السيطرة على «فيلادلفيا» ومزاعم «الأنفاق» تُصعّدان التوتر بين مصر وإسرائيل

القاهرة اتهمت حكومة نتنياهو بـ«تصدير الأكاذيب»

محور فيلادلفيا كما يُرى من غرب رفح بجنوب قطاع غزة 14 يناير 2024 (أ.ف.ب)
محور فيلادلفيا كما يُرى من غرب رفح بجنوب قطاع غزة 14 يناير 2024 (أ.ف.ب)
TT

السيطرة على «فيلادلفيا» ومزاعم «الأنفاق» تُصعّدان التوتر بين مصر وإسرائيل

محور فيلادلفيا كما يُرى من غرب رفح بجنوب قطاع غزة 14 يناير 2024 (أ.ف.ب)
محور فيلادلفيا كما يُرى من غرب رفح بجنوب قطاع غزة 14 يناير 2024 (أ.ف.ب)

تتدحرج العلاقات المصرية الإسرائيلية إلى «توتر أكبر»، وسط تصعيد تل أبيب استفزازاتها لمصر تارة بالإعلان عن اكتشاف أنفاق برفح الفلسطينية وأسلحة، ثم الترويج لـ«سيطرة» على محور «فيلادلفيا» بعد حادث استشهاد جندي مصري.

هذا التوتر المتصاعد بين القاهرة وتل أبيب «لن يصل لإلغاء معاهدة السلام بينهما»، وفق تقديرات دبلوماسي مصري سابق وخبيرين بالشؤون الدولية والعسكرية، في أحاديث منفصلة لـ«الشرق الأوسط».

ويرجع الخبراء أسباب تصعيد إسرائيل إلى محاولة الحكومة خطب ود الداخل الإسرائيلي في ظل عدم تحقيق أي انتصار حقيقي، وتحريك ضغط أميركي على مصر، بينما يتوقعون استمرار الموقف المصري «في حالة تأهب ويقظة للتحركات الإسرائيلية، ومواجهة أي مخالفة لمعاهدة السلام عبر آلياتها».

تصعيد و«أكاذيب»

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، قال الأربعاء، إن عناصره «عثرت على نحو 20 نفقاً في منطقة محور فيلادلفيا»، بما في ذلك «بُنى تحتية إرهابية متطورة شرق رفح، بطول 1.5 كيلومتر، وعلى بعد نحو مائة متر من معبر رفح (الحدودي مع مصر)»، بينما تحدث مسؤول إسرائيلي عن أن تل أبيب أبلغت القاهرة بهذه المعلومات.

غير أنّ مسؤولاً مصرياً رفيع المستوى، نفى الأربعاء وجود أنفاق أو اتصالات في هذا الصدد، وعدّها «أكاذيب تروّجها تل أبيب بشأن أوضاعها الميدانية لقواتها في رفح؛ بهدف التعتيم على فشلها عسكرياً، وللخروج من أزمتها السياسية»، وفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية».

وبالتزامن، أفاد راديو الجيش الإسرائيلي الأربعاء، بأن قوات الجيش الموجودة برفح منذ 6 مايو (أيار) الحالي «حققت السيطرة العملياتية الكاملة» على محور فيلادلفيا، بعد ساعات من تصريحات لمستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي قال فيها إن الحرب سوف تستمر سبعة أشهر أخرى على الأقل.

ونقل إعلام عبري عن مسؤول بالجيش الإسرائيلي توضيحاً بشأن «السيطرة» على المحور، قال فيه: «لا يعني ذلك أن أقدام قواتنا وطأت الأرض في جميع أنحاء الممر، لكنه يعني أننا يمكننا السيطرة، ولدينا القدرة على قطع خط الأكسجين الذي تستخدمه (حماس) في إعادة التزود، والتحرك في المنطقة وحولها»، على حد قوله.

