كاميرون يحذر الاسكوتلنديين من «طلاق مؤلم» في آخر خطاب قبل الاستفتاء

حذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس من أن فوز مؤيدي الاستقلال في الاستفتاء حول انفصال اسكوتلندا عن المملكة المتحدة المقرر الخميس سيكون «طلاقا مؤلما». وقال كاميرون أيضا مخاطبا الناخبين: «أرجوكم، لا تحطموا هذه العائلة». وجاءت تصريحاته في خطاب في ميناء أبردين خلال زيارة يقوم بها لاسكوتلندا عشية الاستفتاء في محاولة أخيرة لتفادي الانفصال.
ومع اقتراب موعد الاستفتاء الخميس، بات الفارق ضئيلا جدا بين المعسكرين، ولو أن الرافضين ما زالوا في الصدارة بنسبة متدنية في ثلاثة من استطلاعات الرأي الأربعة التي جرت في نهاية الأسبوع. وتوقع تحقيق أجراه معهد أوبينيوم وصحيفة «ذي أوبزيرفر» فوز الوحدويين بـ53 في المائة من الأصوات.
ولفت معهد الاستطلاع إلى أن «المخاوف الرئيسية لأنصار رفض الاستقلال تتعلّق بقدرة حكومة اسكوتلندية مستقلة على الوفاء بالتزاماتها الاقتصادية، ولا سيما على صعيد الصحة والتقاعد».
وشهدت العاصمة البريطانية مظاهرة مؤيدة لإبقاء اسكوتلندا جزءا من المملكة المتحدة في وقت تتصاعد الأصوات البريطانية المختلفة مطالبة اسكوتلندا بعدم الانفصال.
ولا يزال الغموض يكتنف مصير المملكة المتحدة على بعد 3 أيام على إجراء استفتاء تاريخي بشأن استقلال اسكوتلندا بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي تقارب النتائج بين مناهضي الاستقلال والمؤيدين له.
وخرجت الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا عن صمتها بشأن قضية الاستفتاء على استقلال اسكوتلندا، وقالت لأحد أفراد الشعب أول من أمس (الأحد) إنها تتمنى أن يفكر الاسكوتلنديون مليا بشأن المستقبل وهم يدلون بأصواتهم في الاستفتاء الذي قد يسفر عن تفتت المملكة المتحدة.
جاءت تصريحات الملكة أثناء خروجها من الصلاة الصباحية في إحدى كنائس منطقة كراثي قرب منطقة بالمورال مقر العائلة المالكة في اسكوتلندا ردا على ملحوظة من أحد المواطنين بأنها لم تذكر شيئا عن الاستفتاء. ونقلت صحيفة تايمز عن الملكة قولها «أتعشم أن يفكر الناس بإمعان بشأن المستقبل».
ومن شأن الاستفتاء الذي سيجرى يوم الخميس المقبل أن يسفر عن تقسيم المملكة المتحدة، وعلى الرغم من أنه من المفترض أن تؤيد الملكة إليزابيث بقاء الاتحاد على ما هو عليه فقد التزمت الحرص البالغ وتجنبت الإدلاء بتصريحات علنية عن الاستفتاء.
وقال مصدر في قصر بكنغهام لرويترز «إنه أمر يتسم بالتجرد الكامل ويعزز فكرة أنه أمر من اختصاص شعب اسكوتلندا». وأضاف «الملكة محايدة بحكم الدستور بعيدا عن السياسة وتقول دوما إنه أمر يخص شعب اسكوتلندا».
وأيا كانت نتيجة استفتاء يوم الخميس فلا يزال من المحتمل أن تظل الملكة إليزابيث ملكة اسكوتلندا لأن معظم الاسكوتلنديين يحرصون على الإبقاء عليها رئيسة للدولة حتى إذا كان قرارهم الاستقلال.
