عملية «خان يونس» الفاشلة تُطيح ضابطاً رفيعاً في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية

TT

عملية «خان يونس» الفاشلة تُطيح ضابطاً رفيعاً في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية

بعد إطاحة ضابطين اثنين من قادة عملية «خان يونس» الإسرائيلية الفاشلة، أطيح ضابط آخر رفيع في شعبة الاستخبارات العسكرية بالجيش (أمان)، واستبدل به ضابط سابق أعيد من الخدمة الاحتياطية. وقد عدّت هذه الاستقالة دليلاً على أن عاصفة تهب في صفوف قيادات هذه الشعبة وتؤدي إلى سقوط رؤوسها الواحد تلو الآخر.
وقد كشفت أوساط أمنية، أمس الأحد، عن أن هذا الضابط الرفيع ويرمز إليه بالحرف «ي»، الذي كان أحد كبار المسؤولين عن تخطيط العملية الفاشلة، التي وقعت في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قدم استقالته بشكل مفاجئ في نهاية الأسبوع، بعدما فهم أن نيران نتائج التحقيق في فشل العملية تقترب منه شخصياً، وتتهمه بقتل قائده. وحتى لا تتقرر إقالته، استبق الحدث واستقال.
وكانت العملية المذكورة قد استهدفت زرع أجهزة رصد دقيقة في موقع حساس بمدينة خان يونس في قطاع غزة. وتم كشف رجال «الكوماندوز» التابع لشعبة «أمان» بالصدفة، في حاجز طيار أقامته قوة من «كتائب الشهيد عز الدين القسّام»؛ الجناح العسكري لحركة «حماس»، فبادر الجنود الإسرائيليون إلى إطلاق الرصاص عليهم، وخلال تبادل الإطلاق قتل قائد الفرقة الإسرائيلية وأصيب ضابط آخر، وقتل 6 من عناصر «حماس». وتبين من التحقيقات أن أحد الضباط الإسرائيليين برتبة مقدم، هو الذي قتل قائده، وهو أيضاً برتبة مقدم، برصاصة من مسدس كاتم للصوت. ولذلك قرر الاستقالة.
وبهذا؛ يكون 3 من كبار المسؤولين في «أمان» قد تركوا الجهاز، ويتوقع أن يتركه المزيد، علماً بأن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، كان قد أقال رئيس العمليات في «أمان» بجريرة هذا الفشل، وأعاد رئيسها السابق إلى قيادتها. ومع أن جلب قائد من الخارج أثار موجة تذمر، فإن كوخافي قرر جلب ضابط آخر من الاحتياط ليحل محل المقدم «ي».
ونقلت مصادر من التحقيق، أمس، أن أداء الفرقة المذكورة كان سيئاً بصورة متطرفة لا تلائم «وحدة العمليّات الخاصّة» في «أمان»، المعروفة بعمليات ضخمة نفذتها في إيران وسوريا ولبنان والعراق وكثير من الدول الأخرى. وأضافت أن التحقيقين اللذين أجراهما طاقمان خارجيّان، كل على حدة، أفادا بأن القوة المذكورة ارتكبت سلسلة أخطاء دفعتها إلى الفشل المحتوم؛ «وحتى تركيبة هذه الفرقة لم تكن سليمة».
وأكدت مصادر إعلامية مطلعة في تل أبيب أن شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تعاني أزمة شديدة، منذ هذه العملية الفاشلة. وقد كلف قائدها القديم - الجديد، العمل على إعادة بناء هذا اللواء من جديد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.