ويمتد محور صلاح الدين المعروف باسم «محور فيلادلفيا»، داخل قطاع غزة من البحر المتوسط شمالاً حتى معبر كرم أبو سالم جنوباً بطول الحدود المصرية، التي تبلغ نحو 14 كيلومتراً، وتعده معاهدة السلام الموقعة عام 1979 «منطقة عازلة»، وانسحبت إسرائيل منه تماماً في إطار خطة فك ارتباطها بقطاع غزة عام 2005.

توتر متزايد

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما تتحدث عنه تل أبيب بشأن محور صلاح الدين خرق لاتفاقية السلام، وحديثها عن الأنفاق استفزاز لمصر، ومحاولة لتبرير عملياتها برفح دولياً».

وتابع: «لو هناك أنفاق مفتوحة في الجانب الفلسطيني، بوصف ذلك احتمالاً مطروحاً، فهذا لا يعني إطلاقاً أنها مفتوحة من الجانب المصري»، مؤكداً أن «الأنفاق أغلقت نهائياً منذ سنوات كثيرة، وهناك منطقة عازلة برفح تمت على خلفية مواجهة الإرهابيين بسيناء».

ويتحدى الدبلوماسي المصري السابق «إسرائيل أن تثبت أن هناك نفقاً مفتوحاً من الجانب المصري»، مؤكداً أن «مصر تدرك أن إسرائيل في فشل كبير، وهذه الادعاءات إحدى نتائجه، ولن تتجه للتصعيد لأن هذا يضر المنطقة».

ويقرأ ما تروجه إسرائيل من مزاعم بأنه «محاولة لتعويض الخسائر بالأكاذيب حتى لا تخسر حكومة بنيامين نتنياهو المزيد أمام ناخبيها»، لافتاً إلى أن «التوتر سيزداد ما دامت الحرب مستمرة، خصوصاً أن إسرائيل أكدت أنها مستمرة حتى نهاية العام».

«واستمرار الحرب يعني استمرار التوتر مع مصر، وتأثر مفاوضات هدنة غزة، إلا إذا شكلت المعارضة الإسرائيلية حكومة وأطاحت بنتنياهو، أو مارست أميركا الأب الروحي لإسرائيل ضغوطاً جادة»، يضيف الدبلوماسي المصري.

سجالات إعلامية

ويرى المفكر والأكاديمي المصري، مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، عمرو الشوبكي، في حديث مع «الشرق الأوسط» أن «حكومة نتنياهو تبحث عن ذرائع وتهديدات لتروج لبقائها في السلطة لدى الناخب الإسرائيلي، ولذا تردد تلك المزاعم وغيرها، وبخلاف رسالتها للداخل، توجه رسائل لمصر أيضا».

ويرجح الشوبكي أن «التوتر لن يصل ليمس معاهدة السلام»، مؤكداً أنه «سيبقى في الإطار السياسي والسجالات الإعلامية، ولن يذهب بعيداً لقرارات تمس (كامب ديفيد)، وفق تأكيدات الجانبين المصري والإسرائيلي».

خط أحمر

بنظرة أمنية، يرى اللواء نصر سالم، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن «التوتر بين مصر وإسرائيل سيستمر بتلك الأحاديث أو غيرها، ما دامت العمليات العسكرية مستمرة في رفح وغزة».

ويعتقد أن «مصر في حالة تأهب، ولديها سيناريوهاتها، وتضع خطوطها الحمراء، كما رأينا في رفض ملف تهجير الفلسطينيين الذي لم يتم لصلابة الموقف المصري، أما تلك الأحاديث عن الأنفاق فكلام غير حقيقي، وتتذرع إسرائيل بذلك لمخاطبة الرأي العام الداخلي وأميركا أيضاً للضغط على مصر».

أما محور صلاح الدين، الذي يتمسك اللواء سالم بتسميته الأصلية رافضاً التسمية الإسرائيلية «فيلادلفيا»، فيرى أنه «يقع في منطقة (د) الخاضعة في اتفاقية السلام ببند عدم وضع قوات إسرائيلية دائمة فيه، وبخلاف ذلك سيعد ذلك مخالفة، وهناك آليات في الاتفاقية لمواجهة ذلك».

