الرئيس الأميركي يلتقي قادة الديمقراطيين لبحث أزمة الحدود

بومبيو شكر المكسيك على جهودها للحد من الهجرة غير الشرعية

 السيناتور شومر
السيناتور شومر
TT

الرئيس الأميركي يلتقي قادة الديمقراطيين لبحث أزمة الحدود

 السيناتور شومر
السيناتور شومر

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه سيعقد اجتماعاً «في أقرب وقت ممكن» مع زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، الديمقراطي تشاك شومر، لبحث مسألة الهجرة، والأزمة الإنسانية على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، بسبب زيادة تدفق المهاجرين غير الشرعيين القادمين من أميركا اللاتينية.
وقال ترمب، في وقت متأخر من مساء الأحد، إنه سيعقد اجتماعاً مع شومر، بعد أن قام الأخير بجولة مع عشرات الديمقراطيين في مركز احتجاز المهاجرين على الحدود الجنوبية. وغرّد ترمب قائلاً: «ذهب السيناتور تشاك شومر أخيراً إلى الحدود الجنوبية، مع بعض أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين. هذا شيء عظيم! بالقرب منه، كانت هناك مجموعة كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين يحاولون دخول الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية؛ تسببوا في هرع حرس الحدود، وأصيب بعض الوكلاء بجروح خطيرة».
وتابع: «بناءً على التصريحات التي أدلى بها السيناتور شومر، يجب أن يكون قد رأى مدى خطورة وسوء حالة بلادنا. إنها ليست (أزمة مصطنعة)، كما حاولت وسائل الإعلام الكاذبة، وشركاؤها الديمقراطيون، تصويرها. قال إنه يريد اللقاء. سوف أقوم بإعداد اجتماع في أسرع وقت ممكن!».
وفي الوقت الذي كان فيه السيناتور شومر يقوم بجولته على الحدود، حاولت مجموعة كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين دخول الولايات المتحدة، وهو ما تسبب في حالة طوارئ بين عملاء الحدود، الذين أصيب بعضهم بجروح في أثناء محاولتهم منع المهاجرين من عبور الحدود.
وتمّ إغلاق الجسر الدولي الذي يربط جنوب تكساس بمدينة رينوسا بالمكسيك. وقالت وكالة الجمارك إن العملاء أُجبروا على استخدام الغاز المسيل للدموع لإيقاف مجموعة المهاجرين، وتم الاعتداء على بعض العملاء.
واستغل ترمب الحادث للتأكيد على الحاجة الملحة لتغيير قوانين اللجوء والهجرة في الولايات المتحدة. ويتّهم الديمقراطيون، بمن فيهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية شومر، الرئيس ترمب باصطناع أزمة المهاجرين على الحدود. وخلال الإغلاق الجزئي للحكومة، الذي استمر 35 يوماً، قال شومر إن ترمب كان يصنع أزمة لتحويل الانتباه عن الاضطرابات في إدارته. وينتقد الديمقراطيون بشدة سياسة فصل العائلات في مراكز احتجاز للمهاجرين على الحدود، فضلاً عن سوء الظروف المعيشية داخل هذه المراكز، بينما يلقي ترمب، ومعه الجمهوريون، باللوم على الديمقراطيين فيما يحدث على الحدود، بسبب عدم رغبتهم في تغيير القوانين، وسد الثغرات الموجودة في نظام الهجرة واللجوء.
ويأتي ذلك وسط جدل ساخن في واشنطن حول من ينبغي السماح له بالحصول على الجنسية الأميركية، بعد موجة الغضب التي أعقبت هجوم الرئيس ترمب على 4 نائبات في الكونغرس، ومطالبته لهن بالعودة إلى «بلادهن».
من جهته، أشاد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الذي زار المكسيك أول من أمس، بجهود الجارة الجنوبية في خفض أعداد المهاجرين غير الشرعيين، وذلك قبل يوم واحد من الموعد النهائي الذي فرضته واشنطن لتقييم التقدم المحرز، كما ذكرت وكالة «رويترز».
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الأميركية، الأحد: «تشير المؤشرات الأولية» إلى أن الجهود المكسيكية «تؤدي إلى انخفاض تدفق المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة». وتوصلت الدولتان، في 7 يونيو (حزيران) الماضي، إلى اتفاق وافقت بموجبه المكسيك على بذل المزيد من الجهود لمنع الهجرة من أميركا الوسطى إلى الولايات المتحدة، من أجل تجنب فرض رسوم جمركية عقابية هدد بها الرئيس الأميركي.
وبدأت المكسيك باتخاذ تدابير، من بينها نشر قوات على حدودها مع الولايات المتحدة وغواتيمالا. وتقول شرطة الحدود الأميركية إنها سجلت انخفاضاً بنسبة 28 في المائة في عدد المهاجرين غير الشرعيين في شهر يونيو (حزيران)، مقارنة بشهر مايو (أيار) الماضي.
وكانت الولايات المتحدة قد هددت أيضاً بأنها إذا توصلت إلى نتائج مفادها أن المكسيك لم تحرز تقدماً كافياً، فإنها ستعلن أن المكسيك «دولة ثالثة آمنة»، مما يعني أن المهاجرين من أميركا الوسطى سيتعين عليهم عندئذ التقدم بطلب للحصول على اللجوء في المكسيك، وليس في الولايات المتحدة.
لكن وزارة الخارجية المكسيكية قالت إن وزير الشؤون الخارجية المكسيكي مارسيلو إبرارد أبلغ بومبيو أنه بسبب التقدم المحرز، فإنه «لا يعتبر من الضروري البدء في أي نوع من المفاوضات» بشأن اتفاق دولة ثالثة.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تتخذ إجراءات جديدة بحق المشتبه بتهريبهم مهاجرين

أوروبا صورة ملتقطة بواسطة طائرة مسيّرة تظهر قارباً مطاطياً يحمل مهاجرين وهو يشق طريقه نحو بريطانيا في القنال الإنجليزي  6 أغسطس 2024 (رويترز)

بريطانيا تتخذ إجراءات جديدة بحق المشتبه بتهريبهم مهاجرين

أعلنت الحكومة البريطانية، الخميس، أنّ الأشخاص المشتبه بأنّهم يقومون بتهريب مهاجرين، سيواجهون حظراً على السفر وقيودا تحول دون وصولهم إلى منصات التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا (من اليسار إلى اليمين) الممرضات الأفغانيات مادينا أعظمي ورويا صديقي وتهمينة أعظمي يقمن بالتوليد والتمريض في مستشفى خاص بكابل - 24 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

لاجئون أفغان يعيشون «سجناء» الخوف في باكستان

أصبحت حياة شهرزاد تقتصر على باحة بيت الضيافة الذي تعيش فيه في باكستان، إذ بعدما كانت تأمل أن تجد الحرية بعد هروبها من سلطات طالبان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم العربي عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم (أ.ف.ب)

عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم 

هناك 300 ألف نازح سوري عادوا من لبنان إلى بلادهم بعد العفو العام الذي صدر عن السلطات السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا وزير الهجرة واللجوء السويدي يوهان فورسيل (أ.ب)

السويد تسعى إلى تشديد القيود على طلبات اللجوء

أعلنت الحكومة السويدية اليوم الثلاثاء أنها أعدت مشروع قانون من شأنه الحد من قدرة طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم على تقديم طلبات جديدة من دون مغادرة البلاد.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