الجيش الليبي يعلن تقدمه في طرابلس... وقوات «الوفاق» تؤكد إحباط هجومه

استئناف الملاحة الجوية في مطار معيتيقة بعد قصف بالهاون

TT

الجيش الليبي يعلن تقدمه في طرابلس... وقوات «الوفاق» تؤكد إحباط هجومه

بعد ساعات من الهدوء الحذر، الذي ساد مختلف محاور القتال في العاصمة الليبية طرابلس، استؤنفت المعارك العنيفة أمس بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، بين قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج.
وبحسب مصادر عسكرية مطلعة، فقد جرت معارك أمس بمحور طريق المطار جنوب طرابلس، بينما قالت شعبة الإعلام الحربي، التابعة لـ«الجيش الوطني»، إن «وحداته العسكرية تقدمت بخطى ثابتة في جميع محاور المدينة، وسيطرت على مواقع وتمركزات جديدة، وكبّدت العدو خسائر كبيرة»، لافتة إلى أن «المعنويات والهمم عالية، وساعة النصر قريبة».
بدوره، أعلن المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» أن «مقاتلات سلاح الجو التابعة للجيش استهدفت آليات للعصابات الميليشياوية بالقرب من مسجد فطرة في محور عين زارة، ودمرتها»، وسط ما وصفه بـ«تقدم كبير في المحور».
وطبقا للمركز، فقد شنت قوات «الجيش الوطني» هجوما واسعا بعدة مناطق ونقاط للحشد الميليشياوي، في إشارة إلى القوات الموالية لحكومة السراج، ونجحت في التقدم لنقاط جديدة كانت تمركزات للحشد الميليشياوي، موضحا أن «التقدم مستمر لكل الوحدات حسب المهام، التي كلفت بها من غرفة العمليات المتقدمة، بإمرة اللواء صالح عبودة، بعد صدور التعليمات من المستوى الأعلى بذلك». كما أعلن الجيش أنه «غنم عدة آليات، بالإضافة إلى خسائر كبيرة بالأرواح في صفوف الحشد الميليشياوي، وتقهقر العدو بالرجوع إلى النقاط الخلفية داخل العاصمة».
في المقابل، نشرت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات السراج، صورا فوتوغرافية لما وصفته ببقايا شاحنة للذخيرة، استهدفتها قوات المحور الجنوبي التابعة للمنطقة العسكرية الوسطى في عملية نوعية، نفذتها أول من أمس، مشيرة إلى أن الشاحنة كانت في طريقها لدعم «الجيش الوطني».
وبعد يوم من معارك ضارية، أقر مصدر عسكري تابع لحكومة السراج بإحراز قوات «الجيش الوطني» ما وصفه بـ«تقدم ليس كبيرا» في محور «عين زارة»، عقب المواجهات المسلحة التي اندلعت في محوري «عين زارة» و«طريق المطار» و«شارع الخلاطات» جنوب طرابلس.
وكانت قوات السراج قد قالت على لسان مصطفى المجعي، المتحدث باسم «عملية بركان الغضب»، إنها أحبطت هجوما كبيرا لـ«الجيش الوطني» جنوب العاصمة طرابلس، وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «سلاح الجو نفذ سبع غارات جوية استهدفت مواقعهم في عين زارة ووادي الربيع، وسبيعة وقصر بن غشير، ونجحت قواتنا خلال ساعات قليلة في صدهم وإجبارهم على التراجع، بل وتمكنت من السيطرة على مواقع جديدة كانت تحت سيطرة قوات حفتر». مضيفا: «تمكنا من تدمير 3 دبابات و4 آليات ومدرعتين، إلى جانب غنم 3 آليات والقبض على 11 مرتزقا كانوا يقاتلون في صفوفه»، وأكد سقوط أكثر من 25 بين قتيل وجريح في صفوف قوات الجيش، بينما فقدت قوات السراج ستة من عناصرها وعددا من الجرحى.
كما قال المجعي في تصريحات أمس، إن «قوات حفتر هي من بدأت بالهجوم بعدما قامت بضربات استباقية بالأسلحة الثقيلة، فردت قواتنا عليها»، لافتا إلى أن باقي المحاور لا تزال تشهد هدوءا حذرا، وقواتنا لا تزال في موقعها ووضعياتها ممتازة.
من جهته، قال العقيد محمد قنونو، الناطق باسم قوات السراج، في تصريحات تلفزيونية أمس، إن طيران الكلية الجوية بمصراتة (غرب)، تمكن من قطع خطوط إمداد الجيش بعد شن ثماني طلعات قتالية، استهدفت تمركزاته جنوب طرابلس ومحيط غريان.
إلى ذلك، نفت سفارة تركيا في ليبيا ما تردد حول إخلاء مقرها في طرابلس، وقالت في بيان مقتضب إنها لاحظت ما سمته «ادعاءات مزيفة مقصودة» على مواقع التواصل الاجتماعي حول إخلائها، مؤكدة في المقابل أنها مستمرة في نشاطها بطرابلس، وأضافت موضحة: «نحيي الشعب الليبي الشقيق جميعا، ونؤكد وقوفنا إلى جانبكم».
في غضون ذلك، أعادت سلطات الطيران المدني أمس فتح المجال الجوي لمطار معيتيقة الدولي بطرابلس، بعد تعرضه لقصف بالقذائف العشوائية مساء أول من أمس، وأكدت إدارة المطار «عودة فتح المجال الجوي لمطار معيتيقة الدولي، ومباشرة الشركات قبول الركاب». مشيرة إلى توافد حجاج بيت الله الحرام إلى المطار، استعدادا لإقلاع أولى الرحلات من مطار معيتيقة.
وتسبب قصف بالقذائف، لم تتبن أي جهة مسؤوليتها عنه، في توقف الملاحة الجوية في المطار المقام داخل قاعدة معيتيقة الجوية، المنفذ الجوي الوحيد في غرب ليبيا.
وعاد إلى مدينة بنغازي بشرق ليبيا، أمس، قائد الطائرة الحربية التابعة للجيش الوطني، الذي اضطر للهبوط أول من أمس في الأراضي التونسية إثر عطل أصاب أجهزة الطائرة. وجاءت العودة فيما سعت حكومة السراج إلى الدخول على الخط لمنع عودة الطيار، أو استرداد الجيش للطائرة، حيث أعلنت وزارة الخارجية الموالية للحكومة أنها شكلت لجنة برئاسة القائم بأعمال السفارة الليبية في تونس للتواصل مع السلطات التونسية بشأن هذه الطائرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».