طارق عبد الرحمن المؤيّد وزير الإعلام البحريني الأسبق

طارق عبد الرحمن المؤيّد وزير الإعلام البحريني الأسبق
TT

طارق عبد الرحمن المؤيّد وزير الإعلام البحريني الأسبق

طارق عبد الرحمن المؤيّد وزير الإعلام البحريني الأسبق

دون الإقلال من أهميّتهم وفُرصهم الكبيرة في النجاح والتفوّق، فإنه ليس من الضروري أن يكون المختصون (التكنوقراط) هم الأنجح في الإدارة العليا لتوجيه دفّة الإعلام أو الصحة أو التعليم أو غيرها، حيث توجد شواهد عدّة نجح فيها غيرهم الذين حذقوا فنّ الإدارة والعلاقات الإنسانيّة، لكن المختص يبقى هو من يميل الاختيار إليه قبل غيره إذا توافرت لديه مقوّمات النجاح في إذابة البيروقراطيّة، إلى جانب المواهب القياديّة الأخرى.
تبرز هذه المقدمة في حال كثيرين؛ منهم شخصيّة هذا المقال، ذو التخصّص في الاقتصاد، ومع ذلك؛ فإنه كان في عهده من أمْيَز وزراء الإعلام في العالم العربي، وفي منطقة الخليج خصوصاً.
كان المؤيّد - المولود عام 1943 والمتوفّى في لندن عن عمر لم يتجاوز 56 عاماً إثر نوبة قلبيّة - قد شغل حقيبة الإعلام في البحرين عام 1973 بالإضافة إلى تكليفه رئاسة المجلس الأعلى للسياحة، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الفترة من 1981 إلى 1985، ورئاسة جمعية الهلال الأحمر والصليب الأحمر العربي في الفترة من 1981 إلى 1983، كما كان، بحكم منصبه وزيراً للإعلام، رئيس مجلس إدارة «وكالة أنباء الخليج» التي كان وزراء إعلام دول الخليج قرروا عام 1976 استحداثها، وبدأت عملها عام 1978 لكنها تعثّرت، وتبنّتها البحرين في عهد وزير الإعلام الدكتور نبيل الحمر الذي كان أول مدير عام لها عندما استحدثت عام 1978.
وقد بقي الراحل المؤيّد في وزارة الإعلام إلى عام 1995 حين طلب التفرّغ لإدارة أعماله وتجارة أسرة المؤيّد الخاصة، وكان يُعَدّ حينها من أطول وزراء الإعلام مكوثاً في هذه الوظيفة، وخلَفه آنذاك في الوزارة محمد إبراهيم المطوّع وزير شؤون مجلس الوزراء.
وأسرة المؤيّد، كما هو معروف تاريخيّاً، بحرينيّة عريقة، بَنَت مجداً تجاريّاً رائداً مع بداية القرن العشرين، مقارباً لما أسّسته أسرة كانو وأمثالها، بدأ من المضاربة في اللؤلؤ، ثم امتدّ إلى الوكالات والتعهدات، وقد تخصّص كاتب السير والتراجم الإنجليزي مايكل فيلد (Michael Field) في الكتابة عن تلك البيوتات، ضمن كتابه «كبريات البيوت التجاريّة في السعودية ودول الخليج العربي» (في جزأين 1984) مشيراً فيه إلى بعض البيوت التجارية السعودية والخليجيّة؛ مثل: آل القصيبي، وزينل، والزامل، وآل كانو، وخصّ بعضهم بكتب مستقلّة تُرجمت للعربيّة، مثل كتابه عن سليمان صالح العليّان المولود في عنيزة عام 1918.
عرفتُ الأستاذ المؤيّد عام 1974 عندما استضافت البحرين ثالث اجتماع للتنسيق التلفزيوني لدول الخليج، وكان من مسؤولي الوزارة إلى جانبه حينها كل من عيسى بن محمد آل خليفة، وعيسى بن راشد آل خليفة، وأحمد سلمان كمال، ونبيل الحمر الذي بدأ يشعّ نجمه مع تولّيه مسؤوليّة «وكالة أنباء الخليج» عام 1978، ثم أصبح لاحقاً وزيراً للإعلام، ومستشار ملك البحرين لشؤون الإعلام.
توثّقت العلاقة مع المؤيّد بأكثر من ذكرى؛ منها افتقار التلفزيون البحريني إلى عربة نقل خارجي مزوّدة بأجهزة التسجيل المرئي (الفيديو) من شركة «أمبكس» الأميركيّة، فعَملَت وزارة الإعلام السعودية في عهد الراحل الملك فيصل على تأمينها وتقديمها هديّة لوزارة الإعلام بالبحرين، قدّرها طارق المؤيّد كل التقدير.
أما الثانية، فكانت إهداء وزارة الإعلام البحرينيّة في عهده نسخة من الفيلم الوثائقي الذي صوّره «استوديو الأهرام» لصالح «بنك مصر» في مكة المكرمة لموسم حج عام 1938 بموافقة الملك عبد العزيز الذي ظهر فيه يخطب وإلى جانبه عدد من أنجاله، ومن بينهم ابنه (الملك) سلمان وعمره 3 سنوات، وكانت القيمة التوثيقيّة لهذا الفيلم حصول التلفزيون السعودي عليه لأول مرة، وأن نسخته الأصل ضاعت ضمن مقتنيات أتى عليها حريق الاستوديو المذكور في مصر.
كان طارق المؤيّد في أثناء تولّيه مسؤوليّة الإعلام عمليّاً، يمثّل حراكاً ميدانيّاً، ومثالاً على الدماثة في تعامله مع الإعلاميين وحملة القلم، ورمزاً من رموز الحكومة البحرينيّة الذين استمرّوا مدداً طويلة فيها، كحال الدكتور علي محمد فخرو في التعليم، والدكتور جواد سالم العريّض في عدد من المناصب، ويوسف الشيراوي في الصناعة... الذين، وغيرهم، كانوا من القامات، ووجوهاً لبلد صغير في حجمه، كبير بتاريخه، يُضرب المثل بثقافته النوعيّة، وبتواضع إنسانه من ذكور ونساء.
- إعلامي وباحث سعودي