وقال رئيس الحزب القومي الاسكوتلندي أليكس سالموند، الذي يتزعم الحملة من أجل الاستقلال، لـ«بي بي سي» إنه على ثقة بفوز الحملة المؤيدة للاستقلال في الاستفتاء، مشيرا إلى أن الأولوية بعد تلك الخطوة ستكون لم شمل الاسكوتلنديين للعمل لصالح مستقبل البلاد.
وأضاف سالموند وهو رئيس الحكومة المحلية في اسكوتلندا «نحن لا نهدف إلى الفوز بفارق صوت واحد بل لتحقيق أغلبية كبيرة إذا كان هذا ممكنا وأحد مرتكزات حملة تأييد الاستقلال أننا لا نعد أي منطقة جغرافية في اسكوتلندا أو شريحة من المجتمع الاسكوتلندي بعيدة عن متناولنا».
من جهته، نبه أليستر دارلينغ، وهو من اسكوتلندا، وشغل في السابق منصب وزير المالية في الحكومة المركزية بلندن ورئيس الحملة المناهضة للاستقلال، مواطنيه إلى أن التصويت على الانفصال عن بريطانيا سيكون قرارا لا رجعة عنه.
وأشار دارلينغ إلى أن اسكوتلندا ستنال العرض الأفضل في حال رفض الاستقلال نظرا لوعود الساسة البريطانيين بمنح الحكومة المحلية المزيد من الصلاحيات في حال فازت في الاستفتاء الحملة المناهضة للانفصال.
في غضون ذلك، قام رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس بآخر زيارة له إلى اسكوتلندا دعما لرفض الاستقلال عن بريطانيا قبل الاستفتاء التاريخي حول الانفصال، في وقت تشير فيه استطلاعات الرأي إلى اشتداد المنافسة بين الرافضين والمؤيدين.
وشهدت اسكوتلندا الأحد نشاطا محموما للفريقين المؤيد والرافض للاستقلال غير أن إعدام تنظيم الدولة الإسلامية الرهينة الاسكوتلندي ديفيد هينز البالغ من العمر 44 عاما ألقى بظلاله على الحملة. ومع اقتراب موعد الاستفتاء الخميس، بات الفارق ضئيلا جدا بين المعسكرين، ولو أن الرافضين ما زالوا في الصدارة بنسبة متدنية في ثلاثة من استطلاعات الرأي الأربعة التي جرت في نهاية الأسبوع.
وتوقع تحقيق أجراه معهد أوبينيوم وصحيفة ذي أوبزيرفر فوز الوحدويين بـ53 في المائة من الأصوات.
ولفت معهد الاستطلاع إلى أن «المخاوف الرئيسة لأنصار رفض الاستقلال تتعلّق بقدرة حكومة اسكوتلندية مستقلة على الوفاء بالتزاماتها الاقتصادية، ولا سيما على صعيد الصحة والتقاعد».
وعلق مدير حملة رفض الاستقلال بلير ماكدوغال «إن كان علينا استخلاص عبرة من استطلاعات الرأي الأربعة هذه، فهو أن كل صوت له وزنه. لا مجال لتصويت احتجاجي حين يكون الرهان على هذه الدرجة من الأهمية».
وقال خصمه مدير حملة المؤيدين للانفصال بلير جنكينز إن «استطلاعات الرأي تشير إلى أن الكفة يمكن أن ترجح لصالح أي من الطرفين». وعلى الرغم من أنهم غير واثقين من النتيجة التي ستخرج من صناديق الاقتراع، باشر مؤيدو الانفصال التحضير لاحتمال استقلال اسكوتلندا.
وقال سالموند متحدثا للبي بي سي إن «أول ما سيتعين القيام به هو جمع كل الاسكوتلنديين» متعهدا بضم كل الذين «لديهم ما يقدمونه» سواء كانوا من الاستقلاليين أو من الوحدويين. وذكر سالموند أن اتصالات جرت مع «اختصاصيين في مجموعة من المجالات» تحضيرا لاحتمال فوز الاستقلاليين.
