قائد الجيش الجزائري يعتبر التتويج الكروي القاري «رداً قوياً على العصابة»

وصف نقل المشجعين إلى القاهرة في طائرات سلاح الجو بـ«المهمة العسكرية الخاصة»

خلال استقبال فريق الكرة الجزائري العائد منتصراً (أ.ف.ب)
خلال استقبال فريق الكرة الجزائري العائد منتصراً (أ.ف.ب)
TT

قائد الجيش الجزائري يعتبر التتويج الكروي القاري «رداً قوياً على العصابة»

خلال استقبال فريق الكرة الجزائري العائد منتصراً (أ.ف.ب)
خلال استقبال فريق الكرة الجزائري العائد منتصراً (أ.ف.ب)

أحدث قائد الجيش الجزائري الجنرال قايد صالح، ربطاً استغربه مراقبون بين تتويج منتخب البلاد بكأس أفريقيا للأمم، ورموز النظام الذين أدخلهم السجن بتهم متعددة. فقد ذكر أمس أن «اعتزاز الجزائريين بانتمائهم للجزائر الذي عبروا عنه داخل الوطن وخارجه، هو بمثابة رد قوي على العصابة وأذنابها».
وذكر صالح، أمس، في تهانٍ وجهها لأطقم الطائرات العسكرية التي نقلت مئات المشجعين إلى مصر، لمتابعة نهائي البطولة الأفريقية، الجمعة الماضي، أن «الجزائريين ردوا على العصابة وكل المشككين في وحدة هذا الشعب»، من دون توضيح ماذا يقصد، كما لم يبين وجه العلاقة بين الإنجاز الكروي القاري، وما يسميه «العصابة» التي يقصد بها أساساً السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، ومحمد مدين مدير المخابرات سابقاً، وهما موجودان بالسجن منذ شهرين، بتهمتي «التآمر على سلطة الدولة» و«التآمر على الجيش».
وفهم مراقبون من خطاب صالح، الذي نشرته وزارة الدفاع بموقعها الإلكتروني، أن المقصود بـ«وحدة الشعب»، الراية الأمازيغية التي يرفعها قطاع من المتظاهرين في الحراك أيام الجمعة، وهذا منذ 5 أشهر، وقد غابت من مشاهد الاحتفالات بمناسبة فوز المنتخب الوطني بكأس أفريقيا. وتم سجن العشرات من رافعي هذه الراية التي ترمز لخصوصية ثقافية، واتهمتهم السلطات بـ«تهديد الوحدة الوطنية»، وهاجمهم الجنرال صالح عدة مرات وقال عنهم إنهم «من بقايا العصابة». ورد عليه المتظاهرون بهجوم أكثر حدة، وطالبوه بالتنحي من السلطة.
وبين صالح والحراك علاقة متوترة، رغم أنه أجبر بوتفليقة على التنحي مستجيباً بذلك لمطلب شعبي. فهو يرفض الاستجابة لإرادة المتظاهرين، عزل الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي. ويريد التوجه بسرعة نحو انتخابات رئاسية، فيما يعارض الحراك ذلك. وفي كل خطاب يقرأه (تقريباً كل أسبوع)، يهاجمهم ويرفض نظرتهم إليه بأنه يبحث عن فرض تصور للخروج من الأزمة، خاص به. وهو هدد أمس «كل من تسول له نفسه التشكيك في وحدة هذا الشعب، وغيرته الكبيرة على وطنه». وعد ذلك موجهاً بشكل مباشر لرافعي راية الأمازيغ.
واعتبر صالح نقل المشجعين الرياضيين إلى مصر «مهمة عسكرية»، فقد تحدث عن «أداء باهر ومتميز لقواتنا الجوية خلال مهمة نقل المناصرين الجزائريين، إلى القاهرة، لمؤازرة وتشجيع الفريق الوطني لكرة القدم بمناسبة نهائي كأس أفريقيا للأمم 2019 (..) إنني أتوجه إلى كافة أطقم الطائرات العسكرية التسع، الذين نجحوا في أداء هذه المهمة العسكرية الخاصة، بأخلص التهاني وأصدق عبارات الشكر والامتنان على العمل المتميز المؤدى، والجهود المثابرة المبذولة التي شرفت الجزائر والجيش الوطني الشعبي أيما تشريف».
ومما جاء في تهاني صالح لضباط القوات الجوية، أنهم «ساهموا بصنيعهم هذا في بث الفرحة والبهجة في قلوب الجزائريين الذين عبروا بإحساس صادق داخل وخارج الوطن، عن اعتزازهم منقطع النظير لانتمائهم لوطن اسمه الجزائر، رافعين ومتوشحين بالعلم الوطني في كل ربوع الوطن وحتى خارجه، وهي مناسبة أخرى أثبت فيها الشعب معدنه الأصيل والنقي وتقديسه لرموزه الخالدة ووفاءه لرسالة الملايين من الشهداء الأبرار». ويبدي صالح، كلما تحدث، ثناء لكل ما يرمز لثورة التحرير (1954 - 1962) كالشهداء والعلم الوطني، وهو نفسه عضو في «حرب الاستقلال».
وأكد قائد الجيش أنه «بقدر ما يعتبر هذا النجاح المحقق ثمار الجهود المبذولة طيلة مساركم المهني، ونتيجة لروح المثابرة على العمل الجاد والإصرار الشديد على تحقيق الهدف المتوخى، فإنه يعد مرآة حقيقية تعكس مستوى الجهود المضنية التي تبذلها القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، ليس فقط على مستوى القوات الجوية بل تتعداه لتشمل كافة مكونات الجيش الوطني الشعبي، الرامية إلى الرفع المتواصل للجاهزية القتالية والعملياتية لقواتنا المسلحة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».