مقالات ذات صلة

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
TT

كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)

أثارت بيانات عن ارتفاع الإنفاق الإعلاني على محتوى الفيديو عبر الإنترنت خلال الربع الأول من العام الحالي، تساؤلات حول اتجاهات الناشرين في المرحلة المقبلة، لا سيما فيما يتعلق بتوجيه الطاقات نحو المحتوى المرئي بغرض تحقيق الاستقرار المالي للمؤسسات، عقب تراجع العوائد المادية التي كانت تحققها منصات الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي.

مؤسسة «لاب» LAB، وهي هيئة بريطانية معنية بالإعلانات عبر الإنترنت، كانت قد نشرت بيانات تشير إلى ارتفاع الإنفاق الإعلاني على الفيديو في بريطانيا خلال الربع الأول من عام 2024، وقدّر هذا النمو بنحو 26 في المائة مقارنة بالتوقيت عينه خلال العام الماضي، حين حققت الإعلانات عبر الفيديو عوائد مالية وصلت إلى 4.12 مليار جنيه إسترليني داخل المملكة المتحدة وحدها. وتتوقّع بيانات الهيئة استمرار النمو في عوائد الإعلانات في الفيديو حتى نهاية 2024، وقد يمتد إلى النصف الأول من 2025.

مراقبون التقتهم «الشرق الأوسط» يرون أن هذا الاتجاه قد ينعكس على خطط الناشرين المستقبلية، من خلال الدفع نحو استثمارات أوسع في المحتوى المرئي سواءً للنشر على المواقع الإخبارية أو على «يوتيوب» وغيره من منصّات «التواصل».

إذ أرجع الدكتور أنس النجداوي، مدير جامعة أبوظبي ومستشار التكنولوجيا لقناتي «العربية» و«الحدث»، أهمية الفيديو إلى أنه بات مرتكزاً أصيلاً لنجاح التسويق الرقمي. وحدّد من جانبه طرق الاستفادة من الفيديو لتحقيق عوائد مالية مثل «برامج شركاء (اليوتيوب) التي يمكن للناشرين من خلالها تحقيق أرباح من الإعلانات المعروضة في فيديوهاتهم».

