مجلس الأمن يرفض اقتراح غرينبلات التخلي عن قراراته في القضية الفلسطينية

رأى مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب لعملية السلام في الشرق الأوسط مبعوثه الخاص إلى المنطقة جيسون غرينبلات أنه «لا يمكن» حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس التوافق الدولي أو القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، مطالباً بـ«تشجيع» الفلسطينيين والإسرائيليين لتسوية النزاع على طاولة المفاوضات، في تصريحات رفضها على الفور دبلوماسيون أوروبيون وعرب، باعتبارها «انتقائية» و«عديمة الجدوى»، بينما ندد غالبية أعضاء مجلس الأمن بقيام سلطات الاحتلال بهدم أبنية وشقق سكنية في واد الحمص، التابعة لبلدة صور باهر في القدس الشرقية، ضمن المناطق المصنفة «أ» التابعة للسيادة الفلسطينية بالكامل.
وكان غرينبلات يتحدث في جلسة مفتوحة لمجلس الأمن حول «الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك المسألة الفلسطينية»، إذ أعلن أنه «يتفهم» ما سماه «الإحباط» بسبب «عدم تقاسم تفاصيل الرؤية التي جرى إعدادها» لعملية السلام. وإذ عبر عن «امتنانه» لاستضافة البحرين ورشة العمل «الناجحة للغاية» خلال الشهر الماضي، قال إن «رؤيتنا الاقتصادية (...) تتضمن مشاريع وبرامج لبناء القدرات، لديها إمكانات لإطلاق نمو مثير ومستدام للقطاع الخاص عند الفلسطينيين والأردنيين والمصريين واللبنانيين»، وأقر بأنه «لا يمكن تحقيق هذه الرؤية الاقتصادية إلا إذا كان هناك حل للصراع السياسي بين الطرفين»، وأضاف: «لم يقرر الرئيس ترمب بعد متى سنعلن الجزء السياسي من الخطة»، بيد أنه أمل في اتخاذ هذا القرار «قريباً».
ورأى غرينبلات أن «هذا الصراع لن ينتهي على أساس الإجماع الدولي حول من هو على حق ومن هو المخطئ»، مضيفاً أن «الذين يواصلون الدعوة إلى توافق دولي في الآراء في شأن هذا الصراع لا يفعلون أي شيء لتشجيع الأطراف على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وتقديم التسويات الصعبة الضرورية للسلام. في الواقع، يفعلون العكس»، واعتبر أن «الإجماع الدولي في كثير من الأحيان ليس أكثر من قناع للتقاعس عن العمل».
وأضاف: «لن يجري حل هذا الصراع من خلال الرجوع باستمرار إلى مئات قرارات الأمم المتحدة بشأن هذه المسألة»، مستخفاً بالقرار 242 الذي «نوقش بشدة خلال نصف القرن الماضي»، ولكن «لم يقربنا من سلام دائم وشامل»، ورأى أنه «لا يوجد إجماع دولي حول بيت المقدس»، متسائلاً: «أي إجماع دولي (...) سيقنع الولايات المتحدة أو إسرائيل بأن هذه المدينة التي عاش فيها اليهود، وعبدوا فيها منذ ما يقرب من 3000 عام، وكانت عاصمة الدولة اليهودية منذ 70 عاماً، ليست كذلك - اليوم وإلى الأبد - عاصمة إسرائيل». وأكد أن «المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين هي وحدها القادرة على حل قضية القدس»، وطالب مجلس الأمن بوقف استخدام مصطلح «الاحتلال» فيما يتعلق بالقدس.
وطالب قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية بأن «تضعا جانباً الرفض الشامل لخطة لم يروها حتى الآن، وبأن تظهرا استعدادهما للمشاركة بحسن نية في حوار هادف مع إسرائيل»، ودعا «أعضاء مجلس الأمن، وكل دولة ترغب حقاً في مساعدة الإسرائيليين والفلسطينيين على التوصل إلى اتفاق سلام شامل، لتشجيعهم على العودة إلى طاولة المفاوضات»، مؤكداً أن «رؤية السلام التي نعتزم تقديمها لن تكون غامضة، على عكس كثير من القرارات» التي أصدرها مجلس الأمن.
أما المندوب الألماني الدائم لدى الأمم المتحدة كريستوف هيوسيغن، فأكد أن «الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي سياسي لا يحل إلا بالسياسة»، مشدداً على دعم بلاده لحل الدولتين، وأضاف أن «القانون الدولي (...) ليس عديم الجدوى»، مؤكداً أن ألمانيا «تؤمن بالأمم المتحدة، وبمجلس أمنها وقراراته الملزمة على الصعيد الدولي، وتؤمن بقوة القانون الدولي، وليس بمنطق الأقوى»، مشيراً إلى أن «القرار 2334 هو قانون ملزم، وهو توافق دولي، والولايات المتحدة هي التي خرجت عن التوافق الدولي»، ورفض التعامل مع القانون الدولي بصورة انتقائية، كمن يطلب الطعام في مطعم.
وانتقد نظيره من جنوب أفريقيا جيري ماثيوز ماتجيلا «صمت» مجلس الأمن، وعدم تحركه لممارسات الاحتلال باتجاه الفلسطينيين، مؤكداً أنه على المجتمع الدولي «إعلاء مسؤولياته بموجب القانون الدولي». وأكد المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا أن «الحل القائم على القانون الدولي هو الحل الوحيد القابل للحياة»، مؤكداً أن «التوافق الدولي هو القانون الدولي، وان الولايات المتحدة لا تحترم هذا التوافق»، ورفض «أي إجراء أحادي من شأنه أن يحل مكان حل الدولتين، أو مبادرة السلام العربية». وأفاد القائم بالأعمال الصيني أن «احترام حقوق الشعب الفلسطيني مسؤولية الجميع»، معبراً عن «قلق بلاده العميق من تدمير وهدم الممتلكات الفلسطينية»، وشدد على وجوب تنفيذ القرار 2334.
بدورها، قالت المندوبة البريطانية إن موقف بلادها من حل الدولتين «ثابت، ولم يتغير»، مؤكدة أن المستوطنات غير شرعية، وتهدد مستقبل الدولة الفلسطينية. وتلت المندوبة البريطانية لاحقاً بياناً باسم كل من بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبولونيا والمملكة المتحدة، فنددت بتدمير إسرائيل الأبنية الفلسطينية في وادي حمص، وعبرت عن «القلق البالغ» من هذه الأعمال، منبهة إلى أنها «تتعارض مع القانون الإنساني الدولي، وقرارات مجلس الأمن»، وشددت على أن الهدم «يهدد أيضاً فرص حل الدولتين».
وأعلن المندوب الكويتي لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي، باعتباره ممثل العرب الوحيد في مجلس الأمن، أنه جرى توزيع مشروع بيان للتنديد بالإجراءات الإسرائيلية، لكنه أشار إلى احتمال معارضته من قبل الولايات المتحدة، وكان محاطاً برئيس المجموعة العربية المندوب السعودي عبد الله بن يحيى المعلمي، والمندوب الفلسطيني المراقب رياض منصور، وسفير جامعة الدول العربية ماجد عبد العزيز، وممثل عن المغرب.