سباحون سوريون... من اللجوء إلى بطولة العالم للسباحة

السباحة السورية اللاجئة يسرا مارديني في بطولة العالم للسباحة في غوانغجو بكوريا الجنوبية (أ.ف.ب)
السباحة السورية اللاجئة يسرا مارديني في بطولة العالم للسباحة في غوانغجو بكوريا الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

سباحون سوريون... من اللجوء إلى بطولة العالم للسباحة

السباحة السورية اللاجئة يسرا مارديني في بطولة العالم للسباحة في غوانغجو بكوريا الجنوبية (أ.ف.ب)
السباحة السورية اللاجئة يسرا مارديني في بطولة العالم للسباحة في غوانغجو بكوريا الجنوبية (أ.ف.ب)

بعد أربعة أعوام على هروبها من القذائف التي دمرت بلدها الأم سوريا وصراعها مع أمواج البحر المتوسط، تواصل السبّاحة السورية يسرا مارديني صراعاً من نوع آخر في أحواض البطولات والمسابقات العالمية، وهذه المرة في كوريا الجنوبية التي تستضيف النسخة 18 من بطولة العالم للسباحة التي يشارك فيها أيضاً أيمن كلزية للمرة الثانية.
قصة مارديني التي ستجد طريقها إلى شاشات السينما بإنتاج هوليوودي، تصدرت العناوين من حول العالم في صيف 2015 حين غادرت وشقيقتها السبّاحة أيضاً سارة، دمشق، منضمتين إلى موجة جديدة من السوريين الذين فقدوا الأمل في رؤية نهاية قريبة للصراع الدائر في بلدهم، فسافرتا إلى لبنان ثم تركيا حيث دفعتا المال للمهربين من أجل إيصالهما إلى اليونان.
في المحاولة الأولى للهرب، تمكن خفر السواحل التركي من إيقاف القارب وإعادته. وفي محاولتهما الثانية كاد القارب المطاطي الصغير أن يودي بحياتهما ومن معهما، إذ إنه، وفي غضون نصف ساعة فقط، كانت المياه تتدفق داخله بسبب عدم تحمل عدد راكبيه الذين لا يجيدون السباحة بمعظمهم.
تمسكت الشقيقتان بالحبال المتدلية من جوانب القارب لثلاث ساعات، حتى وصلتا إلى شاطئ جزيرة لسبوس اليونانية. وما أن وطئت أقدامهما بر الأمان حتى اتصلتا بوالدهما عزت الموجود في الأردن: «بابا، لقد نجحنا! نحن في اليونان!» التي «وصلت إليها بسروال جينز وقميص فقط»، بحسب ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية، أمس، من غوانغجو الكورية الجنوبية.
وبعد رحلة برية طويلة دامت أسابيع أوصلتهما إلى النمسا مروراً بالمجر، وصلت الشقيقتان إلى برلين وانضمتا بعد فترة وجيزة إلى أحد أندية السباحة القريبة من مخيم اللاجئين، بفضل المترجم المصري في المخيم الذي عرفهما على المدرب سفين سبانيكربس.
الآن وبعد أربعة أعوام ومشاركة أولمبية تاريخية في ألعاب ريو 2016 كأحد أعضاء فريق اللاجئين الذي اختارته اللجنة الأولمبية الدولية للمنافسة تحت رايتها، تحاول مارديني التي أصبحت في الحادية والعشرين من عمرها العمل على تحسين أدائها عوضاً عن الاكتفاء بالمشاركة الشرفية.
لكن اختبارها الأول في غوانغجو الكورية الجنوبية لم يرتقِ إلى مستوى طموحاتها، إذ اكتفت بتسجيل 1:8.79 دقيقة في تصفيات سباق 100 متر فراشة، وفشلت في تحسين رقمها الشخصي منهية محاولتها في المركز السابع والأربعين بفارق 12 ثانية عن بطلة العالم السويدية سارا سيوستروم.
وأقرت السباحة السورية للوكالة الفرنسية: «إني لست حقاً راضية. عانيت من مشاكل في كتفي لكني عدت إلى التمارين. ما زال أمامي سباق 100 م حرة وأتطلع لخوضه».
وتطرقت مارديني في حديثها للوكالة، إلى مشاركتها في ألعاب ريو 2016. مشيرة إلى أنه «في البداية، رفضت أن أكون ضمن فريق لاجئين لأني كنت خائفة من أن يعتقد الناس بأني حصلت على هذه الفرصة بسبب قصتي. أردت أن أستحقها (فرصة المشاركة). لكني أدركت بعدها أني أمام فرصة كبيرة لتمثيل هؤلاء الناس (اللاجئون)، فاغتنمت الفرصة ولم أندم عليها يوماً». وتابعت: «ريو كانت رائعة. كنت متحمسة حقاً لرؤية رد فعل الناس. الآن أنا أمثل ملايين النازحين حول العالم وهو ما يجعلني أشعر بالفخر حقاً».
مارديني بعيدة الآن كل البعد عن الحياة في سوريا، حيث غالباً ما «كانت النوافذ المحيطة بالمسبح تتكسر في بعض الأحيان جراء القذائف. «كنا خائفين طوال الوقت».
ولا يختلف وضع أيمن كلزية كثيراً عن زميلته ومواطنته مارديني، إذ اضطر للهرب من سوريا، قبل المشاركة في دورة الألعاب الآسيوية عام 2014 في إينشيون الكورية الجنوبية. وبعد خمسة أعوام، يعود ابن الـ26 عاماً إلى كوريا الجنوبية وفي جعبته العديد من الأرقام القياسية المحلية، بينها 50 و100 و200 متر فراشة.
وكشف كلزية الذي يعيش الآن في جزيرة فوكيت التايلاندية، أنه «عندما بدأت الحرب، كنت قد انتقلت للتو إلى دمشق ولم أتمكن من العودة إلى حلب. لكن حتى في دمشق، كانت القذائف تنفجر في بعض الأحيان في المسبح الذي نتدرب فيه. كانت هناك هجمات حتى على الفندق الذي نزلت فيه. كنت محظوظاً».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.