وعدّد النجداوي مسالك الربح بقوله: «أيضاً التسويق بالعمولة عن طريق ترويج منتجات أو خدمات من خلال الفيديوهات والحصول على عمولة مقابل كل عملية بيع عبر الروابط التي تُدرج في هذه الفيديوهات... أما الطريقة الأخرى - وهي الأبرز بالنسبة للناشرين - فهي أن يكون المحتوى نفسه حصرياً، ويٌقدم من قبل مختصين، وكذلك قد تقدم المنصة اشتراكات شهرية أو رسوم مشاهدة، ما يوفر دخلاً مباشراً».

ومن ثم حدد النجداوي شروطاً يجب توافرها في الفيديو لتحقيق أرباح، شارحاً: «هناك معايير وضعتها منصات التواصل الاجتماعي لعملية (المونتايزيشن)؛ منها أن يكون المحتوى عالي الجودة من حيث التصوير والصوت، بحيث يكون جاذباً للمشاهدين، أيضاً مدى توفير خدمات تفاعلية على الفيديو تشجع على المشاركة والتفاعل المستمر. بالإضافة إلى ذلك، الالتزام بسياسات المنصة».

ورهن نجاح اتجاه الناشرين إلى الفيديو بعدة معايير يجب توفرها، وأردف: «أتوقع أن الجمهور يتوق إلى معلومات وقصص إخبارية وأفلام وثائقية وتحليلات مرئية تلتزم بالمصداقية والدقة والسرد العميق المفصل للأحداث، ومن هنا يمكن للناشرين تحقيق أرباح مستدامة سواء من خلال الإعلانات أو الاشتراكات».

في هذا السياق، أشارت شركة الاستشارات الإعلامية العالمية «ميديا سينس» إلى أن العام الماضي شهد ارتفاعاً في استثمارات الناشرين البارزين في إنتاج محتوى الفيديو، سواء عبر مواقعهم الخاصة أو منصّات التواصل الاجتماعي، بينما وجد تقرير الأخبار الرقمية من «معهد رويترز لدراسة الصحافة» - الذي نشر مطلع العام - أن الفيديو سيصبح منتجاً رئيسياً لغرف الأخبار عبر الإنترنت، وحدد التقرير الشباب بأنهم الفئة الأكثر استهلاكاً للمحتوى المرئي.

من جهة ثانية، عن استراتيجيات الاستقرار المالي للناشرين، أوضح أحمد سعيد العلوي، رئيس تحرير «العين الإخبارية» وشبكة «سي إن إن» الاقتصادية، أن العوائد المالية المستدامة لن تتحقق بمسلك واحد، بل إن ثمة استراتيجيات يجب أن تتضافر في هذا الشأن، وأوضح أن «قطاع الإعلام يواجه تغيّرات سريعة مع تزايد المنافسة بين المنصّات الرقمية وشركات التكنولوجيا الكبرى مثل (ميتا) و(غوغل) وغيرهما، كما تواجه هذه السوق تحدّيات كبيرة تتعلق بالاستقرار المالي واستقطاب المستخدمين، فلم يعد الاعتماد على نماذج الدخل التقليدية (سائداً)... وهو ما يفرض على وسائل الإعلام البحث عن طرق جديدة لتوفير الإيرادات وتقديم محتوى متميز يجذب الجمهور».

كذلك، أشار العلوي إلى أهمية الاعتماد على عدة استراتيجيات لضمان الاستقرار المالي لمنصات الأخبار. وعدّ المحتوى المرئي والمسموع إحدى استراتيجيات تحقيق الاستقرار المالي للناشرين، قائلاً: «لا بد من الاستثمار في المحتوى المرئي والمسموع، سواءً من خلال الإعلانات المُدمجة داخل المحتوى، أو الاشتراكات المخصصة للبودكاست والبرامج الحصرية، لكن التكيّف مع التغيرات السريعة في سوق الإعلام يدفع وسائل الإعلام لتطوير وتنويع مصادر دخلها، لتشمل عدة مسارات من بينها الفيديو».