وفي غضون ذلك، تظاهر حنو ألفين من مؤيدي الاستقلال في شوارع غلاسكو وصولا إلى مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون في هذه المدينة احتجاجا على تغطيتها لحملة الاستفتاء باعتبارها منحازة لرافضي الاستقلال، وهو ما نفته «بي بي سي».
وإزاء مخاطر الانقسامات التي قد يثيرها الاستفتاء، دعا قادة الكنيسة الاسكوتلندية أيضا إلى وحدة الصف.
وقال جون تشالمرز المسؤول الكبير في الكنيسة الاسكوتلندية في عظة ألقاها في كاتدرائية القديسة مريم في أدنبره «على الذين سيصوتون بنعم كما الذين سيصوتون بلا أن يتذكروا أننا جميعنا اسكوتلنديون». وان لم يكن جرى ذكر السياسة خلال القداس، فإن الأحاديث خارج الكنيسة تناولت هذه المسالة.
وقال توني مادون (67 عاما) وهو متطوع يعمل في الكاتدرائية «أنا وزوجتي نؤيد بوضوح رفض الاستقلال، إننا بريطانيون»، مضيفا «الأهم هو أن تشجع الكنيسة الناس على الإدلاء بأصواتهم حتى يتمكن كل واحد من إسماع صوته». وسعيا لترجيح الكفة لصالحهم، يضاعف مؤيدو الاستقلال المبادرات، ووصل بهم الأمر إلى حد دعوة الشبان الاسكوتلنديين إلى الترويج للاستقلال خلال الغداء العائلي يوم الأحد، بهدف إقناع كبار السن الذين يعدون الأكثر رفضا لتقسيم بريطانيا.
ومن المنتظر أن يحاول كاميرون زعيم حزب المحافظين في إنجلترا استمالة مشاعر الاسكوتلنديين بتشبيه المملكة المتحدة التي تضم إنجلترا وويلز واسكوتلندا وآيرلندا الشمالية كأسرة واحدة.
وطبقا لمقتطفات وزعها مكتب رئيس الوزراء البريطاني على وسائل الإعلام سيقول كاميرون في كلمته «لا رجعة عن هذا. لا عرض ثان إذا صوتت اسكوتلندا بنعم» على الانفصال.
ومن المرجح أن يكرر كاميرون الرسالة الرافضة للاستقلال «نحن معا أفضل»، وأن اسكوتلندا داخل المملكة المتحدة تستفيد من مزايا الانتماء إلى كيان أكبر وأكثر نفوذا وفي الوقت نفسه تتمتع بوضع متنام للحكم الذاتي.
يذكر أن ديفيد بيكام نجم كرة القدم المعتزل أضاف اسمه على التماس وقعه مشاهير إنجلترا لحث الاسكوتلنديين على البقاء في المملكة المتحدة. ونظمت مساء أمس حملة المشاهير «فلنبق معا» في ميدان الطرف الأغر في لندن لمناشدة الاسكوتلنديين التصويت بلا في الاستفتاء على الانفصال.
من جهته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فو راسموسن أمس إنه لا يعتقد أن الاستفتاء على الاستقلال الذي سيجري في اسكوتلندا هذا الأسبوع سيؤثر على مساهمة بريطانيا في الحلف بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء.
وقال راسموسن ردا على سؤال طرح في مناسبة نظمها معهد كارنيغي يوروب للأبحاث «من دون أن أتدخل في الجدل المؤدي إلى الاستفتاء لا أرى أن أي نتيجة للاستفتاء الاسكوتلندي ستؤثر على مساهمة المملكة المتحدة في حلف شمال الأطلسي».
وفي حالة اختيار الاسكوتلنديين الاستقلال عن بريطانيا سيكون على البلاد التقدم بطلب للانضمام إلى الحلف، ولم يذكر راسموسن الوقت الذي سيستغرقه ذلك. وأضاف «إذا أرادت دولة مستقلة جديدة أن تكون عضوا في حلف شمال الأطلسي عليها أن تقدم طلب عضوية للحلف».