للشرطة يجري تحقيقاً ميدانياً في موقع تحطم طائرة في مطار موان الدولي بكوريا الجنوبية (د.ب.أ)

بعد تحطم طائرة... سيول تدرس قانونية وجود حاجز إسمنتي في نهاية مدرج

أعلنت السلطات الكورية الجنوبية، الثلاثاء، أنها ستنظر في اللوائح التنظيمية المتعلقة بجدار إسمنتي شُيد في نهاية مدرج مطار موان.

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق طائرة تابعة لـ«الخطوط الجوية السويسرية»... (رويترز)

وفاة مضيف طيران بعد أسبوع من هبوط اضطراري لطائرته

أعلنت «الخطوط الجوية السويسرية (سويس)»، اليوم (الثلاثاء)، وفاة مضيف طيران كان على متن طائرة سويسرية هبطت اضطرارياً في النمسا.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ (سويسرا))
الخليج الجهات المختصة تواصل التحقيق لتحديد أسباب وقوع الحادث (موقع حكومة رأس الخيمة)

الإمارات: تحطم طائرة خفيفة قبالة رأس الخيمة ووفاة قائدها ومرافقه‏‎

تحطمت طائرة خفيفة تابعة لـ«نادي الجزيرة للرياضات الجوية» في المياه قبالة سواحل إمارة رأس الخيمة الإماراتية، ما أسفر عن وفاة قائدها ومرافقه.

«الشرق الأوسط» (رأس الخيمة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».