وتدرك إسرائيل، وفق تقديرات الخبير العسكري المصري، أن «تدخل مصر ضدها لن يكون في صالح تل أبيب»، لافتاً إلى أن «التوتر سيستمر لحين انتهاء الحرب، ولكل حدث حديث وسيناريوهات».


مقالات ذات صلة

واشنطن تريد معرفة «الأهداف» الإسرائيلية من اقتحامات الضفة الغربية

المشرق العربي مركبة مدرعة إسرائيلية خلال عملية عسكرية في مخيم نور شمس للاجئين بطولكرم الخميس 29 أغسطس 2024 (أ.ب)

واشنطن تريد معرفة «الأهداف» الإسرائيلية من اقتحامات الضفة الغربية

أكد مسؤول كبير بالبيت الأبيض، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن إدارة الرئيس جو بايدن على تواصل مع المسؤولين الإسرائيليين لمعرفة «أهداف إسرائيل من هجمات الضفة».

هبة القدسي (واشنطن) «الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي فتاة تجر كرسيا بعجلات فيه طفلان وسط الدمار في قطاع غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي ينقذ رهينة في قطاع غزة وسط استمرار القصف وسقوط الضحايا

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إنقاذ رهينة عربي إسرائيلي في جنوب قطاع غزة، بينما يواصل قصف مناطق وإصدار أوامر إخلاء جديدة، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي بن غفير متحدثاً من باحة المسجد الأقصى في 17 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بن غفير يحيي شبح الحرب الدينية بفكرة بناء كنيس في الأقصى

جدد وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، دعوته للسماح لليهود بالصلاة في الأقصى، معلناً أنه يريد بناء كنيس هناك، ما خلّف عاصفة من التهديدات والانتقادات.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي صورة أرشيفية ليحيى السنوار زعيم «حماس» الجديد (أ.ف.ب)

رادار أميركي متطور ووحدة إسرائيلية خاصة لملاحقة السنوار

منذ الهجمات التي وقعت يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بإسرائيل والتي خطط لها يحيى السنوار وأدارها، فإنه أصبح أشبه بالشبح؛ إذ لم يظهر في العلن قط.

مارك مازيتي (واشنطن) رونين بيرغمان جوليان بارنز آدم غولدمان
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يتحدث إلى عناصر الطوارئ مطلع الشهر الحالي (رويترز)

بن غفير يتحدى «الشاباك» بزيارة لـ«إرهابي صهيوني» مسجون

تحدى وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، تحذيرات جهاز «الشاباك» من تصاعد خطورة «الإرهاب الصهيوني»، وزار الإرهابي عميرام بن أوليئيل في سجنه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

قالت جماعة الحوثي اليمنية المتمردة، السبت، إنها هاجمت السفينة «جروتون» التي ترفع علم ليبيريا في خليج عدن للمرة الثانية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال العميد يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين المدعومين من إيران في بيان: «انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديه، نفذت قواتنا المسلحة عملية عسكرية استهدفت السفينة (جروتون)، وذلك لانتهاك الشركة المالكة لها قرار حظر الدخول إلى مواني فلسطين المحتلة».

وأضاف سريع: «نفذت العملية القوات البحرية وسلاح الجو المسير والقوة الصاروخية. وقد أدت العملية إلى إصابة السفينة بشكل دقيق ومباشر».

وأشار إلى أن هذا الاستهداف «هو الثاني للسفينة بعد استهدافها في الثالث من أغسطس (آب) الحالي».

وأوضح المتحدث العسكري الحوثي أن قوات جماعته «أكدت نجاحها في منع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وكذلك فرض قرار حظر الملاحة في منطقة العمليات المعلن عنها على جميع السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي أو التي تتعامل معه، بغض النظر عن وجهتها أو السفن التابعة لشركات لها علاقة بهذا العدو».

كما أكد سريع استمرار عملياتهم البحرية في منطقة العمليات التابعة لهم «وكذلك استمرار إسنادها للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 يواصل الحوثيون استهداف كثير من السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، ويقولون إن هذه العمليات تأتي «نصرة لغزة».